- استطلاعات الرأي تظهر تقارباً في النتائج بين يافاش وألتنوك، مما يعكس التنافس الشديد والاهتمام الكبير بمستقبل الإدارة البلدية في أنقرة.
- الأجواء الانتخابية مليئة بالحماس، مع تنوع الآراء بين الناخبين حول استمرار يافاش ومشاريعه أو دعم ألتنوك لتطوير البنية التحتية، مما يجعل نتيجة الانتخابات محل ترقب.
تُشكل العاصمة التركية أنقرة واحدةً من أبرز ساحات الصراع الانتخابي في استحقاق الانتخابات المحلية التركية التي تجرى غداً الأحد، إذ تُعتبر واحدة من الولايات غير المحسومة، وهذا ما يفسر احتدام المنافسة بين كافة الأحزاب التركية عليها.
ويسعى حزب الشعب الجمهوري المعارض لتعويض خسارته في الانتخابات العامة والرئاسية، وإبقاء سيطرته على البلديات الكبرى. في الوقت ذاته يضع حزب العدالة والتنمية الحاكم كل ثقله من أجل استعادة بلدية أنقرة الكبرى.
وتضم بلدية أنقرة الكبرى 26 بلدية فرعية، وتقع في الترتيب الثاني بعد بلدية إسطنبول من حيث الأهمية والقاعدة الانتخابية، لما لها من رمزية وحضور سياسي مهم اكتسبتها من عدد سكانها الذي وصل إلى 5 ملايين و800 ألف نسمة، إذ تأتي في الترتيب الثاني من حيث عدد السكان.
يُعد رئيس بلدية أنقرة الحالي منصور يافاش أحد أبرز المرشحين
كما أن مساحتها الجغرافية، التي تبلغ نحو 26 ألف كيلومتر مربع، تضعها في الترتيب الثاني على مستوى الولايات التركية من حيث المساحة بعد قونيه، إضافة لوجود كافة مؤسسات الدولة التي تجعل من أنقرة مركز القرار السياسي التركي.
ولهذا حصلت بلدية أنقرة على ميزانية سنوية تصل إلى نحو 92 مليار ليرة تركية في العام 2024، أي ما يعادل 3 مليارات دولار، بزيادة تصل إلى أكثر من 30 في المائة عن ميزانية العام الماضي، وهو ما يفسر مستوى النمو السكاني والخدماتي الكبير للعاصمة التركية.
الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المحلية التركية
هناك نحو 36 حزباً سياسياً تتنافس على كافة البلديات في الانتخابات المحلية التركية بينما تنحصر المنافسة على بلدية أنقرة الكبرى بمجموعة من المرشحين المنتمين لعدد محدد من الأحزاب الرئيسية، وبعض الأحزاب الصغيرة.
ويُعد رئيس بلدية أنقرة الحالي والمرشح لولاية جديدة عن "الشعب الجمهوري" منصور يافاش أحد أبرز المرشحين. وكان قد حصل على نسبة 50.93 في المائة من الأصوات خلال الانتخابات المحلية التركية في العام 2019.
ويخوض السياسي القومي تورغوت ألتنوك الانتخابات مرشحاً عن "العدالة والتنمية" والتحالف الجمهوري. كما يبرز اسم جنكيز توبال يلدريم مرشحاً عن الحزب "الجيد" الذي قرر خوض الانتخابات المحلية بشكل منفرد، وهو يعتبر بمثابة تهديد حقيقي ليافاش، لأن هذا الأخير كان قد حظي بدعم "الجيد" في العام 2019، كما أن يلدريم كان قد انتقل من "الشعب الجمهوري" إلى حزب "الجيد".
إلى جانب هؤلاء المرشحين الثلاثة الأكثر حظوظاً للفوز برئاسة بلدية أنقرة، لأسباب تتعلق بتاريخهم السياسي وقاعدتهم الجماهيرية الحزبية الكبيرة، ثمة مرشحون آخرون يشاركونهم في المنافسة.
فعلى الجبهة الكردية قدم حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب مرشحيه جولتان كشاناك وأوزتورك تورك دوغان لرئاسة هذه البلدية. لكن وعلى خلاف مدن مركزية أخرى، يبدو التأثير الكردي في أنقرة محدوداً بالاستئناس بنتائج العام 2023 التي حصل فيها تحالفه ككل على 4 في المائة من أصوات المدينة.
