الانتخابات المحلية في بريطانيا اليوم: اختبار لشعبية جونسون بعد فضيحة الحفلات

05 مايو 2022
قد ينجو جونسون في الانتخابات المحلية اليوم ولكن مؤقتاً (روب بيني/Getty)
+ الخط -

يتوجّه البريطانيون، اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية، وسط اضطرابات سياسية تبدو الأكبر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن شأن نتائج هذه الانتخابات أن توضّح موقع حزب المحافظين، وشعبيته، وأن تكشف مدى قوة المعارضة العمّالية.

ويكتسب اليوم أهمية إضافية مع انتخابات تأتي بعد أشهر قليلة من قضية حفلات "داونينغ ستريت"، التي كان لها الكثير من التداعيات على حزب المحافظين، وزعيمه بوريس جونسون. كما أنها تتزامن مع تصاعد الأصوات الغاضبة بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة وأسعار المواد الأولية، والوقود والغاز والكهرباء، وبعد أكثر من شهرين على الغزو الروسي لأوكرانيا والدعم "غير المسبوق" الذي قدّمته الحكومة البريطانية لدعم الشعب الأوكراني في بلده، وفي بريطانيا أيضاً.

وزن أقل للسياسة الخارجية

ويبدو أن قضية خرق بوريس جونسون للقانون واتّهامه بالكذب بشأن إقامة حفلات "داوننغ ستريت" في مرحلة الإغلاق العام، لن تشكّل عامل الضغط الأكبر خلال هذه الانتخابات في ظلّ النقاش الحاد حول غلاء المعيشة. ولا يتّخذ الناخب البريطاني عموماً قراراته في التصويت على أساس القضايا الدولية، بل على أساس القضايا المحلية، مما يقلّل من وزن السياسة البريطانية في التعامل مع الأزمات الدولية كأزمة أوكرانيا، وشكّل ضغوطاً إضافية على كافة الأحزاب، وليس فقط على حزب المحافظين ورئيس الوزراء.

وإن تأكدت في هذه الانتخابات صحة استطلاعات الرأي، فإن النتائج ستشكّل عامل ضغط إضافي بالنسبة لجونسون ليتنحّى. 

تفتح صناديق الاقتراع في السابعة صباحاً وتغلق في العاشرة مساء، كما يحق للناخبين التصويت عبر خدمة البريد على أن ترسل الأصوات مساء اليوم كحد أقصى. ومع أن موعد الانتخابات هو اليوم الخميس، إلا أن الكثيرين انتخبوا مسبقاً عبر إرسال أصواتهم في البريد.

ويحق لكل مواطن بريطاني أو أيرلندي أو يحمل الجنسية الأوروبية ويقيم على الأراضي البريطانية الإدلاء بصوته، وفي حين أن الناخبين في كل من إنكلترا واسكتلندا وويلز غير مطالبين بإثبات هويّاتهم، فإن عليهم في أيرلندا الشمالية إبراز هوياتهم للإدلاء بأصواتهم.

ويبلغ عدد المقاعد المتنافس عليها في إنكلترا أكثر من 4350 مقعداً موزعة على أكثر من 140 مجلساً بما فيها 32 مجلساً في اسكتلندا و22 في ويلز. ولا يمكن التنبّؤ بعدد الناخبين هذا العام، إلا أن العادة جرت ألا يشارك عدد كبير في الانتخابات المحلية، إضافة إلى توقّعات بامتناع الكثير من الناخبين المحافظين عن التصويت في انتظار ما ستفضي إليه هذه النتائج بما يؤثر على مستقبل الحزب وجونسون.

عهد جيد لـ"العمال"

ويقول مارتن لينتون النائب العمّالي السابق، "إن يوم الخميس سيكون يوماً جيداً بالنسبة لحزب العمال". ويرجّح في حديث لـ"العربي الجديد" أن يخسر المحافظون مجالس ويستمنستر وواندسوووث الموالية تاريخياً ولو حصل هذا الأمر فعلاً، سيكون على جونسون أن يتنحّى".

