قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، اليوم الاثنين، إن السودان يخوض حرباً أهلية "من أكثر الحروب ضراوة"، وإن العالم بحاجة إلى منتدى جديد للمحادثات سعياً إلى وقف إطلاق النار.
تصريحات غريفيث جاءت فيما عقد قادة المنطقة اجتماعاً في إثيوبيا المجاورة، بعد انهيار محادثات السلام في المملكة العربية السعودية في يونيو/حزيران الماضي.
تقول مصر إنها ستستضيف زعماء من دول جوار السودان، الخميس المقبل، بحثاً عن السلام دون الخوض في تفاصيل.
وقال غريفيث: "ليس لدينا مكان، منتدى، حيث يمكن للطرفين التواجد... حيث يمكننا التوسط في نوع الاتفاقات الأساسية التي نحتاجها لنقل الإمدادات والأشخاص".
ووصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
وقال عن المحادثات التي جرت بوساطة السعودية والولايات المتحدة: "علينا إعادة إنشاء الهيكل الذي حظينا به في جدة لفترة قصيرة".
وانتقد تلك المناقشات واصفاً إياها بأنها "بطيئة للغاية، وتستهلك وقتاً طويلاً للغاية"، لكنه قال إنها على الأقل "أسفرت عن بعض التحركات الحقيقية" على طريق تسهيل وصول المساعدات.
واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
كان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها ان تكون أعلى من ذلك بكثير.
علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسعمائة ألف شخص من منازلهم.
قال غريفيث: "إذا كنت سودانيا، لن أستطيع تصور أن هذه ليست حربا أهلية... من أكثر أنواع الحرب وحشية.. جزء من ذلك (يرجع لكونها) غير قاصرة على مكان واحد، إنه تنتشر، مثل الفيروس... إنه تهديد للدولة نفسها... وإذا لم يكن ذلك يرقى لوصف الحرب الأهلية، فأنا لا أدري أي شيء يرقى لهذا الوصف)".
قال غريفيث إن هناك حاجة ملحة لإقامة منتدى لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار محليا، كي تتمكن الشاحنات والبضائع من الوصول إلى مناطق محددة.
وقال إن أي منتدى جديد يجب أن يوفر مساحة أكبر لممثلي المنظمات الإنسانية.
في العاصمة السودانية الخرطوم، يبدو أن قوات الدعم السريع لها اليد العليا في الشوارع، بعد أن استولت على منازل مدنيين وحولتها إلى قواعد عملياتية.
من جانبه، رد الجيش بضربات جوية استهدفت مناطق سكنية وأحيانا مستشفيات.
وبحسب مسؤولي الأمم المتحدة فإن القتال في ولاية غرب دارفور، تحول إلى عنف عرقي، حيث ذكرت تقارير أن قوات الدعم السريع والجماعات العربية تستهدف القبائل غير العربية.
يقول نشطاء وزعماء قبائل من الولاية، إن السكان تعرضوا للقتل وتعرضت النساء والفتيات للاغتصاب، ونهبت الممتلكات وحرقت.
"إيغاد" تدعو إلى قمة إقليمية لبحث نشر قوات في السودان
إلى ذلك، دعا اجتماع اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) إلى عقد قمة إقليمية لبحث نشر قوات في السودان لحماية المدنيين، بعد نحو ثلاثة أشهر من الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت "إيغاد" في بيان إنها وافقت على طلب عقد قمة لهيئة إقليمية أخرى، وهي القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا المكونة من 10 أعضاء "للنظر في نشر محتمل لقوة شرق أفريقية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية".
والسودان عضو في الهيئتين، وكذلك إثيوبيا وكينيا والصومال وأوغندا.
وعبّرت "إيغاد" عن أسفها لغياب وفد الجيش السوداني، وقالت إنه أكد حضوره في وقت سابق.
وفي وقت سابق اليوم، انطلق اجتماع اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث الأزمة في السودان، فيما أعلن وفد الجيش السوداني مقاطعته الاجتماعات الرباعية، احتجاجاً على رئاسة كينيا اللجنة.
وترأس الرئيس الكيني ويليامز روتو وفد لجنة "إيغاد" الرباعية في المباحثات الرامية للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف الأعمال العدائية في السودان، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، واتخاذ خطوات ملموسة لدعم الانتقال السلمي، حسب ما نقلت هيئة الإذاعة الكينية "كي بي سي".
