"الاتحاد الديمقراطي" الكردي... تغيير القيادة وثبات الخطاب

24 سبتمبر 2024
قوات من "قسد" في دير الزور، سبتمبر 2023 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تغييرات قيادية في حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي: انتخاب بروين يوسف وغريب حسو كرئيسين مشتركين، وتقليص عدد أعضاء المجلس العام من 145 إلى 90 عضوًا، مع تأكيد على تمثيل الإدارة الذاتية في العملية السياسية السورية.

- التحديات السياسية والأمنية: يواجه الحزب عداءً تركيًا واستبعادًا من العملية السياسية، مع مخاوف من عملية عسكرية تركية واسعة النطاق، وزيادة التقارب التركي مع نظام الأسد.

- الهيمنة على القرار الكردي والخلافات الداخلية: يُتهم الحزب بمحاولة التسلط على قرار الأكراد واستبعاد المنافسين، مع فشل محاولات تشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين.

أجرى حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، تغييرات على مستوى قيادته، في ختام مؤتمره العاشر الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة الحسكة بأقصى الشمال الشرقي من سورية، والذي يقع جلّه تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تشكل الوحدات الكردية، الذراع العسكرية لهذا الحزب، ثقلها الرئيسي. وانتخب أعضاء المؤتمر الذي التأم يومي السبت والأحد، بروين يوسف، وغريب حسو، رئيسين مشتركين للحزب، بدلاً عن صالح مسلم وآسيا عبد الله، بحسب وسائل إعلامية مقربة من هذا الحزب. وقلّص "الاتحاد الديمقراطي" عدد أعضاء المجلس العام من 145 إلى 90 فقط، وفق تعديلات أجراها على نظامه الداخلي خلال المؤتمر.

مؤتمر عاشر لحزب "الاتحاد الديمقراطي"

وقال الحزب في بيان صدر عقب انتهاء أعمال مؤتمره، إن "حلّ الأزمة السورية على أساس المسار السياسي وفق القرار الدولي 2254، لن يكون في متناول اليد، من دون تمثيل وازن للإدارة الذاتية (الذراع المدني والإداري لقسد) في العملية السياسية السورية". وأشار إلى أن أعضاء المؤتمر أكدوا "تطوير العمل المشترك ونسج التفاهمات مع قوى المعارضة الوطنية التي تؤمن بالحلّ الديمقراطي في سورية"، مؤكداً انفتاحه "على الحوار مع مختلف الأطراف السورية على أساس صون مصالح الشعوب، في مقدمتها القضية الكردية كقضية وطنية عادلة وفق دستور ديمقراطي توافقي". وبحسب البيان، "عدّ المؤتمر أن الاتفاق الديمقراطي بين الشعبين الكردي والعربي، هو مسألة استراتيجية يجب تطويرها وإفشال التهديدات التي تسعى للنيل منها".

اعتبر الحزب أن حلّ الأزمة السورية لن يكون في متناول اليد، من دون تمثيل وازن للإدارة الذاتية في العملية السياسية

وتعتبر المعارضة السورية "الاتحاد الديمقراطي" نسخةً سورية من حزب "العمّال الكردستاني" المصنف في خانة التنظيمات الإرهابية في بعض البلدان، وهو ما دفع المعارضة إلى إخراج "الاتحاد الديمقراطي" من هيئاتها، واعتباره حزباً يدفع باتجاه تقسيم سورية.

وتأسس حزب "الاتحاد الديمقراطي" في عام 2003 من قبل أعضاء سوريين في حزب العمّال الكردستاني، الذي ينشط منذ تأسيسه في الثمانينيات من القرن الماضي في تركيا. وكان حزب العمّال يتلقى دعماً من النظام السوري قبل عام 1998 حين هدّد الجيش التركي باجتياح الشمال السوري ما لم يتم تسليم قائد هذا الحزب، عبد الله أوجلان، الذي كان يقيم في العاصمة السورية دمشق. وبعد انطلاق الثورة السورية في عام 2011، نشط الحزب (الاتحاد الديمقراطي) في شمال شرق سورية، من خلال ذراعه العسكرية "وحدات حماية الشعب"، وبات يسيطر اليوم عملياً على ثلث مساحة سورية من خلال "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي شكّلت هذه القوات في عام 2015 لمحاربة تنظيم "داعش". ويعد "الاتحاد الديمقراطي" أبرز أحزاب الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، ويتفرد عملياً بقرار هذه المنطقة الغنية بالثروات الزراعية والنفطية التي يشكل العرب غالبية سكانها.

