الأردن: طي صفحة المعتقلين بقضية الأمير حمزة وتعليق مصيري عوض الله والشريف حسن

22 ابريل 2021
الإفراج عن 16 موقوفاً في قضية الأمير حمزة (الأناضول)
+ الخط -

طوى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، اليوم الخميس، صفحة مهمة من القضية المتعلقة بولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، والتي وصفتها السلطات الأردنية بـ"الفتنة" و"محاولة زعزعة أمن واستقرار البلاد"؛ وذلك بعدما دعا الملك المسؤولين المعنيين إلى اتباع الآلية القانونية المناسبة للإفراج عن المتهمين بالقضية "ليكون كل واحد اندفع وتم تضليله وأخطأ أو انجر وراء هذه الفتنة التي وئدت بين أهله في أسرع وقت". 
وقال النائب العام لمحكمة أمن الدولة القاضي العسكري العميد حازم المجالي، في تصريح صحافي، بثته وكالة الأنباء الرسمية (بترا)، اليوم، إنه ضمن الأطر والمعايير القانونية، جرى الإفراج عن عدد من الموقوفين الـ18 في الأحداث الأخيرة.
غير أن المجالي ألمح إلى أن المتهمين (باسم عوض الله والشريف عبد الرحمن حسن بن زيد)، لم يتم الإفراج عنهما "ارتباطاً باختلاف أدوارهما وتباينها والوقائع المنسوبة إليهما ودرجة التحريض التي تختلف عن بقية المتهمين الذين تم الإفراج عنهم". 
وشهد الأردن، منذ السبت 3 إبريل/نيسان، استنفاراً أمنياً، شمل اعتقالات طاولت مسؤولين مقربين من الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، وتفاقمت الأزمة التي لم يشهد لها الأردن مثيلاً.

عوض الله
وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، في تصريحات، أمام أعضاء مجلس الأمة، الأسبوع الماضي، إن رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله كان على اتصال مع ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الأمير حمزة بن الحسين، وينسّق معه منذ أكثر من سنة، وكان هناك حديث عن تحريض ضد الملك ومخالفة الدستور، وأن التحقيقات أثبتت تورط الأمير حمزة.
وأضاف "ستكون القضية في يد القضاء، باستثناء الأمير، الذي سيتم التعامل معه داخل إطار العائلة".
وأوقفت الجهات المختصة 18 متهماً بمحاولة زعزعة استقرار المملكة. وقال مصدر في النيابة العامة العسكرية بمحكمة أمن الدولة أمس الأربعاء، إنَّ التحقيقات مع المتهمين انتهت، وسيتم إحالة القضية للمحكمة بعد اتمام المراحل النهائية للتحقيق وإجراء المقتضى القانوني. 
وكان العاهل الأردني، قد قال في 7 إبريل/نيسان، في رسالة وجهها للمواطنين، إنه "في سياق مؤسسات دولتنا الراسخة، وبما يضمن العدل والشفافية، والخطوات المقبلة، ستكون (القضية) محكومة بالمعيار الذي يحكم كل قراراتنا: مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي". 
وأضاف أنه "لم يكن تحدي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاماً، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه، ولا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكوليّ أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب". 

غموض قضية الأمير حمزة
في المقابل، أكد الأمير حمزة، الذي شغل سابقاً منصب وليّ العهد، وقوفه وراء الملك والتزامه الدستور بعد وساطة من العائلة الملكية، بحسب رسالة نشرها الديوان الملكي حملت توقيع الأمير. 
إلا أن التسجيلات المسربة المتعلقة بالأمير حمزة زادت من غموض القضية وتفاقمها، خاصة تسجيل المحادثة التي جرت بين رئيس هيئة الأركان الأردني، اللواء يوسف الحنيطي، وفيها  أبلغ قائد الجيش الأمير حمزة عدم التوجّه إلى بعض التجمعات والمناسبات التي "تعدّت الخطوط الحمراء"، مشيراً إلى أن بعض "الناس بدأت تتحدث أكثر من اللازم"، متّهماً إياهم بأنهم يتبعون لأجندات خارجية. وطلب الحنيطي من الأمير أن تقتصر زيارته على الأقارب، وأن يبتعد عن "بعض التغريدات".
لكن الأمير حمزة رفض الاستجابة لطلبات قائد الجيش، وطلب منه على الفور مغادرة المكان، متّهماً إياه بأنه "جاء ليهدده في بيته"، مضيفاً أنه سيواصل "الاختلاط بأبناء شعبه"، وأن "لا أحد بوسعه أن يمنعه من ذلك"، قائلاً إن "هذا ما أقسم عليه لوالده الملك الراحل الحسين بن طلال وهو على سرير الموت". 
وقال نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال مؤتمر صحافي، إن "الأجهزة الأمنية تابعت عبر تحقيقات شمولية مشتركة حثيثة، قامت بها القوات المسلحة الأردنية ودائرة المخابرات العامة ومديرية الأمن العام على مدى فترة طويلة، نشاطات وتحركات لولي العهد السابق الأمير حمزة، ومسؤولين آخرين، تستهدف أمن الوطن واستقراره". 