ودعا روتو أطراف الصراع في السودان إلى إعلان وقف غير مشروط لإطلاق النار، مطالباً بالتوافق على إنشاء منطقة إنسانية لتسهيل دخول المساعدات.
من جهته، أعلن وفد الجيش السوداني في أديس أبابا مقاطعته اجتماعات قمة "إيغاد" الرباعية، احتجاجاً على رئاسة كينيا اللجنة.
وقال مصدر عسكري سوداني، لـ"الأناضول"، إن وفد القوات المسلحة في أديس أبابا قاطع اجتماعات اللجنة احتجاجاً على رئاسة كينيا. وأضاف المصدر، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "الرئيس الكيني وليام روتو منحاز بشكل صارخ إلى قوات الدعم السريع".
وأوضح أن "أجندة اجتماع اللجنة تمضي في اتجاه الاعتراف بالدعم السريع كطرف موازٍ للجيش السوداني، وهو مسألة مرفوضة جملة وتفصيلاً".
وفي وقت لاحق، قالت الخارجية السودانية في بيان، إن "حكومة السودان قررت ابتعاث وفد للمشاركة في اجتماعات اللجنة الرباعية المنبثقة من منظمة إيغاد المزمع عقدها اليوم الاثنين الموافق 10 يوليو/ تموز بأديس أبابا".
وذكر البيان أن ذلك يأتي "اتساقاً مع قناعة حكومة السودان وموقفها المبدئي من أن الحرب لا يجب أن تكون سبيلاً لتحقيق الأهداف، واستجابة لدعوة كريمة من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد".
وأضاف: "وصل وفدنا بالفعل إلى أديس أبابا صباح اليوم (...) ولكن للأسف اتضح أن رئاسة اللجنة الرباعية لم تُغيَّر، علماً بأن حكومة السودان قد طالبت منذ قمة جيبوتي بتغيير رئاسة الرئيس وليام روتو، رئيس جمهورية كينيا للجنة الرباعية".
وأوضح بيان الخارجية السودانية: "لم يُستجَب لوفدنا حتى لحظة صدور هذا البيان". وأردف: "لا يزال وفد حكومة السودان موجوداً في أديس أبابا ينتظر الاستجابة لطلبه".
والخميس، رحب وزير الخارجية السوداني علي الصادق بمبادرة "إيغاد" لحل الأزمة في بلاده "شرط التشاور مع الحكومة (السودانية)".
لكنه جدد الإعراب عن اعتراض الخرطوم على "رئاسة كينيا للجنة إيغاد الرباعية" بشأن السودان، معتبراً أن "نيروبي تسترشد في التعاطي مع الشأن السوداني بالمبادرات الدولية، الأمر الذي لا يخدم مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية".
وفي وقت سابق من اليوم، كشفت هيئة البث الإثيوبية الرسمية "فانا" عن مشاركة رؤساء دول وحكومات وممثلي منظمات دولية في الاجتماع. وقالت إنه بجانب رئيس كينيا، يشارك وزير الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي محمد علي، إضافة إلى سياسيين سودانيين ووفد من قوات الدعم السريع.
وكانت "إيغاد" قد أعلنت، في 12 يونيو/ حزيران الماضي، تشكيل لجنة رباعية برئاسة كينيا وجنوب السودان وعضوية إثيوبيا والصومال لمعالجة الأزمة في السودان.
و"إيغاد" منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1969، تتخذ من جيبوتي مقراً لها، وتضم أيضاً كلاً من إثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وإريتريا والسودان وجنوب السودان.
السودان يمدد إغلاق مجاله الجوي
في غضون ذلك، أعلنت هيئة الطيران المدني السودانية، فجر الاثنين، تمديد إغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران حتى 31 يوليو/ تموز الجاري.
وأفادت الهيئة الحكومية في بيان بأنها "أصدرت نشرة بتمديد إغلاق المجال الجوي السوداني أمام حركة الطيران حتى 31 يوليو الجاري". وأشارت إلى أنه تُستثنى من ذلك "رحلات المساعدات الإنسانية ورحلات الإجلاء بعد الحصول على تصريح من قبل الجهات المختصة".
وهذا التمديد السابع الذي تجريه هيئة الطيران السودانية، بعد تمديدات سابقة في 30 و15 يونيو/ حزيران و31 و13 مايو/ أيار و30 و22 إبريل/ نيسان الماضي، استثنت جميعها الرحلات الإنسانية والإجلاء.
(الأناضول، رويترز، أسوشييتد برس)