الأوروبيون سيطالبون إسرائيل بالتعويض عن هدم المنشآت في الأغوار الفلسطينية

04 فبراير 2021
بعض ما بقي من خربة حمصة الفوقا بعد هدمها من قبل قوات الاحتلال (Getty)
+ الخط -

على أطلال خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية الفلسطينية، وبين ما بقي من ركام الخيام وحظائر الأغنام، وقف نحو عشرين من رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوروبية يشاهدون بأم عيونهم ما حل بتلك المنطقة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي كانت تنتشر على الأطراف تراقب من بعيد.

الدبلوماسيون الأجانب وصلوا إلى تلك المنطقة المنكوبة برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي اصطحب معه أيضاً وزراء وقيادات فصائلية، للوقوف على أوسع عملية تهجير تتعرض لها منطقة الأغوار منذ سنوات طويلة.

وأمام جموع المواطنين الذين باتوا ليلتهم في العراء، أبدى ممثل الاتحاد الأوروبي، سفين كون فون بورغسدورف، امتعاضه مما جرى، إذ تعدّ هذه - كما قال - الزيارة الثانية له ولعدد من زملائه للخربة، فقد سبق أن تفقدوا الدمار الكبير الذي حلّ بها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، عندما نفذت سلطات الاحتلال عملية هدم طاولت معظم الخيام.

وفي تصريح صحافي له قال: "رغم تواصلنا مع السلطات الإسرائيلية وحثها على ضرورة احترام القانون الدولي، فإن ذلك لم يفلح"، مضيفاً: "عدنا اليوم إلى حمصة للاستماع إلى السكان، وما يمكن القيام به لمساعدتهم، ولتأكيد ضرورة احترام القانون الدولي".

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، جاء ليؤكد أهمية الأغوار وصمود أهلها، فقد التقى أهالي حمصة الفوقا، وأصرّ على بناء خيمة بيديه في رسالة تؤكد أهمية بناء ما هُدم بجرافات الاحتلال، واستعداد القيادة والحكومة الفلسطينية لتوفير كل ما يلزم للسكان هناك، وقال: "جرافاتهم للهدم، وجرافاتنا للبناء، إن هدموا خيمة سنبي خيمة".

وفي كلمته أمام البعثات الدبلوماسية، قال اشتية: "هذا اليوم يجدد الاحتلال أبشع صور الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الذي يريد أن يستبدل المستوطنين بالفلسطينيين، ما تتعرض له حمصة، نموذج لعدوان لا يتوقف في كل الأراضي الفلسطينية، وهو مسلسل مستمر في خرق القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات".

وأشار اشتية إلى أن "الحضور الدولي هو رسالة للاحتلال بأعلى صوت أننا نريد أن نبقى على أرضنا التي ورثناها وسنبقى أوفياء لها"، وقال: "ما يجري في حمصة تحدٍّ حقيقي للإدارة الأميركية الجديدة التي سبق أن أعلنت رفضها للاستيطان، ولقرارات الأمم المتحدة"، مطالباً بحماية دولية للفلسطينيين.

من جهته، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين، شادي عثمان: "إن الاتحاد سيطالب سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالتعويض عما هُدم من منشآت، خاصة تلك الممولة من الاتحاد في مناطق الأغوار، وتحديداً في خربة حمصة الفوقا".

وتابع عثمان، في حديث لـ"العربي الجديد": "إن عملية الهدم الأخيرة طاولت 27 منشأة ممولة من الاتحاد الأوروبي، وجُمعَت من أموال دافعي الضرائب الأوروبيين، لذلك فالاتحاد الأوروبي سيدعو الاحتلال إلى دفع تعويضات عما قامت به قواته".

وحول زيارة قناصل وسفراء أوروبيين لحمصة الفوقا، اليوم، قال عثمان: "إنها تأتي لتأكيد موقف الاتحاد الأوروبي، الداعم للوجود الفلسطيني في أرضه، وخاصة في المناطق المصنفة (ج) وفق اتفاق أوسلو، وإيصال رسالة إلى حكومة الاحتلال بأن الاتحاد يتابع من كثب واهتمام ما يجري في مختلف المناطق".

ولفت عثمان إلى أن العمل يجري الآن لإعداد تقرير لإطلاع العواصم الأوروبية على حقيقة ما جرى من هدم وتخريب، وهذا سينتج من إرسال رسائل لمطالبة الاحتلال بضرورة وقف سياسة الهدم المخالفة للقانون الدولي.

وأضاف: "سنعمل ما بجهدنا لعدم وقوع أعمال هدم إضافية، والبحث عن حلول لوقف مثل تلك الإجراءات"، لافتاً إلى أن "الاحتلال غالباً ما يمتنع عن تقديم إجابات حول دوافع عمليات الهدم، ويكتفي بتقديم المبررات ذاتها".

وعلى صعيد المساعدات المقدمة للمنكوبين، شدد عثمان على أن "وحدات المساعدات الإنسانية في الاتحاد الأوروبي تقوم بشكل عاجل بتوفير كل ما يلزم من احتياجات للمواطنين في حمصة الفوقا".

بدوره، اعتبر مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الضفة الغربية المحتلة مراد اشتيوي، أن الزيارة تحمل أهمية كبيرة على الصعيد السياسي، لكن على الأرض لا تزال قوات الاحتلال صاحب الفعل دون رادع.

وقال اشتيوي، لـ"العربي الجديد": "إسرائيل لا تحترم أحداً، فقد دمرت في مرات سابقة مساعدات إنسانية أوروبية للأهالي في مناطق الأغوار وصادرتها، غير آبهة لردود الأفعال. أما الأوروبيون، فهم يقدمون خياماً وخزانات مياه وأسرّة وألواحاً شمسية، وتضع شعارها عليها، لكن جرافات الاحتلال تلتهمها دون رحمة".

وأشار اشتيوي إلى أن ممثل الاتحاد الأوروبي لم يقدم شيئاً مادياً خلال زيارته اليوم، لكنه كان غاضباً مما شاهد من دمار وخراب كبيرين.

وخلال اليومين الماضيين، هدم الاحتلال عشرات الخيام السكنية وحظائر المواشي في حمصة الفوقا الواقعة في سهل البقيعة، وسبق أن تعرضت المنطقة ذاتها أخيراً لهدم 40 منشأة للعائلات ذاتها، بهدف تشريد سكانها، والاستيلاء على أراضيها.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت في ساحة متأخرة من مساء أمس القرية، وفككت الخيام التي قدمتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية للمواطنين بدلاً من التي هدمها، حيث هدمَت حمصة الفوقا 3 مرات على أيدي قوات الاحتلال، لكن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان كانت تعيد بناءها.