أزمة غير مسبوقة
ويرى الباحث الاستراتيجي الأردني، عامر السبايلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأزمة التي حدثت أمر غير مسبوق في الأردن والحديث عنها أيضاً غير مسبوق والوصفة المثالية كانت فكرة الاحتواء، وعدم اتخاذ خطوات تصعيدية في هذا الاتجاه". 
واعتبر أن "تدخل الملك هو القرار الأكثر حكمة في قضية من مثل هذا النمط، من الممكن أن تخلق نوعاً من الانقسامات المجتمعية والشروخ، خصوصًا في ظل عدم وجود رواية متماسكة من الجهة التي قامت بفتح هذه القضية، وكان من المهم احتواؤها بأقل الخسائر". 
وأكد أن "مثل هذا التدخل مهم"، معتبراً أن "القائمين على رواية القصة يجب أن يحاسبوا، فمثل هذه القضايا عندما تظهر على السطح يجب أن تكون محكمة ومتماسكة".
 وما من شك أن الأبعاد الدولية قد تساهم بالفترة المقبلة في إنهاء الأزمة، فقبل يومين، زار السفير الأميركي في عمان، هنري ووستر، التقى بباسم عوض الله في مكان اعتقاله للاطمئنان عليه وهو الذي يحمل الجنسية الأميركية، كما أن ارتباط باسم عوض الله والشريف عبد الرحمن حسن بن زيد بالسعودية، وفق التسريبات، ربما يساهم أيضاً في تسوية القضية، فالأردن لن يغامر بخسارة علاقاته مع أي من الدول في المنطقة، لأبعاد سياسية واقتصادية. 
وكان من اللافت في بداية الأزمة زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان العاصمة الأردنية، رفقة وفد حكومي سعودي. وفي الوقت الذي أعلن فيه رسمياً أن الوزير السعودي جاء من أجل "التعبير عن التضامن الكامل مع الملك الأردني عبد الله وحكومته"، بحسب قول مسؤولين سعوديين، فإن تسريبات صحافية أشارت إلى أن الوفد السعودي جاء للمطالبة بالإفراج عن مستشار ولي العهد السعودي باسم عوض الله.

القضية لم تنته
ونقلت صحيفة واشنطن بوست" عن مسؤول استخباراتي رفيع المستوى في الشرق الأوسط، في 8 إبريل /نيسان الحالي، قوله إن المسؤولين السعوديين، على رأسهم وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، التقوا نظراءهم الأردنيين بعدما طلبوا الإذن بزيارة المملكة غداة بدء تسريب أنباء "المؤامرة" التي تسعى لـ"زعزعة أمن الأردن". 
وأشار مسؤول استخباراتي إلى أنه بعد لقاءات مع الأردنيين، ذهب الوفد السعودي إلى أحد فنادق عمان، لكنه تمسك بطلبه السماح لعوض الله بالمغادرة معهم إلى السعودية، مضيفاً أن إصرار السعودية على الإفراج الفوري عن عوض الله قبل أي إجراء قضائي أو توجيه اتهامات رسمية له "يثير الدهشة في المنطقة"، على حد وصف المسؤول. 
وفي كل الأحوال، يبقى الراجح أن قرارات العاهل الأر دني اليوم لن تنهي القضية بشكل كامل؛ فما زال هناك غموض يكتنف الرواية الرسمية، ودور الأمير حمزة، كما أن الأمر يتعلق أيضاً بالإعلان عن نهاية المحاكمة، والكشف عن مصير باسم عوض الله والشريف عبد الرحمن حسن بن زيد. 
وفيما يراقب العالم اليوم تفاعلات ما يجري في الأردن، ربما لن يكون ما قبل قضية الأمير حمزة كما بعدها، خاصة في ملف الإصلاح السياسي. 

المساهمون