أصدرت المنظمات الأممية والدولية مئات الوثائق المعنية بممارسات الاحتلال الصهيوني، مجملها يسلط الضوء على الانتهاكات والجرائم الصهيونية بحق الشعب والأرض الفلسطينيين، في حين لم يكن الاحتلال الصهيوني مجرد خطر محدق بمصير ومستقبل شعب وأرض فلسطين فقط، بل يمثل كذلك؛ خطراً يهدد استقرار وسلامة الكرة الأرضية.
طبيعة المشروع/الاحتلال الصهيوني؛ تفرض ذاتها على ممارساته اليومية، التي لا يتوخى من خلالها استغلال ثروات فلسطين الطبيعية ومواردها البشرية، بقدر ما يسعى من خلالها إلى تدمير سبل عيش واستمرار بقاء شعب فلسطين، حتى لو كان ثمن ذلك تدمير الأرض والطبيعة.
لا تنحصر الجرائم الصهيونية في تصفية شعب فلسطين عرقياً عبر وسائل القتل التقليدية، القنص والقصف والرمي بالرصاص؛ أحياناً من مسافة صفر، والحصار؛ كما في حالة قطاع غزة، وصولاً إلى تدمير الاقتصاد وقطع الأرزاق وتقليص فرص العمل إلى حدها الأدنى، فضلاً عن تدمير القطاع الصحي والحد من إمكانية حصول الفلسطيني على الطبابة المناسبة والعاجلة، التي يطلق عليها؛ سياسات القتل/الإهمال الطبي.
وفق تقارير إخبارية فلسطينية؛ قتل الاحتلال قرابة 230 فلسطينياً، منذ بداية العام 2022، في كل من الضفة الغربية؛ بما فيها القدس، وقطاع غزة، كذلك رصد تقرير العربي الجديد "القتل البطيء في غزة... الاحتلال يحرم مرضى من استكمال العلاج، عرقل الاحتلال علاج 1200 مريضاً من قطاع غزة فقط، في الفترة الممتدة بين بداية العام 2022 إلى نهاية مايو/أيار الماضي، كما نتج عن سياسات الإهمال/القتل الطبي الصهيونية استشهاد الأسير ناصر أبو حميد؛ 50 عاماً، صباح يوم الثلاثاء الموافق 21/12/2022.
عنصرية وإجرام المشروع الصهيوني طاولا طبيعة وبيئة فلسطين، التي يعمل الاحتلال على تدميرها كذلك خدمةً لهدفه الرئيسي المتمثل في تطهير شعب فلسطين عرقياً؛ إزالته من الوجود، من خلال جملة من سياسات تدمير البيئة الفلسطينية، عبر اقتلاع الأشجار ومصادرة الأراضي وتلويث المياه والتربة.
يوثق تقرير "الانتهاكات الإسرائيلية للحق الفلسطيني لبعض المصادر الطبيعية، خلال عام 2021"، الصادر عن مركز أبحاث الأراضي في 20/2/2022، مصادرة أو تجديد أوامر مصادرة أراض فلسطينية تبلغ مساحتها 25,364 دونماً، بواسطة جيش الاحتلال والمستوطنين، فضلاً عن تدمير أراض فلسطينية تبلغ مساحتها 2931 دونماً، عبر تجريفها أو إغراقها بالمياه العادمة أو حرقها أو استخدامها عسكرياً أو تسميمها بالمواد الكيميائية.
لم يكن الاحتلال الصهيوني مجرد خطر محدق بمصير ومستقبل شعب وأرض فلسطين فقط، بل يمثل كذلك؛ خطراً يهدد استقرار وسلامة الكرة الأرضية
كذلك؛ وثق التقرير اعتداء جيش الاحتلال أو المستوطنين على 17,755 شجرة منها 9965 شجرة زيتون، قتل/أعدم منها 13,845 شجرة، فضلاً عن سرقة 915 شجرة زيتون اقتلعت من أراض فلسطينية ثم نقلت إلى مستوطنات مختلفة.
على صعيد الثروة المائية؛ وثق التقرير هدم الاحتلال 93 بئراً وبركة ماء، يبلغ حجمها 15,722م3، يستفيد منها 1050 شخصاً، وتروي أكثر من 18000 دونما زراعي، كما هدد الاحتلال بهدم 86 بئراً وبركة تروي قرابة 1000 دونم، فضلاً عن انتهاكات أخرى مثل مصادرة صهاريج وخزانات المياه المتحركة.
أخيراً؛ لم تكتفِ المستوطنات بالمشاركة في الاعتداءات المذكورة سابقاً فقط، إذ تعتدي المستوطنات وساكنيها على الأراضي الفلسطينية المزروعة بطرق أخرى، فردياً وجماعياً، منها؛ على سبيل الذكر لا الحصر، الاعتداء بالمياه العادمة، نتج عنها إغراق 2044 دونماً من الأراضي الفلسطينية، تضرر منها 6610 شجرات، منها 3370 شجرة زيتون.
من كل ذلك؛ يتضح أن تداعيات المشروع/الاحتلال الصهيوني الكارثية، تطاول الحياة البشرية والحيوانية والنباتية والبيئية قاطبةً، ما يمثل تهديداً على كامل البشرية، التي تصارع من أجل البقاء في ظل التهديدات البيئية الأخرى، وعليه، يمكن القول إن تحرير فلسطين من هذا المشروع السرطاني ضرورة إنسانية كما هو ضرورة فلسطينية.