قال قادة دول مطلة على بحر البلطيق ودول وسط أوروبا، اليوم الخميس، إنّ الاتحاد الأوروبي يتعرض لهجوم متعدد الجبهات من جانب روسيا، ودعوا إلى تأييد فرض عقوبات اقتصادية جديدة على موسكو، في حين أشارت ليتوانيا إلى احتمال شن ضربات عسكرية روسية من بيلاروسيا.
وتعتبر التحذيرات التي صدرت في قمة للاتحاد الأوروبي من أبرز التحذيرات الصادرة في الأسابيع الأخيرة، في وقت تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي لردع أي هجوم روسي محتمل على أوكرانيا، وتقليص هامش المفاجأة لدى موسكو.
وتبين مسودة للبيان الختامي للقمة، اطلعت عليها "رويترز"، أنّ قادة الاتحاد الأوروبي سيحذرون من "عواقب هائلة" إذا غزت روسيا أوكرانيا، وهو ذات الموقف الذي تتبناه واشنطن.
وقال كريشيانيس كارينش رئيس وزراء لاتفيا، للصحافيين: "نحن في الواقع نواجه سلسلة من الهجمات. وأراها جميعاً مرتبطة ببعضها البعض"، مشيراً إلى "لاجئين من الشرق الأوسط أرسلتهم بيلاروسيا إلى حدود الاتحاد الأوروبي، وأسعار الغاز الطبيعي المرتفعة ارتفاعاً مصطنعاً بتدبير من جانب موسكو، وتشويه إعلامي روسي".
ورغم أنّ رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، قال إنّ أي نزاع مع روسيا يجب حله "بالوسائل السلمية"، فقد حاولت دول البلطيق المجاورة لروسيا التركيز على ما تراها محاولات من جانب موسكو لطمس الخط الفاصل بين السلام والحرب.
وقال رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا بعد يوم من عقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة مع أوكرانيا وجمهوريات سوفياتية سابقة في بروكسل: "نحن نواجه على الأرجح أخطر وضع في الثلاثين عاماً الأخيرة. وأنا لا أتحدث عن أوكرانيا وحدها بل عن الجناح الشرقي لحلف الأطلسي".
وأوكرانيا هي نقطة الخلاف الرئيسية بين روسيا والغرب في الوقت الحالي. وتقول الولايات المتحدة إنّ روسيا حشدت أكثر من 100 ألف جندي على حدود أوكرانيا ربما استعداداً للغزو. وتقول موسكو إنّ تصرفاتها دفاعية محضة وتتهم كييف والغرب بالتصرفات الاستفزازية.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، لدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة في القمة، إنّ قادة الاتحاد الأوروبي سيشددون على "حصانة حدود أوكرانيا".
وأيّد أيضاً قرار وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك طرد أفراد من السفارة الروسية في برلين، بعدما توصلت محكمة ألمانية إلى أنّ روسيا أمرت بقتل متمرد شيشاني سابق في حديقة ببرلين في 2019.
وقال رئيس وزراء سلوفينيا، يانيز يانشا، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، إنه "ربما تكون هناك بعض القنوات المفتوحة لبعض المفاوضات الجادة" خلال الأيام المقبلة، مضيفاً أنها قد تشمل محادثات بين فرنسا وألمانيا وأوكرانيا وروسيا.
محادثات بين "الناتو" وأوكرانيا
في الأثناءـ حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ، بعد محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يزور بروكسل، من أنّ أي اعتداء على أوكرانيا "سيكون له ثمن باهظ".
غير أنّ ستولتنبرغ دعا روسيا إلى إجراء محادثات مع أوكرانيا، مؤكداً في الوقت عينه أنّ "الناتو" سيواصل دعم أوكرانيا ويقدم لها المعدات والتدريب.
وشدد على وحدة أراضي أوكرانيا وسيادة كييف عليها، لا سيما بعد ضم روسيا "غير الشرعي" لشبه جزيرة القرم، مشيراً إلى أنّ قرار انضمام أوكرانيا لحلف "الناتو" يعود إليها.
روسيا: قدمنا مقترحات "ملموسة" بشأن ضمانات أمنية متعلقة بأوكرانيا
من جانبها، أعلنت روسيا استعدادها للعمل البناء مع الغرب بشأن المقترحات الأمنية الأوروبية، على الرغم من الخلافات بين الجانبين.
