تصاعدت شدة الاشتباكات بين "حزب الله" اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وتصاعدت معها لهجة المسؤولين الإسرائيليين، وإشارة المحللين إلى أن احتمالات توسع الحرب ازدادت، في حال عدم تمكن الوسطاء من احتوائها.
ويعزز فرضية المزيد من التصعيد الإسرائيلي، حتى لو لم يكن بحجم حرب شاملة، تصريحات أطلقها قائد هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، إلى جانب الضغوطات التي يمارسها سكان المناطق الشمالية القريبة من الحدود اللبنانية على الحكومة لتوفير حل يتيح لهم العودة الى بيوتهم، ومنهم من يطالب علناً بشن حرب.
إشارة أخرى تكمن في تدريب لقوات في الجيش الإسرائيلي في الشمال هذا الأسبوع، إضافة إلى سحب قوات من قطاع غزة قد تُرسل، بعد أن تحظى بقسط من الراحة وإجراء تدريبات إضافية، إلى الشمال.
وزاد جيش الاحتلال هجماته على مناطق في لبنان خلال الأيام الأخيرة، وكذلك فعل "حزب الله" الذي صعّد قصفه لأهداف إسرائيلية، وقد يقود هذا الوضع تدريجياً إلى حرب شاملة حتى لو لم يتعمّد كلا الطرفين الدخول فيها.
وأفادت القناة 12 العبرية، اليوم الخميس، بأن المسؤولين الإسرائيليين يدركون بأنه يمكن حدوث تطورات في المعارك مع "حزب الله" في لبنان في أي لحظة، في ظل التصعيد الحاصل، ما قد يؤدي إلى حرب شاملة.
وقالت القناة إن التحذير الذي أطلقه رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، حول ازدياد احتمالات الدخول في حرب شاملة، موجّه لـ"حزب الله"، وكذلك للإدارة الأميركية.
وقال هليفي، خلال تدريب لقوات الاحتياط في الشمال: "نحن في مرحلة تعزيز الاستعدادات للقتال في لبنان. لدينا الكثير من الدروس المستفادة من القتال في غزة، والعديد منها وثيق الصلة للغاية بهذا القتال، وهناك بعض الأمور التي يجب تعديلها".
وأضاف: "نريد تحقيق هدف واضح للغاية في لبنان، وهو إعادة السكان إلى جميع البلدات في الشمال. نحن ندرك أن هذا يجب أن يتم عبر تغيير مهم للغاية. أنا لا أعرف موعد الحرب في الشمال، ولكن يمكنني إخباركم أن احتمال حدوث ذلك في الأشهر القريبة أعلى بكثير مما كان عليه في الماضي، والآن نبدأها مع أفضليات أكبر بكثير".
وبحسب القناة 12، تحاول إسرائيل أن تقول للولايات المتحدة إن هناك حاجة لخطوات دبلوماسية أميركية تقود إلى إبعاد "قوات الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" عن الحدود ومنع المواجهة إذا لم تكن واشنطن معنية بتوسّع الحرب.
وكانت إسرائيل قد أوضحت للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين أن سكان المناطق الشمالية القريبة من الحدود مع لبنان لن يعودوا بدون اتفاق، سواء جرى تحصيله بطريقة سياسية، أو فرضه من خلال الحرب.
"بطاقة حمراء قبل بدء الشيء الحقيقي"
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي أن الواقع الأمني في الشمال يمتاز بتوتر متصاعد، وهذا مرتبط أيضا بالضغط الكبير الذي يمارسه سكان الشمال على السياسيين الإسرائيليين المطالبين بحلول تضمن عودتهم إلى منازلهم التي تركوها منذ بداية الحرب، في حين يؤكدون أن هذه العودة إلى جميع المستوطنات أو إلى جزء منها ستكون فقط بعد إبعاد "حزب الله" عن السياج الحدودي، وتوفير ظروف تتيح العيش والعمل بأمان، دون مخاوف من الإصابة بالصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدروع أو محاولات مقاومين تجاوز الحدود.
ويضيف بن يشاي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، "يتعهدان بأن هذا ما سيحدث، ولكنهما من فترة إلى أخرى يمنحان فرصة للجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الولايات المتحدة من خلال مبعوثها عاموس هوكشتاين".
وأبلغ هوكشتاين الجانب اللبناني، بحسب الكاتب الإسرائيلي، خلال جولاته الأخيرة، بأن "إسرائيل لن تتردد في إخراج جيشها إلى الحرب، براً وجواً وبحراً، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة"، وأن "هذا ما سيحدث في حال واصل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تمسّكه بشرط وقف الحرب في غزة من أجل التفاوض على مقترحات شاملة بشأن الخط الحدودي و13 نقطة خلافية أخرى"، في منطقة مزارع شبعا.
وكان السطر الأخير للرسالة الإسرائيلية التي حملها هوكشتاين أن "إسرائيل قد تخرج في عملية عسكرية ليست مبنية على الجدول الزمني والشروط التي يضعها نصر الله".
وبتقدير الكاتب، فإن "هذه التهديدات ليست فارغة من مضمونها"، مشيراً إلى أن "قائد المنطقة الشمالية أوري جوردين كان قد تابع هذا الأسبوع عن قرب تدريباً لتجهيز لواء احتياط في جيش الاحتلال لعملية برية في جنوب لبنان، وأن هذه لم تكن إشارة فارغة".
كما أشار إلى أن دولة الاحتلال "تقوم بإخراج قوات من قطاع غزة بوتيرة متصاعدة، من أجل الاستعداد لأي سيناريو، بما في ذلك لحرب في جنوب لبنان في حال فشل جهود هوكشتاين والوسطاء الفرنسيين".
وبرأي الكاتب، فإن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومجلسها الحربي يرغبان بأن يدرك الطرف اللبناني أن "الحديث لا يدور حول لعبة تخويف، وإنما بطاقة حمراء واضحة قبل أن يبدأ الشيء الحقيقي".
وأضاف: "حتى وإن كانت إسرائيل غير معنية بحرب مع حزب الله في هذا الوقت، من المتوقع أن تزيد كثافة العمليات (العسكرية) ضده، وربما أيضاً إلى مناطق ليست في جنوب لبنان فقط. وفي هذا السياق، يعتقدون في إسرائيل أن سحب جزء كبير من القوات التي حاربت في غزة، من أجل الانتعاش والتدريب، يوفر الآن للجيش مرونة أكبر، حتى إزاء القرار الذي قد يؤدي إلى مواجهة بقوة أكبر بكثير، إلى حدّ الحرب أيضاً على الحدود الشمالية".