الاعتقالات السياسية تهزّ مصالحة "حماس" و"فتح"

20 مايو 2014
تواجه المصالحة تحدّيات قبل تشكيل الحكومة (مصطفى حسونة/الأناضول/Getty)
+ الخط -
قبل ثمانية أيام من انتهاء المدة المحددة لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، بين حركتي "حماس" و"فتح"، تشير بوصلة الاعتقالات السياسية لدى الطرفين، إلى حالة مأزومة، وعديمة الثقة.
فقد عاد مصطلح "الخطف" بقوة لوسائل الإعلام التي تسيطر عليها "فتح" و"حماس"، والخبير ببواطن الأمور يدرك أنّ الإعلام مؤشر دقيق لنوايا الحركتين.

وأشار عضو "لجنة الحريات" في الضفة الغربية، خليل عساف، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هناك تصاعداً في وتيرة الاعتقالات لدى الطرفين، بشكل استفزازي"، لافتاً إلى أنّ "هناك من يراهن على استمرار هذه الاستفزازات، لعلها تسفر عما يريد، أيّ تقويض إنهاء الانقسام".
واعتبر عساف أنّ "قادة الحركتين اعتقدوا أنّه في وسعهم الحدّ من وجود الطرف الآخر، لكن سرعان من ثبت لهم عكس ذلك، فأوّل ظهور علني لأنصار "فتح" براياتهم الصفراء، وأنصار"حماس" براياتهم الخضراء، أثبت أنّ الحركتين متجذرتين، وعادتا بقوة إلى الشارع، بمجرد رفع القبضة الأمنية عنه والسماح له بتنظيم فعالياته بحرية، في كل منطقة".

وكان عساف قد تابع، على مدار اليومين الماضيين، قضية عائلة القاضي، في محافظة رام الله حيث تم اقتحام المنزل ومصادرة بعض محتوياته، واعتقال الأب لحين تسليم الابن محمد نفسه للأجهزة الأمنية".

وأكد أنّ "بعض القوانين التي تم سنّها في سنوات الانقسام، هدفت لمحاصرة كل حركة منافستها، ويجب الغاء هذه القوانين التي يتم الاستناد إليها حالياً، لتسويغ الاعتقال، مثل قانون "تبييض الأموال" في الضفة الغربية".

واتهمت "الكتلة الإسلامية" في جامعة "بيرزيت"، على لسان المتحدث باسمها، أحمد العايش، الأجهزة الأمنية في الضفة باستهداف عناصرها وملاحقتهم، من خلال الاستدعاء أو الاعتقال، مهددة بإعلانها اعتصاماً مفتوحاً داخل حرم الجامعة، في حال تعرّض الأجهزة لأيّ من عناصرها بالأذى أو الاعتقال.

واتهم العايش الأجهزة الأمنية بالتنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، لاعتقال منسقها أحمد نعيرات، يوم أمس الإثنين، من منزله في رام الله، بعد يوم من الإفراج عنه من سجن الاستخبارات الفلسطينية، وتسليمه هويته الشخصية المحتجزة منذ خمسة أشهر.

وكانت الكتلة أعلنت عن اعتصام مفتوح مساء السبت الماضي، بعد اعتقال منسقها، إلا أنّها علقت الاعتصام بعد الإفراج عنه.

ويشتكي عناصر "حماس" من تعرضهم للتعذيب بعد اعتقالهم، حيث اتهمت عائلة الحصري جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، في طولكرم (شمال الضفة الغربية المحتلة)، بتعذيب نجلها مصعب، بالإضافة إلى شتم والده الأسير، عدنان الحصري، المضرب عن الطعام منذ 25 يوماً مع بقية الأسرى الإداريين.

وأفادت والدة مصعب، فدوى كنعان "العربي الجديد"، أنّ نجلها "أُفرج عنه مساء السبت، وتم نقله الأحد إلى المستشفى، حيث يعاني من هزال في جسده، نتيجة تعرضه للضرب في أماكن مختلفة من جسده، ونتيجة إضرابه عن الطعام طيلة اعتقاله الذي استمر ستة أيام". وأكدت أنّها لا تعرف سبب اعتقاله.

وطالبت قيادات "حماس" في غزة، والتي وقعت اتفاق المصالحة الأخير، بمتابعة قضية الاعتقال السياسي، متسائلة "كيف يتم التوقيع على اتفاق المصالحة بوجود الاعتقالات السياسية؟".

وكانت قوات الاحتلال بالإضافة إلى اعتقال والد مصعب، أبعدت شقيقه الأكبر بكر، إلى الأردن منذ شهرين لمدة 10 أشهر، ضمن شروط الاحتلال السماح له بالسفر مقابل عدم العودة إلى الضفة طيلة فترة الإبعاد.

وفي ذات السياق، لفت أحد المعتقلين السياسيين الخمسة من الخليل، والذين أُفرج عنهم السبت الماضي، طارق زريقات، لـ"العربي الجديد" "تعرضت للضرب المبرح أثناء الاعتقال، ما أدى إلى وجود جروح ودماء في قدماي، وحينما قلنا للمحققين يوجد مصالحة، قاموا بشتم المصالحة، ونفوا وجودها".
واعتقل جهاز المخابرات في مدينة الخليل، زريقات ورفاقه، يوم الجمعة الماضي، أثناء مشاركتهم في مسيرة مساندة للأسرى المضربين.
 
بدوره أكد المتحدث باسم "فتح" في الضفة الغربية، أسامة القواسمي، "قيام "حماس" بخطف واستدعاء كوادر وعناصر من "فتح" في قطاع غزة، بالأيام القليلة الماضية". وأكد لـ"العربي الجديد" أنّ "الأمور تسير باتجاه التحسن التدريجي، وأنّه بمجرد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فإنّ لجنة المصالحة المجتمعية ستبدأ عملها، لتتلاشى بذلك مظاهر الانقسام تدريجياً".

وحول تلك الاعتقالات، دعا المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "كل فلسطيني يشعر أنّه ارتكب بحقه مخالفة قانونية من خلال اعتقاله، سواء كان الاعتقال لأسباب أمنية أو سياسية، للتوجه إلى القضاء وتقديم شكوى على الجهة التي ارتكبت تلك المخالفة".

وأضاف "عناصر الأمن يسري عليهم القانون كأيّ مواطن فلسطيني، والقضاء هو الفيصل بين الناس في حال وجود أيّ مخالفات قانونية، كما أن الأمن لا يعمل بمعزل عن المستوى السياسي، فإن كان هناك قرار بعدم الاعتقالات السياسية فإنّ الأمن ملتزم بذلك".

ونفى وجود اعتقالات سياسية في الضفة الغربية، في ظل اتهامات "حماس" للأجهزة الأمنية القيام باعتقال عناصرها، معتبراً أنّ "حماس تخلق الأعذار اللاأخلاقية والتي تلجأ إليها لتزوير الحقيقة". وأشار إلى أنّ اتهامات "حماس للأجهزة الأمنية باستهداف فعالياتها المساندة للأسرى، لا أساس لها، لأنّ من يقود تلك الفعاليات هم أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام، وأنّ أيّ اعتقال لا يحصل إلا بعد حدوث مخالفات قانونية فقط".
المساهمون