الاستفادة القصوى من الأزمة

05 مارس 2022
تنتقي دولة الاحتلال من تستوعبهم من الأوكرانيين الفارين من الحرب (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

لم تكن دولة الاحتلال الإسرائيلي لتصوّت مع قرار الإدانة الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة بحق الغزو الروسي لأوكرانيا، لو لم تكن هي نفسها استحقت عشرات، إن لم يكن مئات قرارات الإدانة المشابهة، بل وبعضها أشد لهجة، من دون أن تؤثر هذه القرارات بشيء في سياساتها وممارساتها المختلفة بحق الشعب الفلسطيني، ومن بينها جرائم حرب بحق الإنسانية.

وعليه، يمكن القول إن تصويتها، حتى وإن بدا استجابة لضغوط أميركية، جاء بعد إدراكها أن هذا التصويت لن يؤثر، على الأقل في هذه المرحلة الأولى من الحرب، على مصالحها المختلفة، مثل ما لن يغير شيئاً، في هذه المرحلة أيضاً، على القرار الروسي بمواصلة العمليات في أوكرانيا، والأهم من ذلك القرار الروسي باستمرار التنسيق العسكري مع دولة الاحتلال في سورية.

وبهذا تبدو إسرائيل في تحركاتها نسخة عملية لتحركات ومواقف المعسكر الغربي الذي تنتمي إليه أصلاً، والذي اعتاد في أشد الأزمات الدولية عموماً، والجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني خصوصاً، الاكتفاء بعبارات الاستنكار والشجب وتعليق "الأمل على تحقيق السلام وحلّ النزاعات بالطرق السلمية".

تمكن الزيادة والقول إن إسرائيل، بمواقفها الحالية ومحاولة اصطناع دور الوسيط، تستغل ما تبقى لها من الوقت لتحقيق أكثر فائدة ممكنة من الحرب الروسية في أوكرانيا، طالما لم تغير روسيا من تقديرها، بالقاسم المشترك بينها وبين إسرائيل، في حفظ نظام الأسد، مع إبقائه ضعيفاً بما يخدم مصلحة الطرفين.

فإسرائيل تريد استدامة الأزمة في سورية والإبقاء على نظام مرفوض من شعبه وغير قادر على حماية نفسه، ما يعيق إعادة سورية وشعبها إلى المسار الصحيح لبناء دولة حرة وديمقراطية قد تهدد أمنها. وروسيا تريد إسرائيل "بعبعاً" يبرر بقاءها في سورية، ووكيلاً ثانوياً يقوم بإضعاف إيران ومليشياتها على الأرض السورية ليزيد من حاجة النظام لروسيا.

وفوق هذا، تسعى إسرائيل، وهي تقوم بانتقاء من تستوعبهم من الأوكرانيين الفارين من ويلات الحرب على أساس هويتهم اليهودية المثبتة، إلى ضمان تسهيلات روسية لجلب يهود روسيا من دون أن يضطر هؤلاء إلى ترك أموالهم خلفهم، ثم الخروج بمظهر الوسيط الذي يرفض مدّ مناطق النزاع بالسلاح، بعدما اعتاشت على تغذية مثل هذه المناطق بالسلاح، لكنه لا يتوانى عن تقديم المساعدات الإنسانية للفارين من الحرب.

المساهمون