البرلمان الإيراني يناقش التشكيلة الحكومية وبرنامجها

21 اغسطس 2021
تتكون التشكيلة الحكومية من 18 وزيراً (Getty)
+ الخط -

بدأ مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، اليوم السبت، مداولاته بشأن التشكيلة الحكومية الجديدة التي عرضها الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الأحد الماضي، على المؤسسة التشريعية لنيل ثقتها.  
وتتكون التشكيلة الحكومية من 18 وزيراً، 15 منهم لم يسبق توليهم مناصب وزارية. والوزراء المرشحون من أبناء المدرسة الفكرية السياسية المحافظة في إيران، والتي ينتمي إليها رئيسي نفسه.  
وفي كلمة له في جلسة البرلمان الإيراني، قال الرئيس الإيراني إن "التركيبة المقترحة لم يتم إعدادها تحت ضغوط أي شخص أو مجموعة محددة، ولا أساس من الصحة لما شاع على المواقع حول العلاقات السببية والعائلية".
وأضاف أن معياره في ترشيح وزرائه كان "مدى الشعبية والالتزام والبرامج"، قائلاً إنه انطلق في اختيار هذه التشكيلة في مسعى منه "لتجاوز الظروف الراهنة للبلاد".  

الأولويات الداخلية والخارجية 
وبالنسبة لأولويات حكومته الداخلية، قال إن "أولويتها الأولى هي احتواء تفشي الجائحة والرقي بالوضع الصحي والتلقيح العام"، مشيرا إلى أن أولويته الثانية "هي تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين". 
وهنا انتقد سياسات الحكومة السابقة، وقال إن "الوضع الراهن هو نتيجة ربط الاقتصاد بإرادة الآخرين"، وهو انتقاد يوجهه منذ سنوات التيار المحافظ لحكومة الرئيس السابق حسن روحاني، من خلال اتهامها بربط تحسين الوضع الاقتصادي بإحياء الاتفاق النووي والمفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب.  
وخلال عرض أسماء وزرائه المقترحين، أشاد الرئيس الإيراني بمرشحه لتولي منصب وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، مساعد رئيس البرلمان للشؤون الدولية، قائلا إنه "يتمتع بمعرفة وخبرة خاصة في العلاقات الخارجية وسلك جميع المراحل في الخارجية." 
وعرج الرئيس الإيراني على سياسته الخارجية وأولوياتها، وقال إن "السياسة الخارجية المتوازنة، وتعزيز العلاقات مع الجيران، وإعطاء الأولوية للاقتصاد في العلاقات الخارجية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية وخاصة مع دول الجوار ستتصدر جدول أعمال وزارة الخارجية".  
وعبداللهيان، شخصية محافظة مقربة من الحرس الثوري الإيراني، تتسق تصريحاته ومواقفه تماماً مع التيار المحافظ، وقد شغل منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية من 2012 إلى 2016، والمدير العام لشؤون الخليج والشرق الأوسط في الوزارة من 2011 حتى 2012، فضلاً عن أنه كان سفير إيران لدى البحرين (2007-2010)، ورئيس لجنة خاصة بالعراق في الخارجية لعام واحد خلال 2010. 
ويتوقع أن تستغرق مداولات البرلمان الإيراني حول التشكيلة الحكومية نحو 4 أيام، قبل أن يختمها بجلسة التصويت على أهلية كل وزير بشكل منفرد لمنحه الثقة أو عدمه.  
وحسب النظام البرلماني الداخلي، يفتتح البرلمان الإيراني جلسة مناقشة برامج الحكومة الجديدة وأهلية الوزراء المرشحين بكلمة للرئيس الإيراني، يمكن أن تستغرق ساعتين ونصفا للدفاع عن برامجه وحكومته المقترحة، يعقبها كلمات منفصلة لـ5 نواب موافقين و5 نواب معارضين.  
بعد ذلك، تبدأ جلسات البرلمان لمناقشة أهلية الوزراء المرشحين وبرامجهم حسب الترتيب الأبجدي لأسمائهم، واستعراض اللجان المعنية بتقاريرها حول كل وزير وبرنامجه، تليها كلمات لنائبين موافقين ونائبين معارضين، بمدة 15 دقيقة لكل منهم وثم يدافع الوزير عن نفسه وبرامجه في 30 دقيقة.  
وبعد الانتهاء من المناقشات بشأن أهلية الوزراء المرشحين في فترة قد تصل إلى 4 أيام، تبدأ جلسة التصويت لمنحهم الثقة أوعدمه.  

التحديات والمفاوضات 
وتنتظر الحكومة الإيرانية الجديدة جملة تحديات داخلية وخارجية كبيرة، في مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران منذ ثلاث سنوات تقريبا على خلفية الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض عقوبات شاملة وقاسية على طهران، طاولت جميع مفاصلها الاقتصادية، فضلا عن تحدي المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية في فيينا لإحياء هذا الاتفاق. 
وتوقفت هذه المفاوضات بطلب من طهران قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران في 18 يونيو/حزيران الماضي، بحجة انتقال السلطة التنفيذية في البلاد، ويتوقع استئنافها بعد تشكيل الحكومة الإيرانية، لكن ثمة مصادر تحدثت عن تعثر هذه المفاوضات على خلفية طرح واشنطن مطالب جديدة في الجولات الأخيرة، رأت طهران أنها غير مرتبطة بالاتفاق النووي. وقالت المصادر إن الإدارة الأميركية أصرت على موافقة طهران في أي اتفاق لإحياء الاتفاق النووي لاستكمال المفاوضات لاحقا حول سياساتها الإقليمية وبرامجها الصاروخية. 
وكشف المندوب الروسي في مفاوضات فيينا، ميخائيل أوليانوف، اليوم السبت، عن استئناف هذه المفاوضات "قريبا" من دون الإعلان عن تاريخ ذلك، مؤكدا أن "فرص إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة تبدو حقيقية". 
وانتقد أوليانوف التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي، مخاطبا إياه بالقول إنه "من المبكر جدا التشاؤم"، داعيا أطراف المفاوضات إلى "إزالة العقبات المتبقية من خلال إظهار إبداع"، من دون تسمية هذه العقبات.  

 وكان المبعوث الأميركي قد أبدى، الجمعة، تشاؤما حول إحياء الاتفاق النووي في حديث مع موقع "بوليتيكو" (POLITICO) الأميركي، قائلاً إن ذلك "أصبح محل تساؤل كبير". 
 وأعلن عن استعداد الإدارة الأميركية لاستئناف المفاوضات، لكنه صرّح في الوقت ذاته بأن قرار العودة إلى الاتفاق النووي لم يعد بيد واشنطن وأنها لم تعد تتحكم في الأمر بالكامل، منتقداً موقف إيران وقال إنه "يفتقر إلى الجدية والالتزام". 
وفي حديثه عن البديل في حال فشل مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، قال المبعوث الأميركي إن بلاده تجهز سيناريو لهذه الحالة، للتوقيع على اتفاق منفصل مع طهران "وفق معايير مختلفة تماماً"، أو اتخاذ "سلسلة إجراءات عقابية" مع الحلفاء الأميركيين للولايات المتحدة، مع تحذيره من اتخاذ إيران خطوات نووية "استفزازية".  
وخاضت إيران والولايات المتحدة ستّ جولات من مباحثات فيينا بشكل غير مباشر، بواسطة أطراف الاتفاق (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، والجولة السابعة تواجه حالة غموض ولم يتم تحديد موعدها بعد. 
وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.  

المساهمون