استمع إلى الملخص
- أعربت شخصيات سياسية ومنظمات حقوقية عن قلقها من استمرار الإعدامات، مشيرة إلى اعتمادها على اعترافات تحت التعذيب، مما يفاقم الانقسامات الاجتماعية.
- كشف مرصد "أفاد" عن تنفيذ 50 عملية إعدام في سبتمبر، مما أثار انتقادات من منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش، داعية لوقف الإعدامات لضمان محاكمات عادلة.
لاقت قضية الإعدامات الجماعية في العراق التي كشفت عنها تقارير حقوقية وصحافية خلال الأسابيع الماضية، تفاعلاً واسعاً، ما دفع برئاسة الجمهورية في بغداد لإصدار بيان رسمي بشأنها، اليوم الخميس، أكدت فيه عدم صحة المعلومات التي تحدثت عن عمليات إعدام "جماعية".
خلال الساعات الماضية، أعلنت عدد من القوى والشخصيات السياسية مطالب تتعلق بوقف حملات الإعدام، التي تتزامن مع ترقب التصويت على تعديل قانون العفو العام، بما يضمن إعادة محاكمة المعتقلين وضمان عدالة الأحكام بحقهم، وفقاً لبنود ورقة الاتفاق السياسي التي جرى الاتفاق عليها عام 2022 قبيل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.
وقال بيان لكتلة "متحدون"، بزعامة رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، إن "الظروف الاستثنائية التي عاشها البلد في محاربة الإرهاب والانعكاسات الكارثية التي خلفها تنظيم داعش الإرهابي، لم توفر ظروفاً إنسانية وقانونية عادلة في التعامل مع الموقوفين والسجناء من أبناء شعبنا... المخبر السري والتعذيب وعدم توفر المهنية والأحقاد فعلت فعلها في إصدار أحكام بالإعدام على مواطنين كل ذنبهم أنهم كانوا ضحية ظروف لم تتوفر فيها القدرة على الفرز أو التحقق".
وأعرب البيان عن أسفه من زيادة "وتيرة تنفيذ الأحكام (الإعدام) بصورة تؤشر على غياب المسؤولية تجاه العدالة"، مطالباً الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام، وإحالتها إلى التحقيق مجدداً ثم عرضها على المحاكمة.
وأصدر رئيس "المشروع الوطني" العراقي، جمال الضاري، بياناً قال فيه، إن "استمرار مسلسل الإعدامات في السجون العراقية، بوتيرة متسارعة، يؤكد أن الحكومة ومؤسسة الرئاسة غير جادين، بتجنيب العراق مخاطر الانقسام والضعف في مواجهة المخاطر الكبيرة التي تواجهه". وأضاف "هذه المرحلة هي مرحلة الوحدة والتضامن الشعبي، لعبور التحديات القائمة والقادمة، وتنفيذ إعدام هذا العدد الكبير من العراقيين، برغم الشكاوى من اعتماد الأحكام على اعترافات تحت التعذيب، وادعاءات المخبر السري، وعلى خلفيات طائفية، كل هذا يزيد من الشرخ الاجتماعي ولا يساعد البلاد على التعافي ناهيك عن عبور الأزمات الراهنة". وطالب بوقف تنفيذ أحكام الإعدام لحين صدور قانون العفو العام من مجلس النواب وعند توفر مراجعات شاملة للأحكام القضائية، والتحقيق الجاد والشامل في الشكاوى حول عدالة الأحكام.
وردت الرئاسة العراقية، اليوم الخميس، عبر بيان، قالت فيه: "تداولت بعض الصفحات المشبوهة العائدة لبعض المطلوبين للقضاء وضباط المخابرات في زمن النظام السابق ممن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين، خبراً مفاده صدور مراسيم جمهورية بالجملة للمصادقة على أحكام الإعدام الصادرة على المحكومين بالجرائم الإرهابية.. نود أن نبين أن مثل هذه الأخبار الكاذبة التي يروج لها أعداء العراق إنما تسعى لإثارة الفوضى وخلط الأوراق وتحريك الشارع، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة".
لكن البيان لم ينفِ أيضاً عمليات الإعدام، فقد قال إن "رئاسة الجمهورية لن تتوانى عن القيام بواجباتها في المصادقة على أحكام الإعدام على الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء، بعد أن يستوفي الحكم الإجراءات القانونية كافة من تمييز وإعادة محاكمة وعرض على لجنة العفو الخاص، ورئيس الجمهورية بصفته حامياً للدستور وحريصاً على استكمال الإجراءات القانونية بحق المحكومين، وهو مسؤول عن حماية دماء العراقيين الأبرياء والقصاص من قتلتهم".
ودعا بيان رئاسة الجمهورية "من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام أو ذويهم ممن لم تستوف إجراءاتهم القانونية إلى تقديم طلباتهم لرئاسة الجمهورية من أجل تحويلها إلى الجهات القضائية المختصة".
واعتبر القيادي في "تحالف العزم"، عزام الحمداني، في حديث مع "العربي الجديد"، نفي رئاسة الجمهورية، بأنه "كان متوقعاً، رغم أن كل المعلومات والمعطيات ومناشدة الأهالي تؤكد المصادقة على أحكام الإعدام، خلال الآونة الأخيرة"، مشيراً إلى وجود "حراك سياسي مكثف يهدف للإسراع بتشريع قانون العفو العام، وفق صيغة عادلة تنصف المظلومين في السجون، فيجب إعادة محاكمة من انتزعت منهم الاعترافات بالتعذيب والتهريب، كذلك يجب إيضاح معنى الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية وفق القانون".
كما أكد وجود "تواصل مستمر مع رئاسة الجمهورية وجميع الجهات المختصة التنفيذية، وكذلك القوى السياسية للضغط من أجل إيقاف تنفيذ أي من أحكام الإعدام لحين تشريع قانون العفو العام خلال الأيام القليلة المقبلة، حتى لا يكون هناك ظلم جديد لهؤلاء السجناء وعوائلهم"، فيما دعت النائب بالبرلمان، عائشة المساري، إلى "وقفة حقيقية لرفع الظلم عن المحكومين بالإعدام الذين يعملون وكأنهم في سباق مع القدر"، في إشارة يُفهم منها تأكيد آخر على حصول عمليات الإعدام، وطالبت بسرعة إقرار قانون العفو العام بالبلاد.
وكشف مرصد "أفاد" لحقوق الإنسان في العراق، في وقت سابق، عن تنفيذ السلطات العراقية ما لا يقل عن 50 عملية إعدام في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، واعتبرها من بين أوسع عمليات الإعدام التي تُنفّذ في البلاد منذ 2003، مُحملاً رئاسة الجمهورية مسؤولية تسريع وتيرة عمليات الإعدام في البلاد لغايات سياسية. وفي الشهر الماضي، أكدت وكالة فرانس برس نقلاً عن مصادر أمنية عراقية أن السلطات العراقية نفذت حكم الإعدام بحق 21 شخصاً، بينهم امرأة، مدانين بجرائم أغلبها "الإرهاب".
في وقت سابق من هذا العام، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش استئناف الإعدامات الجماعية في العراق بـ"التطور المريع"، وشددت على أنه ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فوراً عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وأشارت إلى أن الظلم الهائل خلال تنفيذ أحكام الإعدام تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة.