- الاحتلال ينشر آلاف عناصر الأمن ويغلق المحال التجارية الفلسطينية، مما يحول دون وصول المصلين إلى المسجد الأقصى ويجعل المشهد البصري في القدس يهودياً بالكامل.
- الفترة تشهد تصعيداً في العنف، حيث يتم الاعتداء على المصلين بالضرب من قبل شرطة الاحتلال، مع تأكيد على الثبات الفلسطيني في وجه محاولات التفريغ والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد.
يؤكد مسؤولون أن الأعياد اليهودية وعيد الفصح اليهودي باتا مناسبة للعنف ضد الفلسطينيين، ومحاولات إحكام السيطرة الاستيطانية على القدس والمسجد الأقصى المبارك، إذ كان لافتاً هذا العام حشد المستوطنين لاقتحامات المسجد الأقصى المبارك، وسط محاولات عدة لإدخال القرابين الحيوانية، وذبحها في المسجد، في ظل الحديث المستمر عن ذبح البقرات الخمس حسب المعتقدات اليهودية.
ويقول وكيل وزارة شؤون القدس الدكتور سعيد يقين، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "لم يشهد التاريخ القديم ولا الحديث أن استُغل الدين لممارسة العنف ضد الشعوب الواقعة تحت سلطات الاستعمار كما قامت بذلك إسرائيل، فهذه الأعياد اليهودية بشقيها الديني والرسمي تلحق الأذى المنظم والمبرمج تجاه القدس بشكل عام وفلسطين بشكل عام". ويرى يقين أن "المقصود بهذا العنف الديني هو ترويض الفلسطينيين في مدينة القدس، للقبول بالوجه اليهودي للمدينة المقدسة الذين يريدون فرضه قسراً على المدينة".
ويتابع يقين "إسرائيل تسعى، حكومة وأحزاباً وجمعيات دينية وشركات استيطانية، لتكثيف المعنى اليهودي لمدينة القدس كعاصمة لدولة إسرائيل، ولذلك تستغل الأعياد اليهودية لإقصاء الصوت الفلسطيني والعربي، من خلال غمر المدينة المقدسة بآلاف من عناصر الأمن الإسرائيلي، وفتح المجال لكل اليهود للدخول للمدينة، وإغلاق المدينة على الفلسطينيين، عبر إغلاق المحال التجارية الفلسطينية، وعدم السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، لذلك يسيطر الاحتلال على المشهد العام، ويصبح كل المشهد البصري يهودياً قسراً وبقوة السلاح".
ويُعدّ أبرز ما تقوم به الجمعيات الاستيطانية حشدها المستمر لتصعيد الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك، والتي تتم بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدا عن الدعوات الاستيطانية المستمرة لجمهور المستوطنين لإدخال القرابين الحيوانية إلى المسجد. ومنذ أن بدأ عيد الفصح اليهودي الثلاثاء الماضي، اقتحم نحو ثلاثة آلاف مستوطن باحات المسجد الأقصى، بينما ضبط حراس المسجد الأقصى المبارك، ونشطاء، عدة محاولات لإدخال مستوطنين القرابين الحيوانية إلى الأقصى، وصلت إلى نحو عشرين محاولة حتى الآن، فيما زعمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي أنها اعتقلت عدداً منهم، لكن ما يجرى على أرض الواقع، هو توفير قوات الاحتلال الحماية لأولئك المستوطنين.
وتتخطى فترة الأعياد اليهودية، بحسب مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني، شكل الطقوس الدينية، حتى باتت تُعتبر مرحلة تصعيد وعنفٍ. ووفق حديث الكسواني مع "العربي الجديد"، فإن فترة الأعياد اليهودية، يسعى من خلالها الاحتلال إلى فرض وقائع جديدة بحكم القوة، حيث لا يقتحم المستوطنون المسجد، ولا يمارسون طقوسهم في الانبطاح المسمى بالسجود الملحمي على ساحات المسجد، والتمايل والاهتزاز والرقص أحياناً، وتنفيذ ممارسات تلمودية عبر رفع الشمعدان، إلا بمرافقة الشرطة الإسرائيلية التي تعتدي على المصلّين، وتطردهم من المسجد لتوفير المساحة الكافية لجعل هذه الممارسات يومية واعتيادية.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يتعرض المسجد الأقصى المبارك لقيود غير مسبوقة، حالت دون دخول المصلين إليه، كانت ذروتها في الأشهر الأولى، حينما كان لا يصلي فيه سوى بضعة آلاف أيام الجمعة، على عكس ما قبل السابع من أكتوبر، حينما كان يصل العدد إلى عشرات الآلاف. وبالتزامن مع تلك القيود، تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشبان، وحتى المرابطين من كبار السن، والذين كانوا يحاولون دخول المسجد الأقصى، اعتداءات بالضرب، واعتقالات، وإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة من القدس، علاوة على اعتداءات ينفذها مستوطنون.
