الإرهاب يستهدف الرعاة في سفوح الجبال التونسية

22 ديسمبر 2020
راعيان تونسيان (Getty)
+ الخط -

تواتر استهداف الرعاة في سفوح الجبال التونسية من قبل الجماعات المتطرفة المتخفية في المرتفعات الغربية، في محاولة لترهيب أهالي وسكان القرى المتاخمة وللضغط على السلطات الأمنية، غير أن الخبراء أكدوا أن هذه العمليات تعكس ضعف الإرهاب وانحسار الخناق حوله.
وسبقت استهدافَ الراعي الشاب عقبة الذيبي (32 عاما) بطريقة بشعة ذبحا الأحد الماضي في تخوم مرتفعات محافظة القصرين غربي تونس، عملياتٌ مشابهة ذهب ضحيتها رعاة عزّل من أهالي وسكان القرى المتواجدة في سفوح جبال المناطق الحدودية الغربية. ففي فبراير/شباط 2019، تم قتل المواطن محمد لخظر المخلوفي ذبحا على مقربة من جبل المغيلة بين محافظتي سيدي بوزيد والقصرين قبل أن تنشر جماعة تتبع تنظيم داعش فيديو تتبنى فيه العملية.
ولم ينسَ التونسيون ما حصل عامي 2015 و2017 مع الشقيقين مبروك وخليفة السلطاني، اللذين كانا أيضا يرعيان الأغنام في سفح جبل المغيلة بمحافظة سيدي بوزيد وسط غرب البلاد، وأعلنت أيضا مجموعة مرتبطة بتنظيم داعش عن تبني عملية قتلهما.
وبيّن الخبير الأمني علي الزرمديني لـ"العربي الجديد" أن "الإرهاب معركة طويلة ومتواصلة، وهي لا تقتصر على محاربة القوات الأمنية والعسكرية، بل عبر محاولات إرباك المجتمع بما فيه استهداف العزّل والمدنيين وسكان الحدود على غرار ما وقع مع الراعي عقبة ذيبي".
وأضاف أن الإرهاب لديه استراتيجية، فعلاوة عن ترهيب المجتمع وإرباكه، هناك محاولة للسيطرة على أكثر وأقصى ما يمكن من الأراضي عبر دفع متساكنيها لمغادرتها وإخلائها بهدف الانفراد بأوسع مجال جغرافي والتمدد للتحرك بحرية ودون تهديدات"، بحسب تعبيره.
وتابع أن الجانب الآخر من وراء هذه العملية "إبلاغ رسائل لكل من يسعى لمساعدة رجال الأمن والجيش ومن يكون العين الساهرة بمد العون للأمنيين من خلال استهدافه والتنكيل به بصورة بشعة"، وهو ما يؤكد بحسب الزرمديني "أن سكان الحدود وسفوح الجبال رافضون لهذه الجماعات ويرفضون مساعدتها بل ويمثلون خطرا عليها" بحسب تفسيره.
وأضاف الخبير أنه "تم تضييق الخناق على الإرهاب، وبحسب المعطيات والتقارير الاستخباراتية فقد تلقى ضربات موجعة في تونس وليس له أي مجال لإثارة نفسه والرأي العام من وسيلة سوى استهداف هذه الحلقات الضعيفة وهذا الراعي يعد عنصرا معزولا وضعيفا لا حول له ولا قوة والهدف من خلاله توجيه رسالة مفادها أن كل من يتعدى هذه المنطقة وكل من يتعاون مع الأمن سيكون مصيره مماثلا".
وشدد الخبير على أن "الإرهاب يحاول استقطاب هذه الفئات بهدف الحصول على المعونة أو المؤونة أو المعلومة، وكل من لا يخضع لهم يعد عدوا ويتم استهدافه وتصفيته ويتم اعتباره مرشدا للأمن".
وسبق أن وصفت التنظيمات الإرهابية في بلاغات تبنيها لعمليات الذبح والتصفية، الضحايا بأنهم من "الجواسيس" و"الوشاة" والمتعاونين مع القوات الأمنية.

ويرى مراقبون أن سكان المناطق الحدودية يمثلون الخط الأول من المواجهات ضد الجماعات المتطرفة باعتبارهم الأقرب لخط الخطر والاستهداف، ويتحلى أهالي تلك المناطق بشجاعة من خلال استبسالهم وصمودهم في وجه هذه التهديدات رغم تكرر العمليات وبشاعتها.
وتواصل قوات الجيش والأمن التونسية عمليات التمشيط منذ ليلة الأمس، في محاولة لتعقب هذه الجماعات ومنفذيها في الجبال وتخومها.
وفي السياق، زار وزير الداخلية، توفيق شرف الدين، أمس الإثنين، موفدا من رئيس الحكومة هشام المشيشي، عائلة الراعي عقبة ذيبي، لتقديم العزاء لها ولتقديم الدعم المادي والمعنوي لأهله.