في ظل اتساع دائرة الاحتجاجات داخل إسرائيل وخارجها على الإصلاحات القضائية التي تعمل حكومة الاحتلال الإسرائيلية على تمريرها، كشفت قناة التلفزة الرسمية "كان" أن الائتلاف الحاكم، بقيادة بنيامين نتنياهو، معني بتفريغ الاقتراح الذي قدمته مجموعة من أساتذة القانون في الجامعات الإسرائيلية لتسوية الخلاف بين المعارضة والحكومة بشأن هذه الإصلاحات.
وفي تقرير بثته الليلة الماضية، لفتت القناة إلى أن التعديلات، التي طالبت حكومة نتنياهو ممثلة بسكرتيرها يوسي فوكس بإدخالها على الاقتراح، تعني تحويلها إلى صورة طبق الأصل من مشروع الإصلاحات القضائية التي بلورها وزير القضاء الليكودي، يريف ليفين، الذي أفضى إلى حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي تشهدها إسرائيل حالياً.
وحسب القناة، فإنه في وقت يقترح مشروع التسوية أن يتم تمرير قانون "التغلب"، الذي يسحب من المحكمة العليا صلاحية إلغاء قوانين الكنيست والاعتراض على قرارات الحكومة، بأغلبية 65 نائبا من أصل 120، عدد النواب، فإن الحكومة تطالب بأن يتم تمرير القانون بأغلبية 63 نائبا فقط مما يعني ضمان تمرير القانون، حيث إن الحكومة تحوز أغلبية 64 نائبا.
وأشارت القناة إلى أنه في الوقت الذي يقترح مشروع التسوية أن يتم تمثيل الحكومة والمعارضة بعدد متساو من الأعضاء في اللجنة المخولة باختيار قضاة المحاكم، فإن الحكومة تطالب بأن تحوز أغلبية أعضاء اللجنة.
وفي السياق، رفض زعيم المعارضة يئير لبيد التوجه إلى مقر الرئيس إسحاق هرتسوغ لإجراء مباحثات حول مسارات التسوية، متهماً الحكومة بالتضليل وشراء الوقت بهدف تمرير الإصلاحات القضائية.
ونقل موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس، عن لبيد قوله إن إجراء لقاءات في ديوان الرئاسة حول الإصلاحات القضائية سيفضي إلى "موت" الاحتجاجات مما يسهل على حكومة نتنياهو تمريرها.
واتهم لبيد نتنياهو بفقدان السيطرة على الحكومة وأن من يوجه الأحداث هو وزير القضاء ليفين ورئيس لجنة القضاء في الكنيست سيمحا روطمان، الذي ينتمي إلى حركة "الصهيونية الدينية" التي يقودها وزير المالية والاستيطان بتسلئيل سموتريتش.
من ناحية ثانية، أعلن معارضو الإصلاحات القضائية عن اليوم الخميس كـ "يوم المقاومة"، حيث شرعوا في تحركات لتشويش حركة السير على الطرق الرئيسة وداخل مطار "بن غوريون". وقطع متظاهرون، اليوم الخميس، عددا من الطرق الرئيسة في إسرائيل، ولا سيما الطريق الرئيس الذي يصل شمال إسرائيل بجنوبها والطريق الساحلي الذي يربط تل أبيب بمنطقة الشمال.
وأشارت قناة "كان" إلى أن المتظاهرين يخططون للتشويش بشكل كبير على وتيرة العمل في مطار "بن غوريون"، المطار الرئيس في إسرائيل. وحسب القناة، فإن مئات المتظاهرين يخططون لقطع المسارات التي تتحرك بها الطائرات داخل المطار بسياراتهم بهدف منع حركة الطائرات أو الإقلاع.
وأضافت أن إدارة مطار "بن غوريون" أبلغت شركات الطيران بأن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية عدم تمكن طائراتها من الإقلاع أو الهبوط في الأوقات المحددة سلفاً بفعل طابع الحركات الاحتجاجية.
وأصدر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تعليماته للشرطة بوجوب إصدار مخالفات مرورية لكل من يعطل حركة السير على الطرق أو داخل المطار. إلى ذلك، ذكرت قناة "كان" أن بعض الإسرائيليين يخططون للتظاهر اليوم أمام مقر إقامة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في روما، حيث يقوم بزيارة رسمية لإيطاليا.
"لن نواصل الخدمة حال مرت الإصلاحات القضائية"
وفي نفس السياق قال موقع "واللاه" الإسرائيلي، أمس الأربعاء، إن ممثلي الطيارين في قوات الاحتياط أبلغوا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسلي هليفي، خلال اجتماعه بهم أمس بأن الكثيرين منهم سيتوقفون عن قيادة الطائرات الحربية في حال تم تمرير الإصلاحات.
ونقل الموقع عن الطيارين قولهم لهليفي "هناك تصدع في الثقة بصنّاع القرار، تحديداً بمجلس الوزراء المصغر في كل ما يتعلق بالإجراءات التي تسبق إصدار التعليمات للجيش". وواصل الطيارون تحذيرهم "نشعر أن الأرض تهتز تحت أقدامنا" في ظل مضي الحكومة قدماً في تمرير الإصلاحات القضائية.
وعبر هليفي عن قلقه مما سمعه من الطيارين، حيث قال لهم "أشعر بقلق شديد، لا مكان لرفض الخدمة العسكرية ولا مجال للحديث عن رفض الخدمة العسكرية". وأضاف "قوة الردع التي يمثلها سلاح الجو هي التي تضمن بقاء الشرق الأوسط مستقيما، في واقع يكثر فيه أعداء إسرائيل في المنطقة".
ولفت الموقع إلى أن معظم الذين شاركوا من الطيارين في اللقاء مع هليفي هم من القيادات التي تشرف على إدارة منظومات التحكم والمراقبة في المطارات والقواعد الجوية.
وتبرز خطورة تهديد المنضوين في إطار قوات الاحتياط برفض الخدمة العسكرية لحقيقة أن أكثر من 70% من الجهد الحربي الذي ينفذه جيش الاحتلال تتولاه به هذه القوات. وكان نير دفوري، المعلق العسكري لقناة "12" قد لفت مؤخرا أن معظم الغارات التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي في سورية وغزة ينفذها طيارون في قوات الاحتياط.
وسبق لوزير الأمن ورئيس الأركان السابق، موشي يعلون، أن كشف أن عدداً من الضباط في قوات الاحتياط أعادوا رتبهم العسكرية احتجاجاً على الإصلاحات القضائية.