وكذلك هناك أحزاب أخرى مثل "النصر" المعادي للاجئين الذي قدم بارتو سورال مرشحاً عنه. كما قدم حزب الوطن اليساري مرشحه ظافر بوراك، إضافةً إلى سعاد كليتش مرشح حزب الرفاه من جديد المحسوب على التيار المحافظ والحليف السابق لـ"العدالة والتنمية" في الانتخابات السابقة. لكن بشكل عام يرجح مراقبون أن تنحصر المنافسة بين يافاش وألتنوك.
أجواء الدعاية ورأي الناخبين
مع الاقتراب تدريجياً من يوم الاقتراع، كانت الأجواء في العاصمة أنقرة تزداد حماسة. فعلى الرغم من برودة الطقس، إلا أنّ الشوارع والميادين كانت في الأيام الأخيرة مكتظة بفعاليات الدعاية الانتخابية.
ففي ميدان كيزيلاي، الكائن في قلب العاصمة، تزدحم خيام الأحزاب ويتجمهر الأنصار وتتكثف الرايات وصور المرشحين. وبينما اتخذ يافاش شعار "كلام قليل وعمل كثير"، تنتشر صور ألتنوك يصاحبها شعار "وقت السرعة" في لمز على اسم منافسه يافاش الذي يعني البطء، وفي دلالة إلى أن عمل رئيس البلدية الحالي كان بطيئاً.
تظهر استطلاعات الرأي المختلفة تقارباً في النتائج بين ألتنوك ويافاش
وفي استطلاع لرأي الناخبين في المرشحين ولمن سيعطون أصواتهم، قال المعلم في ثانوية الأناضول حسين أوزديمير، لـ"العربي الجديد"، إنه سينتخب يافاش كونه نجح في إبعاد شخصه عن السجالات السياسية التي ظهرت في إسطنبول، وركز بشكل كبير على بلديته، ولم يدخل في حالة عداء مع خصومه السياسيين، ضارباً مثالاً لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعديد من وزراء حكومته في مناسبات عدة خلال فترة وجودة في رئاسة البلدية.
وأكد الرجل الخمسيني فهمي كوتشوك، لـ"العربي الجديد"، أنه سينتخب ألتنوك لاقتناعه بخطابه الذي يركز فيه على إعادة تطوير العاصمة في مجالات البنية التحتية والسياحة والمواصلات.
وأثناء جلوسه أمام بقالته في منطقة يني محله، أشار البقال الذي عرّف نفسه باسم سركان إلى أنه سينتخب أي مرشح بعيداً عن مرشح "العدالة والتنمية"، الذي كانت سياساته الخاطئة كحزب حاكم سبباً رئيسياً في الوصول إلى الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتدهور الليرة.
أما مليحات فأعربت عن رضاها عن أداء يافاش، معتبرة دور البلدية تجاه احتياجات الناس أولوية بالنسبة له، قائلة: "لقد قدم مساعدات مالية للفقراء، ويركز خطابه على دعم الناس، خصوصاً شريحة المتقاعدين".
من جهته، يعتقد الثلاثيني أيهان أنّ فوز مرشح التحالف الجمهوري الحاكم سيدفع الحكومة لدعم البلدية، ما يعزز نهضة المدينة في إطار وعوده بتنفيذ المشاريع التي تحتاجها أنقرة.
توجهات الشباب
وأثناء الاستراحة في حرم جامعة أنقرة يلدريم بيازيد، قال الشاب غوكهان بوزباش، لـ"العربي الجديد": "سأعطي صوتي لأي مرشح آخر مختلف عن الرئيس الحالي يافاش، فأوضاع المدينة لا تحتاج لشرح ولم نشهد حلاً لمشكلة المواصلات في عهده".
وخالفه زميله الشاب أحمد ألتان بقوله: "سأختار يافاش حتى تستمر مشاريعه ولا نخسرها بتغييره، فأوضاع البلد لا تستدعي إجراء التجارب". وقالت الطالبة زينب: "لم أقرر بعد. لست راضية عن أداء مرشح الشعب الجمهوري يافاش، ولكنني لست واثقة من مرشح العدالة والتنمية ألتنوك".
وبالانتقال إلى منطقة كيجوران شمال أنقرة، حيث الدعاية الانتخابية مشتعلة بجوار بلدية المنطقة التي كان يرأسها ألتنوك، قالت هلال (27 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إن ألتنوك يمتلك تاريخاً طويلاً من العمل الإداري والسياسي، وله حضور شعبي ونقل كيجوران نقلة نوعية للأمام.
في المقابل، أعرب العشريني فاتح عن تردده، لكنه أشار إلى تميز يافاش بسمعته الطيبة. وتظهر استطلاعات الرأي المختلفة تقارباً في النتائج بين ألتنوك ويافاش، مع تقدم طفيف للأخير من دون حسم أي منهما للأغلبية.