لأول مرة منذ الانتفاضة الأولى.. الأسرى الفلسطينيون يصعّدون بحل الهيئات التنظيمية في سجون الاحتلال
أعلنت جميع الفصائل الفلسطينية في المعتقلات الإسرائيلية اليوم الأحد، حل جميع تنظيماتها، في خطوة تعتبر ذروة في التصعيد ضد قمع إدارة المعتقلات للأسرى، وهي المرة الأولى التي تقوم جميع الفصائل الفلسطينية مجتمعة بهذه الخطوة منذ الانتفاضة الأولى.
ودخلت خطوة حل التنظيمات من الفصائل الفلسطينية كافة، في جميع المعتقلات حيّز التنفيذ صباح اليوم الأحد، بسحب ما أكدت مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني لـ"العربي الجديد".
وقالت أماني السراحنة: "علمنا ظهر اليوم، بشكل مؤكد، أن قرار حل التنظيمات قد نُفذ فعلاً".
وتأخر الإعلان حتى ظهر الأحد، بسبب عدم مقدرة مؤسسات الأسرى من التواصل مع المحامين والأسرى في المعتقلات الإسرائيلية، بسبب حالة القمع والتوتر الشديد التي تسود المعتقلات.
إدارة السجون مجبرة على التعامل مع الأسرى كأفراد وليس كتنظيمات
وأوضح نادي الأسير في بيان، أنّ هذه الخطوة تعني فعلياً أن الإدارة مجبرة على مواجهة الأسرى كأفراد، وليس كتنظيمات، حيث تنتهي "العلاقة" التي تحتكم إليها طبيعة الحياة الاعتقالية بين الأسرى وإدارة السّجون، والتي من خلالها تقوم التنظيمات بتنظيم جملة من الإجراءات الحياتية اليومية للأسرى في السّجن، مقابل الحصول على بعض الحقوق.
وبحسب نادي الأسير، فإن هذه الإجراءات تشمل عملية توزيع وجبات الطعام، والإشراف على تنظيف الممرات بين الأقسام، وتنظيم خروج الأسرى المرضى إلى العيادات داخل السّجون، وكذلك بعض الإجراءات اليومية، منها ما يسمى "الفحص الأمني"، كما أنّ هذه الخطوة تعني جوهرياً أن على الإدارة أن تستعد لأي مواجهة فردية من قبل أي أسير، الأمر الذي يفرض حالة من "الفوضى المنظمة"، التي يترتب عليها ضغط كبير على إدارة السّجون، بحيث تضطر إلى زيادة عدد السّجانين لإدارة الحياة داخل السّجون ومواجهة الأسرى.
وأكد نادي الأسير أنه منذ اليوم ستكون الخطوات التي أعلنها الأسرى، وتحدد تنفيذها يومي الاثنين والأربعاء، خطوات مفتوحة وتتمثل برفض الخروج من الغرف إلى ما يسمى "الفحص الأمني"، وكذلك إرجاع وجبات الطعام، إلى جانب خطوات إضافية، منها ما نُفِّذ اليوم، وهو حل الهيئات التنظيمية، وكذلك اعتماد أيام لارتداء اللباس البني "الشاباص" (الملابس التي تفرضها إدارة السّجون على الأسير)، وتعني هذه الخطوة استعداد الأسرى للمواجهة وتصاعدها.
تحديد الأول من أيلول موعداً لإضراب مفتوح عن الطعام في السجون كافة
إلى ذلك، لفت نادي الأسير إلى أنّ هذه الخطوة جزء من خطوات بدأها الأسرى بشكل تمهيدي منذ ثمانية أيام، وقد حدد الأسرى الأول من سبتمبر/ أيلول يوم الخميس القادم، موعداً للشروع بالإضراب المفتوح عن الطعام في السّجون كافة، ومن الفصائل كافة، حال عدم الاستجابة لمطالبهم الأساسية والمتمثلة، بالتراجع عن جملة من الإجراءات التنكيلية التي تهدف أساساً إلى التضييق على الأسرى من ذوي الأحكام العالية، وتحديداً المؤبدات، وكذلك أن تلتزم جملة "التفاهمات" التي جرت خلال شهر مارس/ آذار من العام الجاري.
الجدير ذكره أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال أكثر من 4500 أسير/ة.
من جهته، أكد القيادي الفتحاوي والأسير المحرر نعيم أبو العكك لـ"العربي الجديد"، أن هذه هي المرة الأولى التي يُحَل فيها جميع التنظيمات من قبل جميع الفصائل الفلسطينية في المعتقلات منذ عام 1988، أي منذ الانتفاضة الأولى.
وتابع أبو الكعك: "في العقود الماضية شهدنا إضرابات مهمة عن الطعام، وقمع وشهداء من الحركة الأسيرة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تُجمع فيها جميع الفصائل الفلسطينية على خطوة حل التنظيمات، وهي خطوة تصعيد كبيرة ضد إدارة السجون".
وقال أبو الكعك إن حل التنظيمات يعني قيام جميع الأسرى من مختلف الفصائل بتنفيذ تكتيك (الفوضى المنظمة) داخل المعتقلات لإرهاق إدارة المعتقلات وتوتيرها، إذ "بات مطلوباً منها أن تتعامل مع خمسة آلاف أسير كل واحد بشكل منفرد، والأمر المستحيل عملياً".
وأكد الناطق باسم مفوضية التعبئة والتنظيم التابعة لـ"حركة فتح" عبد الفتاح دولة لـ"العربي الجديد"، أن خطوة حل التنظيمات تأتي بهدف دفع إدارة المعتقلات الإسرائيلية للرضوخ لمطالب الأسرى "حتى لا يكملوا تهديداتهم ويعلنوا دخولهم في الإضراب المفتوح عن الطعام".
وقال دولة: "اليوم لا يوجد عنوان واحد للأسرى في تمثيلهم أمام إدارة المعتقلات، وبات على الإدارة التفاهم مع كل أسير، ومن جهة ثانية هذه رسالة واضحة من التنظيمات بأنها ترفع يدها عن أي أسير وأن مسؤولية المعتقلات والأسرى بكل أشكالها باتت مسؤولية إدارة المعتقلات".
وأكد دولة أنّ "إدارة المعتقلات بدأت منذ يوم أمس السبت، بإغلاق غرف المعتقلين وتحويلها إلى زنازين مثل النقب وريمون وعوفر". وتابع: "حسب ما علمنا، فإن إدارة المعتقلات أعلنت حالة الطوارئ في جميع المعتقلات وأغلقتها، ولن تفتح الغرف لخروج المعتقلين إلى الساحة للمشي، أي ما يعرف بـ(الفورة)"، وهي عبارة عن وقت قصير يقضيه الأسرى خارج الغرف في ساحة السجن المسقوفة مرة واحدة يومياً، ولا تتجاوز الساعة، ويعتبر حرمان الأسرى منها عقاباً شائعاً لأتفه الأسباب.
وأردف: "جميع عناصر إدارة المعتقلات في دوام رسمي بسبب حالة الطوارئ، وأُوعِز إلى جميع قوات القمع التابعة لها بأن تكون على استعداد، لأن فكرة أن أي أسير يستطيع أن يقوم بما يريده دون الرجوع لتنظيمه تعني بقاء المعتقلات في حالة غليان، وفي المقابل، فإن قوات القمع تتوقع مقاومة للسجّانين في المعتقلات".