وبحسب وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، قالت الخارجية الروسية إن البلاد مستعدة للعمل البناء مع الغرب برغم الخلافات، مؤكدة أنّ المقترحات الأمنية التي سلمتها موسكو إلى الولايات المتحدة "تعد خطوة نحو إجراء حوار موضوعي".
وكانت الولايات المتحدة قالت إنها ستشارك حلفاءها وشركاءها مقترحات روسيا بشأن الأمن الأوروبي، بعدما سلّمت موسكو المقترحات في محادثات مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية كارين دونفريد في العاصمة الروسية، أمس الأربعاء.
وأكد مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، أنّ موسكو قدمت "مقترحات ملموسة" بشأن الضمانات الأمنية المتعلقة بأوكرانيا إلى مساعدة وزير الخارجية الأميركية.
وقال أوشاكوف إن بلاده مستعدة لمناقشة تلك المقترحات التي قدمت لمساعدة وزير الخارجية الأميركية علانية. ولفت إلى أن روسيا منفتحة على الحوار بشأن تطوير تلك الضمانات.
الكرملين: بايدن وبوتين قد يتحدثان مجدداً قبل العام الجديد
في الأثناء، قالت روسيا، اليوم الخميس، إنها مستعدة لإيفاد وزير إلى "أي بلد محايد" لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مقترحاتها للأمن في أوروبا، وإنّ الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن يمكن أن يتحدثا مجدداً قبل العام الجديد.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه لم يتم الاتفاق بعد على شيء محدد، في ما يتصل بإجراء حديث آخر بين الزعيمين اللذين كانت المحادثة السابقة بينهما في السابع من ديسمبر/كانون الأول.
حكم قضائي يحرج موسكو
في غضون ذلك، تسبب قرار قضائي يذكر وجود قوات روسية في المناطق الانفصالية التي تشهد حرباً في شرق أوكرانيا الخميس بإحراج الكرملين الذي تحدث عن "خطأ" من المحكمة.
ونشرت محكمة كيروفسكي في روستوف أون دون، وهي بلدة روسية قريبة من الحدود الأوكرانية، على موقعها الإلكتروني قراراً في تشرين الثاني/نوفمبر يدين مسؤولاً سابقاً في شركة بتهمة "الفساد" بعدما أوضح للمحكمة أنه قام بتسليم مواد غذائية إلى عسكريين روس متمركزين في منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.
وجاء في القرار الذي اطلعت عليه "فرانس برس" لكن حُذف لاحقاً عن موقع المحكمة أن "هذه المواد الغذائية كان يفترض أن تُرسل إلى وحدات القوات المسلحة التابعة لاتحاد روسيا المنتشرة في منطقتي لوغانسك ودونيتسك".
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف رداً على أسئلة الصحافيين "هو على الأرجح خطأ ارتكبه هؤلاء الذين كتبوا هذا النص، لأنه أمر غير معقول. لم يكن هناك أبداً قوات روسية على أراضي هاتين الجمهوريتين المعلنتين من جانب واحد".
وفي اتصال هاتفي مع "فرانس برس"، لم يقر المكتب الإعلامي لمحاكم منطقة روستوف أون دون بالخطأ، لكنه قال إنه أخذ أقوال المتهم بدون التحقق منها.
وأضاف أن "المحكمة لم تتحقق من صحة هذه التصريحات ولم تستطع فعل ذلك".
وعرفت المحكمة عن المدان في.زابالويف على أنه مساعد المدير الإقليمي لشركة روسية تدعى "تيكنولوجيا" وتقدم وجبات للجيوش.
وبحسب المحكمة فقد حُكم عليه بالسجن خمس سنوات لمساعدته في نقل رشاوى تُقدر قيمتها بحوالي 990 ألف روبل (12 ألف يورو) لمسؤول في وزارة الدفاع الروسية من أجل تسهيل عمليات التسليم.
"اعترافات"
ورأت الحكومة الأوكرانية أن ما حصل هو دليل على مشاركة موسكو المباشرة في النزاع الأوكراني.
وقال الناطق باسم الخارجية الأوكرانية أوليغ نكولينكو إن "محكمة كيروفسكي في روستوف أون دون وقعت على اعترافات ستقوي وضع أوكرانيا في الإجراءات ضد روسيا أمام المحاكم الدولية".
وأضاف "من غير المفاجئ أن الروس سحبوا هذا القرار (من موقع المحكمة). لكن ذلك لن يكون كافياً للتغطية على جرائم روسيا في أوكرانيا".
(أسوشييتد برس، رويترز، فرانس برس)