ويعد العداء التركي لهذا الحزب وأداته العسكرية، أبرز التحديات التي تواجهه في الوقت الراهن، فضلاً عن استبعاده من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة. وفشل "الاتحاد الديمقراطي" أخيراً في إجراء انتخابات بلدية في مناطق سيطرته بسبب مخاوف جدية من عملية عسكرية واسعة النطاق من الجانب التركي الذي يعتبر هذا الحزب تهديداً مباشراً لأمنه القومي. وتنظر أنقرة إلى أي انتخابات يمكن أن تُجرى في شمال شرق سورية، على أنها خطوة واسعة باتجاه فرض إقليم ذي طابع كردي في المنطقة، وهو ما يعد من الخطوط الحمراء لدى الجيش التركي الذي يخوض حرباً مع حزب العمال الكردستاني منذ عقود في تركيا والعراق وسورية.

هيمنة على القرار الكردي

وسبق للجيش التركي أن شنّ عمليتين ضد وحدات "حماية الشعب" الكردية، الأولى في غرب الفرات، سيطر من خلالها على منطقة عفرين مطلع عام 2018 والثانية في شرق الفرات، فسيطر على منطقتي تل أبيض ورأس العين أواخر عام 2019. ويخشى "الاتحاد الديمقراطي" والأحزاب التي تدور في فلكه، انعكاس التقارب التركي مع نظام الأسد سلباً عليه، خصوصاً أن المخاوف التركية من "قسد"، هي المحرك والدافع الرئيسي لانفتاحها على النظام بعد سنوات قطيعة وعداء. وتفاوض الحزب مع النظام السوري خلال السنوات الماضية برعاية روسية، بيد أن التفاوض لم يفض إلى نتائج بسبب رفض النظام مطالب بدخول "قسد" في منظومته العسكرية، والاعتراف بالإدارة الذاتية في الدستور السوري.

عدّ المؤتمر "الاتفاق الديمقراطي بين الشعبين الكردي والعربي، مسألة استراتيجية"

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي المقرب من الإدارة الذاتية إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد"، هذا الحزب "الحامل الرئيسي للإدارة الذاتية وعمودها الفقري"، مشيراً إلى أنه من الأحزاب التي "تغيّر قياداتها مقارنة مع أغلب الأحزاب الكردية". وبيّن أنه يعتبر نفسه "حزباً أممياً لا يقتصر أعضاؤه على الأكراد السوريين فقط"، مضيفاً أنه يسعى إلى استيعاب أعضاء من مكونات غير كردية. كما أشار إلى أن الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية "تضم اليوم موظفين من كل مكونات الشعب السوري في المنطقة"، مضيفاً أن "هناك دائماً وجوهاً جديدة في قيادته ومفاصله الإدارية".

في المقابل، يُتهم حزب الاتحاد الديمقراطي بمحاولة التسلط على قرار الأكراد السوريين واستبعاد المنافسين له، خصوصاً أحزاب المجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري ويعتبر الممثل الشرعي للأكراد في مؤسسات المعارضة السورية. ولطالما اتهم المجلس الوطني هذا الحزب بمهاجمة وإحراق مكاتب أحزابه في مختلف المناطق السورية ذات الحضور السكاني الكردي، خصوصاً في محافظة الحسكة.

وفشلت كل محاولات تشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين من أحزاب "الإدارة الذاتية" وأحزاب المجلس الوطني الكردي، على الرغم من خوض الجانبين جولات حوار عدة خلال السنوات، بدفع ورغبة من الجانب الأميركي الذي وصل، كما يبدو، إلى قناعة أنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى اتفاق مرضٍ للجانبين، لذا أبقى هذا الحوار معلقاً منذ نحو عامين. ويُطالب المجلس بـ"فكّ الارتباط بين الإدارة وحزب العمّال الكردستاني، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري مع دخول البشمركة السورية إلى الشمال الشرقي من سورية، للتوصل إلى اتفاق مع حزب الاتحاد الديمقراطي". ويدعو إلى معالجة "الوضع التعليمي وإيجاد حلّ عملي يضمن مستقبل الطلاب بشهادات معترف بها، وإدخال التعليم باللغة الكردية بشكل يناسب ذلك، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين".


 

المساهمون