الأمم المتحدة تحضّ إيران على وقف "الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة" ضد المتظاهرين
طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، إيران، بوقف الاستخدام "غير الضروري" للقوة ضدّ المتظاهرين، خلال اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان، الخميس.
وقال: "ممّا تمكنّا من جمعه، تمّ حتى الآن اعتقال حوالى 14 ألف شخص، بينهم أطفال، في سياق الاحتجاجات. هذا رقم صادم"، مضيفاً: "يجب وضع حدّ للاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة. الأساليب القديمة وعقلية الحصانة لدى من يمارسون السلطة ببساطة لا تنجح. في الواقع، هي فقط تجعل الوضع أسوأ".
وأكد أنه لم يتلقَّ جواباً من طهران، بشأن اقتراحه زيارة إيران التي تشهد احتجاجات تقمع بالقوة منذ أكثر من شهرين.
وقال تورك الذي تولّى منصبه في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، للصحافيين، "عقدت اجتماعين مع السلطات الإيرانية. عرضت الذهاب إلى إيران. كذلك، عرضت تعزيز وجودنا في إيران. ليس لدينا مكتب هناك. ولكن حتى الآن، لم اتلقَّ أيّ جواب".
ويبحث مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، قمع التظاهرات التي تهزّ إيران منذ أكثر من شهرين، في اجتماع قد يفضي إلى إقرار مبدأ فتح تحقيق دولي بشأن الوضع في البلد، فيما تسعى إيران من جهتها إلى جمع عددٍ كافٍ من الحلفاء لإحباط القرار.
إيران تصف اجتماع مجلس حقوق الإنسان بشأنها بأنه "مخز وبشع"
من جهتها، قالت مساعدة نائب الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، خديجة كريمي، في كلمة أمام المجلس الذي يتخذ من جنيف مقراً "تأسف الجمهورية الإيرانية الإسلامية بشدة، لاستغلال مجلس حقوق الإنسان مجدداً من قبل بعض الدول المتغطرسة لاستعداء بلد ذي سيادة عضو في الأمم المتحدة وملتزم تماماً بتعهداته لدعم وحماية حقوق الإنسان".
وأضافت: "اختزال القضية المشتركة لحقوق الإنسان وتحويلها إلى أداة لأغراض سياسية من مجموعات بعينها من الدول الغربية، أمر بشع ومخز".
وتعقد دول المجلس الـ47 اجتماعاً طارئاً، الخميس، لبحث "تدهور وضع حقوق الإنسان" في إيران، بطلب أكثر من خمسين دولة عضواً في الأمم المتحدة، وبمبادرة من ألمانيا وأيسلندا.
وأدى قمع التظاهرات إلى مقتل ما لا يقل عن 416 شخصاً، بينهم 51 طفلاً، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقراً.
وتُعقد الجلسة في ظل الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً، بعد أيام من توقيفها لانتهاكها قواعد اللباس في الجمهورية الإسلامية.
وتحولت التظاهرات مع الوقت إلى احتجاجات ضد السلطة، غير مسبوقة في حجمها وطبيعتها منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
واعتقل آلاف المتظاهرين السلميين، بينهم العديد من النساء والأطفال والمحامين والناشطين والصحافيين، بحسب خبراء في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وأصدر القضاء حتى الآن ستة أحكام بالإعدام على ارتباط بالتظاهرات.
دافعت مندوبة إيران، اليوم الخميس، عن سجل حقوق الإنسان في بلدها، خلال اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تخضع طهران لتدقيق بسبب قمع الاحتجاجات في الآونة الأخيرة.
إلقاء الضوء
وسيبتّ المجلس، الخميس، في مسألة تشكيل فريق محققين لإلقاء الضوء على كل الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتبطة بالتظاهرات.
وبحسب مسودة القرار التي قدمتها ألمانيا وأيسلندا، ستأخذ بعثة التحقيق الدولية المستقلة أيضاً بـ"الأبعاد المتعلّقة بالنوع الاجتماعي". والهدف جمع أدلة على الانتهاكات والحفاظ عليها، تحسّباً لاستخدامها في ملاحقات محتملة.
وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي تحضر الخميس إلى جنيف، في تغريدة، على أنّ إجراء تحقيق أمر أساسيّ، مشيرة إلى أهمية "محاسبة المسؤولين على أفعالهم بالنسبة إلى الضحايا".
وأعرب العديد من الدبلوماسيين والناشطين الحقوقيين وخبراء الشؤون الإيرانية عن دعمهم للمبادرة.
وقالت السفيرة الأميركية ميشيل تايلور: "علينا أن نبذل كلّ ما في وسعنا لكشف حقيقة ما يجري في إيران، ومساندة مطالبة الشعب الإيراني بالعدالة والمسؤولية".
استفزاز
وتسعى إيران من جهتها لجمع عددٍ كافٍ من الحلفاء لإحباط القرار.
وكتبت وزارة الخارجية الإيرانية أخيراً في تغريدة أنه "مع تاريخ طويل من الاستعمار ومن الانتهاكات لحقوق الإنسان في دول أخرى، فإنّ الولايات المتحدة وأوروبا غير مؤهلتين للدفاع عن حقوق الإنسان".
كذلك كتب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان على "تويتر"، متوجهاً إلى نظيرته الألمانية، أن رد بلاده على "المواقف الاستفزازية وغير الدبلوماسية" لألمانيا سيكون "متناسباً وحازماً".
وليس من المؤكد حتى الآن تبني القرار.
وأعرب الدبلوماسيون الغربيون في جنيف عن تفاؤل حذر، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستوفر بورغر، أقرّ بأنه "ليس من الأكيد الحصول على غالبية".
وتتشكل مقاومة متزايدة بدفع من روسيا والصين وإيران نفسها داخل المجلس في وجه الجهود التي غالباً ما تقوم بها الديمقراطيات الغربية من أجل إدانة دول لاتهامها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأُصيب الغربيون بنكسة كبيرة، الشهر الماضي، حين حاولوا إدراج القمع الذي تمارسه بكين في منطقة شينجيانغ على جدول أعمال المجلس، إلا أن إيران قد تجد صعوبة أكبر في عرقلة القرار الذي يستهدفها، لأن نفوذها أدنى بكثير من نفوذ بكين.
وسبق أن أعرب المجلس عن مخاوفه حيال حصيلة طهران على صعيد حقوق الإنسان بتعيينه عام 2011 مقرراً خاصاً حول إيران يجدد مهمته كل سنة.
ورأى المحلل لدى منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، أميد معماريان، أنّ "من المفترض تمرير" القرار، معتبراً أنّ ذلك "سيعطي دفعاً كبيراً لمعنويات" المتظاهرين، وسيوجه تحذيراً إلى المسؤولين عن القمع، مفاده بأنّ "باقي العالم لن يكون آمناً لهم".
إيران تشكل لجنة للتحقيق في الوفيات الناجمة عن الاحتجاجات
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني لمحطة "إن دي تي في" الهندية، اليوم الخميس، إنّ إيران شكلت لجنة تابعة لوزارة الداخلية للتحقيق في الوفيات الناجمة عن الاحتجاجات الأخيرة.
وذكر كني، الذي يقوم بزيارة لنيودلهي، أنّ نحو 50 من رجال الشرطة قُتلوا وأصيب المئات جراء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)