الاستيلاء بالتشجير... مشروع إسرائيلي يلتهم أراضي الهزيل في النقب

26 يناير 2022
يقوم الاحتلال بعمليات تجريف تمهيداً للتشجير (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت عائلة الهزيل جولة من النضال السلمي ضد السياسات التهجيرية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية ضد السكان البدو في النقب، وحالهم في ذلك ليس مختلفاً عن حال أهالي قرية سعوة التي تعرضت قبل أيام لحملة تجريف لأراضيها اتسمت بالعنف الذي يتعرض له أبناء القرية حتى هذه اللحظة.

أراضي عائلة الهزيل تبلغ مساحتها ما يقارب 1300 دونم وتقع إلى الشمال من مدينة رهط، المدينة العربية الوحيدة في النقب، وتسمى هذه الأرض بالمثلث الشمالي كما هو متعارف عليه لدى الأهالي هناك، وهي قريبة من خربة الهزيل.

جميع هذه الأراضي مملوكة في الأصل للشيخ سلمان الهزيل، الذي توارثها من أجداده منذ العام 1880، أيام الدولة العثمانية التي كانت معترفة بها كأرض للبدو.

لاحقاً وفي وقت قامت فيه السلطات بترحيل السكان البدو إلى منطقة السياج، رفض سلمان الهزيل الرحيل من أرضه، وبقي فيها مع عائلات أخرى سكنت في محيط أرضه.

في سبعينيات القرن الماضي حصل على تسوية من الحكومة الإسرائيلية لإثبات ملكيته التاريخية للأرض بشكل دائم، ولكن لا تزال هناك دعاوى ملكية حتى اليوم بهذا الخصوص.

هذا الفخ وقعت فيه معظم العشائر البدوية، فالسلطات الإسرائيلية اليوم تتعامل مع كافة الأراضي العربية في النقب على أنها أملاك دولة غزاها البدو وسيطروا عليها.

استيلاء على أراضي الهزيل بحجة أملاك دولة

وأوضح أحمد الهزيل، نجل الشيخ سلمان، أن "الأراضي كانت تُوثّق بسندات بين البدو تؤكد الملكية بينهم، وهذا الأمر كان متعارفاً عليه في أيام الانتداب البريطاني وقبل ذلك الحكم العثماني، وكان والدي قد توصل إلى تسوية مع السلطات بخصوص أراضيه شاسعة المساحة".

وأضاف: "لكنهم أخذوا والدي في عمر 98 عاماً ودفعوه للتوقيع على أوراق بيضاء، ليتضح أنها تضمّنت الأراضي التي يريدون الاستيلاء عليها، وهي حوالي 20 ألف دونم سجلتها السلطات على أن والدي تنازل عنها لصالح الدولة، وبالتالي تبقّى 2220 دونماً، لدي أوراق ومذكرة قضائية بملكيتها".

وتابع: "فجأة جاءت دائرة الأراضي الإسرائيلية لتقول إن هناك قانوناً تم سنّه في العام 2011 وأن هذه الأراضي تُعتبر تابعة للصندوق القومي اليهودي وسيتم تشجيرها، لتحضر قبل حوالي 5 شهور الجرافات لتجريف الأرض استعداداً لذلك".

تتعامل السلطات الإسرائيلية مع كافة الأراضي العربية في النقب على أنها أملاك دولة غزاها البدو وسيطروا عليها

وأكد الهزيل قائلاً "اخترنا التصدي لهذا الوضع سلمياً، كما أن البلدية بدورها قامت ببعث رسائل للجهات المختصة، لكن كل هذا لم يأت بنتيجة، وبدأت عمليات التجريف تمهيداً للتشجير".

وأضاف "نحاول الوصول إلى اتفاق مع السلطات لتحويل هذه الأرض إلى حارات للسكن لعائلة الهزيل، لكن السلطات أبلغتنا بأن القسم الشمالي من الأرض سيكون أحراجاً"، لافتاً إلى أن "المساحة التي ينوون تشجيرها ليست بسيطة فهي حتى الآن بلغت 370 دونماً تقريباً، منها 25 دونماً من أرضي شخصياً حتى الآن".

وتابع الهزيل: "زرع أولادي أشجار زيتون في أرضي منذ العام 2018، وقبل أيام حضرت قوات وحدة يوآف ووضعت أمراً باقتلاع الأشجار من الأرض بحجة أنها تابعة للدولة ولا يحق لي أن أزرع فيها على الرغم من أنني صاحبها ومالكها أباً عن جد".

