الارتباط بحزب البعث العراقي... شبح يلاحق مرشحي الانتخابات المحلية

21 أكتوبر 2023
من انتخابات مجالس المحافظات ببغداد، إبريل 2013 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، عزل واستبعاد مرشحين لانتخابات مجالس المحافظات (الحكومات المحلية)، المقررة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وأعلنت المفوضية، الأحد الماضي، أن عدد المرشحين المستبعدين بلغ 255 مرشحاً، وأن أغلبهم على ارتباط بحزب البعث العراقي المحظور في البلاد عقب الغزو الأميركي لها عام 2003. مع العلم أنه قبل شهر تقريباً استبعدت المفوضية مائة مرشح.

وأكد رئيس الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات عماد جميل، في تصريحات للصحافيين في بغداد، أنه "تم لغاية اليوم (أمس) الجمعة، استبعاد أكثر من 300 مرشح وزعوا على النحو الآتي: 197 عبر هيئة المساءلة والعدالة (هيئة اجتثاث حزب البعث)، و102 قيد جنائي، ومنتسب في الأمن الوطني، وشخص بسبب الإرهاب، وشخص بسبب النزاهة، و19 غير مكتملي شروط الترشيح". 

وبحسب مصادر سياسية، فإن أبرز المستبعدين هو محافظ نينوى نجم الجبوري، الذي أسس حزباً سياسياً للمشاركة في الانتخابات المحلية، لكنه استبدل ترشحه بترشيح نجله. وعلّق الجبوري غاضباً عبر محطات تلفزيونية عقب القرار، بالقول "إنهم كانوا يقولون عني خوش زلمة (رجل شجاع) عندما كنت أقاتل تنظيم داعش، لكنهم الآن يقولون عني إنني بعثي".

الارتباط بحزب البعث العراقي

وبحسب مصادر سياسية من بغداد والأنبار ونينوى، فإن "استبعاد عشرات المرشحين من المحافظات الغربية والشمالية بتهمة الانتماء أو الارتباط بالبعث، يعد انتهاكاً لحق الترشح في الانتخابات".


نجم الجبوري: كانوا يقولون عني إني شجاع ضد داعش والآن يقولون إنني بعثي

وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد"، بأن "ما تُعرف بهيئة المساءلة والعدالة، باتت لعبة بيد قوى وشخصيات سياسية تمارس الابتزاز والإقصاء، وأن معظم قرارات الاستبعاد جرت باتفاقات سياسية واضحة"، مشيرة إلى أن "استبعاد نجم الجبوري أوضح الأمثلة على الاستخدام التعسفي للسلطة في تحييد الخصوم عن المشاركة السياسية، وبالتالي فإن قرار استبعاده ليس بسبب حزب البعث، بل بسبب توقعات قوى سياسية بأنه سيحصد الفوز في محافظة نينوى، ونفس هذه الإجراءات تحدث في الأنبار وديالى وبغداد".

وتأتي إجراءات استبعاد المرشحين بهذه الطريقة، خلافاً لوعود قطعها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بنقل إجراءات هيئة "المساءلة والعدالة"، المتعلقة باستبعاد أعضاء حزب البعث من المشاركة بالحياة السياسية والحكومية إلى القضاء، ليكون الملف قضائياً بعيداً عن أي جانب سياسي، وهو ما تطلبه القوى السياسية العربية السنية التي تعتبر أن الملف استخدم سياسياً بشكل كبير.

من جهته، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، النائب محمد الصيهود، إن "قرارات هيئة المساءلة والعدالة ملزمة لمفوضية الانتخابات، وبالتالي فإن عمليات التدقيق في السير الذاتية للمرشحين تتم ابتداءً عبر المفوضية، ثم تنتقل إلى هيئة المساءلة والعدالة لاستكمال الإجراءات، وإن من مسؤوليات الهيئة استبعاد أي مرشح كان ينتمي لحزب البعث عن الانتخابات".

وأضاف الصيهود في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة محمد شياع السوداني لا تتدخل بإجراءات المساءلة والعدالة، وقراراتها ملزمة للحكومة أيضاً. وبشأن الاتفاق السياسي الذي تضمن نقل إجراءات الهيئة إلى القضاء، فإن هذا الأمر يعتبر مسؤولية حزبية تكاملية وتشاركية، يعني أن الأحزاب المشاركة في الحكومة مسؤولة عن ذلك".

وأوضح أن "المعترضين على قرارات هيئة المساءلة والعدالة، يمكنهم تقديم الطعون والسير في إجراءات قانونية معينة قد تساهم في حل الإشكال، أو ربما لا تتمكن من ذلك".

من جهته، كشف الناشط السياسي عمر فاروق، أن "هيئة اجتثاث البعث، أو ما تُعرف بالمساءلة والعدالة، كان لا بد أن يكون عملها انتقالياً بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وليس من المعقول أن تستمر هذه الهيئة بنفس طريقة التعامل مع العراقيين منذ 20 عاماً، وهناك فرق كبير ما بين القيادي في حزب البعث، وبين العضو الذي كان يُفرض عليه الانتماء".

واعتبر فاروق في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "استبعاد بعض المرشحين للانتخابات بسبب تهمة البعث بعد مرور 20 عاماً على انتهاء حكم حزب البعث في العراق، يمثل حالة من حالات العقوبة السياسية لمن لا يرضخ، ولمن يرفض مسايرة أحزاب السلطة، وأن هذا التعامل سيؤدي في النهاية إلى اشكاليات اجتماعية وسياسية".


عمر فاروق: استبعاد بعض المرشحين بسبب تهمة البعث يمثل حالة من حالات العقوبة السياسية لمن لا يرضخ

أقرّ قانون الاجتثاث في عام 2005 بعد عامين على الغزو الأميركي للعراق، ونص عليه الدستور العراقي، وترتبت على أثره إقالة عشرات آلاف العراقيين من وظائفهم، ومصادرة أملاك آلاف آخرين وإحالة قسم إلى القضاء، إلا أن كتلاً سياسية عدة تواصل المطالبة بتفعيلات جديدة فيه وضمان فعاليته في الانتخابات المحلية المقبلة، بهدف ما تسميه منع وصول البعثيين إلى البرلمان.

انتخابات مجالس المحافظات

وتواجه هيئة "اجتثاث البعث"، التي تحوّل اسمها إلى "هيئة المساءلة والعدالة"، اتهامات واسعة بالانتقائية في إصدار أحكام الإقصاء أو الإقالة من المؤسسات والدوائر الرسمية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة على المستوى السياسي.

ومن المقرر أن يُجري العراق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013. وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور.

وبحسب بيانات مفوضية الانتخابات العراقية، فإن أكثر من 23 مليون مواطن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات، من بينهم أكثر من 10 ملايين شخص قاموا بتحديث سجلاتهم الانتخابية حتى الآن.

وأكدت المفوضية أن 296 حزباً سياسياً انتظمت في 50 تحالفاً ستشارك في الانتخابات، ويتنافس المرشحون على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام، وجرى تخصيص 75 منها ضمن كوتا للنساء و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية.