يدلي الناخبون في فرنسا بأصواتهم اليوم الأحد في الدورة الثانية من انتخابات برلمانية عالية المخاطر قد تحرم الرئيس إيمانويل ماكرون، المنتمي إلى تيار الوسط، الأغلبية المطلقة التي يحتاجها للحكم بحرية.
يبدأ التصويت في الانتخابات التي قد تغير وجه السياسة الفرنسية الساعة الثامنة صباحاً (06:00 بتوقيت غرينتش)، ومن المتوقع ظهور المؤشرات الأولية في الساعة 8 مساء (18:00 بتوقيت غرينتش).
يتوقع منظمو استطلاعات الرأي أن يحصد معسكر ماكرون أكبر عدد من المقاعد، لكنهم يقولون إنه ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال الوصول إلى العدد المطلوب لتحقيق أغلبية مطلقة، وهو 289 مقعداً.
وتشير استطلاعات الرأي أيضاً إلى أن اليمين المتطرف سيسجل على الأرجح أكبر نجاح برلماني منذ عقود، فيما قد يصبح تحالف موسع من اليسار والخضر أكبر جماعة معارضة، وقد يجد المحافظون أنفسهم أصحاب نفوذ كبير في ما يتعلق باختيار المرشحين للمناصب العليا.
وإذا فشل معسكر ماكرون في تحقيق الأغلبية المطلقة، فسيؤدي ذلك إلى فترة من عدم اليقين يمكن حلها بقدر من تقاسم السلطة بين أحزاب لم يُسمع عنها في فرنسا على مدار العقود الماضية، أو قد يؤدي إلى شلل مطول وتكرار للانتخابات البرلمانية.
وفاز ماكرون بولاية ثانية في إبريل/ نيسان. ويريد ماكرون رفع سنّ التقاعد ومواصلة أجندته المؤيدة للأعمال التجارية وتعزيز الاندماج في الاتحاد الأوروبي.
وجرت العادة بأنه بعد انتخاب الرئيس، يستخدم الناخبون الفرنسيون الانتخابات التشريعية التي تلي ذلك بأسابيع قليلة لمنح الرئيس أغلبية برلمانية مريحة، وكان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران الاستثناء النادر لهذا الأمر في عام 1988.
ولا يزال بإمكان ماكرون وحلفائه تحقيق ذلك.
لكن اليسار المتجدد يمثل تحدياً صعباً، حيث إن التضخم المتفشي الذي يرفع تكلفة المعيشة يرسل موجات صادمة عبر المشهد السياسي الفرنسي.
وقال مسؤولون في تلك الأحزاب إنه إذا لم يحقق ماكرون وحلفاؤه أغلبية مطلقة بفارق قليل من المقاعد، فقد يميلون إلى استمالة نواب من يمين الوسط أو من المحافظين.
وإذا كان الفارق كبيراً، فسيكون بإمكانهم السعي إلى تحالف مع المحافظين، أو إدارة حكومة أقلية سيتعين عليها التفاوض على القوانين، على أساس كل حالة على حدة مع الأحزاب الأخرى.
وحتى لو حصل معسكر ماكرون على 289 مقعداً أو أكثر مما يحتاج لتجنب تقاسم السلطة، فمن المرجح أن يكون ذلك بفضل رئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب، الذي سيطالب بأن يكون له رأي أكبر في ما يتعلق بقرارات الحكومة.
لذلك، فإنه بعد خمس سنوات من السيطرة بلا منازع، يبحث ماكرون عن تفويض جديد، حيث سيحتاج إلى تقديم المزيد من التنازلات.
ولم تُظهر أي استطلاعات للرأي أن الجناح اليساري بقيادة جان لوك ميلانشون سيفوز بأغلبية حاكمة، وهو سيناريو قد يغرق ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في فترة غير مستقرة من التعايش بين رئيس ورئيس وزراء من جماعتين سياسيتين مختلفتين.
وانتقد ميلانشون، طوال الأسبوع الذي يفصل بين الدورتين، البرنامج الاقتصادي والسياسي للتحالف الرئاسي، محذراً من أنه "في حال فوز ائتلاف ماكرون بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، فهذا سيؤدي إلى وقوع كارثة ومشاكل عديدة في فرنسا طوال السنوات الخمس المقبلة".
وانتقد ميلانشون التصريحات التي أدلى بها إيمانويل ماكرون على مدرج الإقلاع في مطار باريس، في رحلة إلى رومانيا ومولدوفا ثم أوكرانيا، والتي دعا فيها الناخبين الفرنسيين إلى التصويت للتيار الجمهوري (قاصداً تحالفه "معاً")، بالقول: "يستقل طائرة فيما تغرق باخرته (يقصد الائتلاف الرئاسي)".
(رويترز، العربي الجديد)