وإزاء ما يحصل، قرر الأهالي من عائلة الهزيل أن يكون ردهم على مخطط التشجير هو الاحتجاج السلمي، فقاموا ببناء خيمة اعتصام في الأرض قبالة موقع التجريف والتشجير، بالإضافة إلى الترتيب لفعاليات احتجاجية سلمية أخرى، مع محاولة التوصل إلى تفاهمات وتسوية حقيقية بشأن هذه المنطقة.

وشرح عامر الهزيل أن "مخطط التهجير يمكن أن يمتد من قرية ضحية شمالاً إلى أرض أبو وادي ثم إلى الزيادنة والهزيل وادي الصفا، ويمتد شرقاً إلى هراب الرزوق لأنه سيستمر إلى الشرق بالتأكيد، وبالتالي من الممكن عملياً أن يلتهم هذا المشروع حوالي 8000 دونم تقريباً".

وأشار إلى أن "هذه الأرض تقع بالكامل ضمن مسطح الخريطة الهيكلية لبلدية رهط الذي أقر عام 2017، ولكن لم نسمع موقفاً واحداً من البلدية إلا القول إنها أرسلت مكتوباً للجهات المسؤولة، لكن سؤالنا أين هي من هذه القضية؟".

يُذكر أن الأراضي إلى جوار خربة الهزيل هي أراضٍ زراعية خصبة تتم زراعتها سنوياً بالقمح والمحاصيل الزراعية التي تعد مصدر رزق لأصحاب الأرض، ومن المفترض أنها ستتحوّل مستقبلاً إلى قسائم للبناء لأبناء العائلة بناء على الاتفاقات التي أبرمت سابقاً بخصوصها.

تجريف أراضي عائلة الهزيل في النقب

ضغط جماهيري بوجه الاحتلال في النقب

أحد أصحاب الأراضي المتضررين من مخطط التشجير، يدعى عصام الهزيل، قال إن "الجرافات التهمت ثلث الأرض بالكامل، 100 متر على طول الأرض، بينما لم تلتهم من أراضي عائلات مجاورة أكثر من 15 متراً على طول الأرض".

وأضاف "قد نرى أن مساحة الـ1300 دونم قد تحوّلت إلى أحراج، بين عشية وضحاها، على الرغم من أننا في العام 2008 قدّمنا اعتراضاً على تشجير الأرض وأوقفناه، إلا أن الجرافات عادت للعمل في العام 2018، وقال لنا المسؤولون في ما تسمى (سلطة الأراضي) إنه لم يتم تقديم اعتراض".

وتابع الهزيل: "نحن نحتاج إلى قسائم أرض للبناء، إذ لا يُسمح لأفراد عائلة الهزيل بشراء قسيمة بناء في ضواحي مدينة رهط جنوباً، بحجة أنه يجب علينا الانتظار حتى يتم فتح قسائم بناء للسكن في أرضنا بالقرب من خربة الهزيل"، لافتاً إلى أن "هذه الأرض التي وُعدنا بها من الواضح أن مصيرها سيكون التشجير في أقرب فرصة تتاح لدائرة الأراضي والصندوق القومي لإسرائيل".


مهران الهزيل: هذا المخطط إذا أُقر يصعب إيقافه قضائياً، والحل الوحيد هو الضغط الجماهيري

أما المحامي مهران الهزيل، فأشار إلى أن "هذا المخطط أُقر قبل عدة سنوات ولم نعرف، لكن بلدية رهط، والتي كان يجب أن تكون شريكة في التخطيط، علمت به"، معتبراً أنه كان عليها أن تبلغ الأهالي المتضررين بأن هناك تخطيطاً على أراضيهم، لكنها لم تفعل

وأوضح أن "المشكلة هي أن هذا المخطط إذا أُقر يصعب إيقافه قضائياً، والحل الوحيد هو الضغط الجماهيري، إذ يبدو أن دائرة أراضي إسرائيل لا تعترف بملكية العرب للأرض في كل أنحاء النقب، بل في كل البلاد، وبالتالي عندما يأتي التخطيط تقرر أن الأراضي لها".

ولفت الهزيل إلى أن هذا مخطط كبير جداً ويبتلع الكثير من الأراضي، مضيفاً "جلسنا معهم لنفهم ما الغرض من تشجير ما يقارب المائة متر على طول الأراضي من منطقة الوادي، فهناك وادٍ في الأرض، فقالوا إن هذه هي السياسة القائمة، فتوجهنا لإيجاد حل وسط، لكن يبدو أنه حسب سياسة التشجير يسهل قلع البشر ولا يسهل قلع الشجر، وهذه سياسة دائرة الأراضي والصندوق القومي اليهودي على حد سواء".