لكن، هل سيكون اليوم جيداً بالنسبة للعمّاليين لولا الفضائح التي مني بها حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون؟ هل "العمال" بزعامة كير سترامر مؤهّل فعلاً للاحتفال بيوم غد؟ يقول لينتون: "صحيح أننا لسنا في المكان الذي يجب أن نكون فيه إلا أننا في الطريق إليه. لسنا جاهزين مائة بالمائة لمواجهة الأزمات المحلية، لكن الحكومة تعيش مأزقاً حقيقياً بسبب الانتهاكات التي أقدم عليها جونسون الواحدة بعد الأخرى".

وأضاف: "لا أستطيع أن أتخيل كيف يمكن لرجل قام بهذا الحدّ من الخروقات وكذب بشأنها، أن يستمرّ في منصبه رئيساً للوزراء".

جونسون يقاوم "الإطاحة" به برفع معظم قيود كورونا في بريطانيا

ومن المرجّح أن تحيي أي نتيجة سيئة بالنسبة للمحافظين، المطالب بتنحي جونسون وتنصيب قائد جديد قبل الانتخابات العامة، المقررة في يناير ٢٠٢٥. 
 ورغم هذه التوقعات المتفائلة بشأن تقدّم حزب العمال في المناطق المعروفة تاريخياً بارتباطها بحزب المحافظين، إلا أن إحصاءات أخرى تؤكّد العكس.

أزمة حزب العمال

يقول الرئيس الفخري للمجموعة العربية في حزب العمال، عطالله سعيد، لـ"العربي الجديد": إن "ناخبين عمّاليين كثراً في مناطق يشكّل فيها حزب العمال الأكثرية، سيصوّتون للحزب الليبرالي الديمقراطي لأنهم يسعون للتغيير"، موضحا أن أزمة حزب العمال تكمن في عجزه عن تقديم بدائل بنّاءة لسياسات الحكومة ويكتفي بانتقادها.

وتابع سعيد: "كير سترامر لا يمتلك أي خطة بديلة ولا سياسة واضحة، مع أننا على بعد سنتين فقط من الانتخابات العامة". 

يأمل كير سترامر زعيم حزب العمال، استعادة مقاعد في مناطق "الجدار الأحمر"، وسط شمال وشمال إنكلترا، بعدما فقدها في الانتخابات العامة الأخيرة لصالح المحافظين، والتي قال فيها سترامر: "فقد حزب العمال ثقة العمال به".

وحول تلك المناطق تحديداً يقول مارتن لينتون: "أعتقد أن الأولوية بالنسبة إلى كير سترامر، هي أن يفوز في المناطق التي فاز بها جونسون المرة الماضية. وهذا لا ينطبق فقط على "الجدار الأحمر"، بل أيضاً على لندن والجنوب".

جونسون: نجاة مؤقتة

 وأظهر استطلاع أخير للرأي، أجراه نائب رئيس حزب المحافظين السابق، اللورد أشكروفت، أن المعارضة تتقدم، ليس فقط في القضايا التقليدية: القطاع الصحي والخدمات العامة، ولكن أيضاً في الملفات المعروفة تقليدياً بأنها "ملعب المحافظين"، مثل الهجرة والجريمة.

وبيّن الاستطلاع، الذي شارك فيه 8000 ناخب ميلاً عاماً للثقة بحزب العمال في الملفات الاقتصادية، وهو أمر يقلق المحافظين نظراً لأزمة المعيشة المتوقع لها أن تزداد سوءا خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب. وكان لافتاً في الاستطلاع أيضاً تراجع المحافظين لصالح العمّال أمام شعارات الوحدة والقيم. 

 قد ينجو جونسون من كارثة الانتخابات المحلية، إلا أن هذه النجاة لن تستمرّ طويلاً على الأرجح، فقد تعطيه نتائجها متنفّساً لإعادة تأكيد سلطته، إلا أن الوقت لن يسعفه ولا الملفّات الداخلية العالقة كذلك.  

المساهمون