ويلفت مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني إلى أن الاعتداءات بالضرب التي يمارسها عناصر شرطة الاحتلال باتت حدثاً يومياً، حيث إنهم يعملون يومياً على طرد المصلّين والعاملين في دائرة الأوقاف الإسلامية من المسجد، تحديداً "الحرّاس"، وتفتيشهم والتدقيق في هويّاتهم، رغم أن هذه الاعتداءات باتت تتصاعد أكثر في فترة الأعياد أخيراً، لا سيما من قبل مستوطنين متطرفين يستغلون المناسبات الدينية لحصار المسجد الأقصى، ومنع أهالي البلدة القديمة من الحركة، ونصب الشرطة الإسرائيلية حواجز بشكل يتماشى مع رغبات الحكومة الإسرائيلية الفاشية التي يقودها متدينون، يدعمون انتهاك المسجد الأقصى والمصلين فيه.
ولا تعطي انتهاكات المستوطنين صبغة شرعية للاحتلال في المسجد الأقصى، إذ إن ما فيه وما تحته وحوله ملكية خاصة للمسلمين كما يوضح الكسواني، حيث يقول: "رغم كل محاولات التفريغ للمسجد الأقصى واستغلال الأعياد اليهودية لفرض التقسيم الزماني والمكاني، إلا أن هذه المعادلة التي يراهن عليها الاحتلال تفشل، إذ إنها لا تتم إلا بموازاة مع الاعتداءات بالضرب وحماية قوات الاحتلال الخاصة للمستوطنين، ولذا فإن الثبات ما زال حاضراً من المرابطين ومن مديرية الأوقاف التي تعمل على حفظ إسلامية المسجد".
ويسعى المستوطنون لفرض معادلة "العنف" كعنوان للمرحلة المقبلة، لكنهم غير قادرين على ممارسته إلا "خائفين" بحماية الشرطة الإسرائيلية، بحسب ما يرى الكسواني، الذي يقول إنه على الرغم من وجود تخوّفات من توسيع انتهاكات المستوطنين عبر التلويح بذبح القرابين في ساحات المسجد الأقصى، إلا أنهم يتراجعون عن تنفيذ هذه التهديدات، بفعل الصمود الفلسطيني داخل المسجد.
ويشير الكسواني إلى أن العاملين في الأوقاف يتعرضون لما يتعرض له الجميع في المسجد الأقصى، من تضييق في العمل، وتفتيش، وإبعاد، واعتقال، لكن ذلك لن يزيدهم إلا إصراراً على الوجود داخل المسجد لتبديد مخططات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين.
من جهته، يقول الباحث في شؤون القدس والمقدسات عبد السلام عواد لـ"العربي الجديد"، إن هذه خزعبلات يدثرها قادة المستوطنين بالغطاء الديني التوراتي، لكن الهدف الحقيقي منها المس بالمسجد الأقصى، وصولاً لهدمه لإقامة هيكلهم المزعوم. ويتابع عواد أن "دليل ذلك أن هناك أكثر من 12 رواية متناقضة لمكان هيكل سليمان، لكن قادة المستوطنين وحاخاماتهم يتجاهلون كل تلك الروايات، ويصرّون على رواية واحدة فقط، تقول إنه يجب أن يقام على أنقاض قبة الصخرة".
ويروج المستوطنون وجمعياتهم الاستيطانية لفكرة إقامة الهيكل المزعوم، ويحاولون منذ سنوات عدة فرض واقع التقسيم الزماني والمكاني في المسجد، كان أبرزها تخصيص وقتين للاقتحامات اليومية صباحاً وبعد الظهيرة، عدا يومي الجمعة والسبت.