تشارف الحملة الانتخابية التشريعية في تونس على نهاية أسبوعها الأول، إعدادا ليوم الاقتراع العام في 17 ديسمبر/ كانون الأول، وسط انطلاقة باهتة ونسق وصفه المتابعون وخبراء الشأن الانتخابي بالضعيف والمتواضع.
وغابت الحركية الانتخابية خلال الأيام الأولى للحملة، مع محدودية البرامج الميدانية المعلنة، وغياب اللافتات والمعلقات الدعائية وصور المترشحين.
وقال المدير التنفيذي لمرصد شاهد، الناصر الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن تكون هذه الحملة الانتخابية مختلفة عن سابقاتها، باعتبار أن النظام الانتخابي القائم بالاقتراع على الأفراد لا يفتح المجال للتنافسية كما كان سابقا، حيث كانت تدار الحملة بين أحزاب سياسية ومناصريها، كما أنه بسبب الافتقار إلى التمويل العمومي لن يكون هناك تنافس ميداني لا في الشارع ولا في الجهات".
وبين الهرابي أن "الحملة انطلقت منذ الجمعة 25 نوفمبر بشكل باهت، ولا تشعر في الشارع التونسي بوجود حملة انتخابية تمهد لانتخابات في 17 ديسمبر/ كانون الأول، وهذا لن يساهم في تشجيع إقبال الناخبين، فلا يوجد حافز، خصوصاً أن الحملة التي من المفترض أن تُرغب الناخبين في التوجه إلى صناديق الاقتراع غير موجودة".
ولاحظ المصدر ذاته "غياب حركية انتخابية خلال الأيام الأربعة الأولى، وحتى البرامج الانتخابية المقدمة هي برامج محلية تخص جهاتهم، وفي الواقع لا يستطيع النائب تحقيقها في البرلمان".
وبيّن محدث "العربي الجديد" أن "متابعة الحملة أصبحت شبه مقتصرة على التعبير المباشر في التلفزة الوطنية وكذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إنها ليست مجرد حملة ميدانية وعبر التواصل المباشر مع الناخبين، وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي، لم نلاحظ حملة كبيرة إلا من بعض صور المترشحين التي يتم تداولها ومشاركتها، في غياب رونق وحركية الحملات الانتخابية المعهودة".
وأعاد الهرابي ضعف الحملة الانتخابية إلى "القانون الانتخابي وغياب التمويل العمومي ومقاطعة الأحزاب الوازنة، والتي لها وزن كبير في الشارع وعندها ثقل منذ 2011 وهي غائبة تماما عن المشهد الانتخابي، وهو ما سيؤثر على الحملة عموما وسيضعف نسقها".
وتستمر الحملة الانتخابية أسبوعين آخرين، حتى الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول، في الدوائر الانتخابية في الخارج، ويعد يوم 14 ديسمبر/كانون الأول يوم صمت انتخابي فيما ينطلق الاقتراع في المهجر أيام 15 و16 و17 ديسمبر/كانون الأول.
أمّا الحملة الانتخابية داخل البلاد فتتواصل حتى يوم 15 ديسمبر/كانون الأول، بينما حدد يوم 16 ديسمبر يوم صمت انتخابي قبيل التوجه إلى صناديق الاقتراع في 17 ديسمبر.
وبحسب الإحصائيات الرسمية التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، سيتنافس (1052) مرشحاً في 151 دائرة انتخابية بالداخل، موزعة على 24 محافظة، بينما يوجد 3 مرشحين فقط في الخارج بلا منافسين، في مقابل بقاء 7 دوائر بالخارج دون مترشحين.
وفي السياق، بين المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات محمد التليلي المنصري أن "على المرشحين للانتخابات الإعلان قبل 48 ساعة عن نشاطاتهم المزمع تنظيمها خلال حملتهم الانتخابية، حتى تتسنى لأعوان هيئة الانتخابات مراقبتها".
ستصدر النتائج الأولية الخاصة بالدورة الأولى في أجل أقصاه 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022
وأفاد التليلي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، بأن "أعوان المراقبة بالهيئة يقومون بمراقبة الخطاب الانتخابي، إضافة إلى المصاريف المتعلقة بأنشطة المرشح خلال الحملة".
وبحسب هيئة الانتخابات، ستصدر النتائج الأولية الخاصة بالدورة الأولى في أجل أقصاه 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022، أو حتى قبل هذا الموعد وذلك حسب تطور الفرز، ثم تفتح آجال الطعون في النتائج بعد ذلك، ليكون التصريح بالنتائج النهائية يوم 19 يناير/كانون الثاني 2023 بالنسبة للدورة الأولى.
وتمثل انتخابات 17 ديسمبر /كانون الأول، التي تتزامن مع الذكرى الـ 12 لاندلاع الثورة التونسية، الخطوة الثانية في مسار "خريطة الطريق" التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد العام الماضي، لتجاوز ما أسماه بـ "مرحلة الاستثناء"، وذلك بعدما تمكن من تمرير نص الدستور الجديد في 25 يوليو/ تموز الماضي.
ويعول سعيد على نجاح هذه الانتخابات التي تعارضها غالبية الأحزاب السياسية الوازنة ومكونات من المجتمع السياسي والمدني، فيما ينتظر أن يركز برلمانا جديدا عوضا عن برلمان 2019 الذي أقدم على حله بمرسوم رئاسي، بعدما أقدم على تعليق دستور 2014 وحل عدد من المؤسسات المنتخبة والدستورية.