الانتخابات الفرعية في بريطانيا: هل ينجو جونسون مجدداً؟

23 يونيو 2022
خسارة جونسون لأحد المقعدين ستكون موجعة سياسياً بوصفه زعيماً يفقد فرصه في النجاة (Getty)
+ الخط -

فيما يقوم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بزيارة رسمية إلى رواندا في إطار أعمال قمة الكومنولث؛ يتوجّه الناخبون البريطانيون إلى صناديق الاقتراع في ويكفيلد وتيفرتون وهينتون، في انتخابات فرعية لاختيار مقعدين جديدين في مجلس العموم.

وتجري الانتخابات الفرعية هذه في حال شغور مقعد في مجلس العموم إما بسبب وفاة أحد أعضاء البرلمان أو الاستقالة. وستجري الانتخابات في ويكفيلد غربي يوركشاير، بعد أن استقال النائب المحافظ السابق عمران أحمد خان، على خلفية إدانته في قضية الاعتداء الجنسي على طفل في الخامسة عشرة من عمره عام 2008. بينما تجري في تيفرتون وهونيتون في منطقة ديفن، بعد أن أصبح المقعد شاغراً على خلفية استقالة عضو "حزب المحافظين" نيل باريش، بعد اعترافه بمشاهدته مقاطع إباحية على هاتفه الجوال مرتين، أثناء تواجده في مجلس العموم.

وتشير التوقّعات واستطلاعات الرأي، إلى أن فرص فوز "المحافظين" بالمقعدين محدودة، مما سيوجّه ضربة جديدة لجونسون، الغارق بالأزمات المتراكمة، من خرقه للقانون وكذبه في شأن ذلك، وتداعيات خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، وخطة رواندا والأصوات المتعالية حول عدم قانونيتها، وتعديله القانون الوزاري ثم قانون حقوق الإنسان، وصولاً إلى أزمة تكلفة المعيشة الموجعة بالنسبة لمعظم البريطانيين، وارتفاع فواتير الطاقة والوقود ونسبة الضريبة، والتضخّم الذي بلغ مستويات قياسية.

وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت في ويكفيلد، إلى تقدّم "حزب العمال" بنحو 20% على "حزب المحافظين"، مما قد يتيح لـ"العمال" استعادة هذا الجزء من "الجدار الأحمر"، المعروف تاريخياً بأنه "عمّالي" منذ العام 1932، والذي تم اختراقه في الانتخابات العامة عام 2019، حيث قلبت المعادلة بعد أن صوتت المنطقة على استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي والذي جرى عام 2016. فاستطاع "المحافظون" انتزاع المقعد من معارضيه للمرة الأولى.

أما "الديمقراطيون الليبراليون" فأعلنوا أن بياناتهم الداخلية تُظهر تخلّفهم عن "المحافظين" في تيفرتون وهونيتون بفارق 2% فقط، مما يرفع من توقّعاتهم بالفوز بهذا المقعد، المعروف عنه أيضاً أنه "محافظ" تاريخياً، منذ عشرينيات القرن الماضي. لكن "الديمقراطيين الليبراليين" يعتمدون بشكل أساسي في المنطقتين على تراجع شعبية جونسون بين الناخبين.

وركّز جونسون وحزبه قبل هذه الانتخابات على قضايا الهجرة وإضرابات السكك الحديدية وحقوق النساء الرياضيات المتحولات جنسياً، وهي قضايا لا تشكل أولوية بالنسبة إلى الناخبين المأزومين واللاهثين وراء تأمين حياتهم، وسط جنون ارتفاع الأسعار، إضافة لانشغالهم بقضايا أساسية، كالنقص الهائل الذي يشهده القطاع الصحي وتأخّر سيارات الإسعاف في الوصول في الأشهر الماضية. وبينما كانت مسألة الهجرة غير الشرعية والوصول إلى شواطئ المملكة عبر القوارب، أساسية في قضية الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي؛ تُظهر استطلاعات الرأي الحديثة أن هذه المخاوف تراجعت لدى الشارع البريطاني، وسط انشغاله بقضايا حياتية ملحّة.

وحتى اللحظة، تبدو حظوظ "حزب العمال" في الفوز بمقعد ويكفيلد كبيرة جداً، بينما ليست خسارة "حزب المحافظين" بمقعد نيفرتون وهونيتون أكيدة ولا حتمية، رغم التفاؤل الذي يبديه "حزب الديمقراطيين الليبراليين" في احتمال فوزه في تلك المنطقة. وإن صحّ تفاؤل الديمقراطيين الليبراليين، فسيعتبر هذا نصراً تاريخياً بالنسبة إليهم، حتى وإن لم يأتِ بفضل سياساتهم، بل بسبب "فشل" جونسون في إدارة الأزمات الداخلية.

يبقى أن خسارة جونسون لأحد المقعدين ستكون موجعة جداً بالنسبة إليه شخصياً، وأيضاً سياسياً بوصفه زعيماً يفقد يوماً بعد يوم فرصه في النجاة. وسترسّخ قناعة حزبه بتردّي شعبيته، وبالهلاك الذي سيلحق بهم لو أكملوا دعمهم له حتى الانتخابات العامة المقبلة المقررة في يناير/كانون الثاني 2025.

وما يزيد من أزمة "حزب المحافظين" هو أن الخيارات باتت محدودة أمام أعضائه المعارضين لجونسون، والراغبين في عدم اللحاق به وتركه يغرق وحيداً. فقواعد الحزب تمنعهم من إجراء تصويت آخر على الثقة بعد التصويت الذي جرى قبل أقل من ثلاثة أسابيع. إلا أن تقرير لجنة الامتيازات، الذي من المتوقّع أن يُنشر في وقت ما في الخريف القادم، قد يغيّر المعادلة ويمنح أعضاء الحزب فرصة لتغيير قواعد اللعب، وإجراء تصويت آخر لحجب الثقة عن زعيمهم. وذلك لو خلص التقرير إلى أن جونسون ضلّل البرلمان متعمّداً، عندما نفى أكثر من مرة خرقه للقانون.

وفي انتظار نتائج هذه الانتخابات الفرعية اسماً، والأساسية تأثيراً على مستقبل جونسون، يخوض جونسون في رواندا، غداً، محادثات صعبة خاصة مع الأمير تشارلز، "الملك السياسي" المستقبلي، ويدرك أنه حتى وإن نجا في التصويت على حجب الثقة، فإن 41% من نوّابه فقدوا ثقتهم به.

المساهمون