الأردن: ردود فعل متباينة على لجنة تحديث المنظومة السياسية

11 يونيو 2021
عهد إلى رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي برئاسة اللجنة (فيسبوك)
+ الخط -

جاءت ردود الفعل متباينة حول إعلان العاهل الأردني عبدالله الثاني، الخميس، تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية، مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي.

ملك الأردن عهد إلى رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي برئاسة اللجنة التي تتألف من 92 عضواً يمثلون مختلف الأطياف السياسية والفكرية وشتى القطاعات، طالباً منهم تقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.

ومن الواضح أن ردود الفعل الشعبية على مواقع التواصل كانت أكثر تشاؤماً من النخب السياسية الأردنية، خاصة في ظل تصنيف الرفاعي على أنه من خصوم التغيير السياسي، وهو القادم من عمق مؤسسة الحكم، ومن فشل سابق في التغيير، إذ استقالت حكومته مطلع فبراير/شباط 2011 بعد أسابيع من المظاهرات الاحتجاجية ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، ومطالبات بالإصلاح السياسي في البلاد، وبعد 41 يوماً من حصولها على  ثقة 111 نائباً من أصل 120 نائباً أعضاء المجلس في ذلك الوقت. 

يصنف الرفاعي على أنه من خصوم التغيير السياسي، وهو القادم من عمق مؤسسة الحكم، ومن فشل سابق في التغيير

ويتطلب الإصلاح وجود منظومة سياسية منظمة وقبولاً لتداول السلطة بالاعتماد على قوى مجتمعية متعددة ترغب في التغيير وبناء مساحة جديدة  للعمل السياسي، وهو أمر لم يكن واضحاً خلال الأزمات الأخيرة التي مرت بها البلاد، خاصة وأن الإعلان عن اللجنة يأتي بعد عدة أزمات عاشتها البلاد في الشهور الماضية ومنها اتهام الأمير حمزة والشريف حسن بن زيد ورئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله وآخرين، بممارسة نشاطات تستهدف أمن المملكة والاتصال بجهات خارجية، إضافة إلى التطورات في فلسطين، وآخرها قضية النائب أسامة العجارمة التي خلفت اشكالات سياسية وعشائرية في البلاد. 

اليوم تأتي هذه الخطوة في ظل تراجع الثقة بالعديد من مؤسسات الدولة وسلطاتها، خاصة الحكومة ومجلس النواب، وقد خلت اللجنة من أعضاء مجلس النواب الحاليين، فيما ضمت 23 نائباً سابقاً من مختلف الاتجاهات السياسية، وضمت 18 سيدة، و7 شخصيات من الاتجاه الإسلامي، و14 عضواً من حزبيين عاملين وفاعلين في أحزابهم، و15 وزيراً سابقاً.  

ويقول الصحافي المتخصص في تغطية البرلمان وليد حسني، لـ"العربي الجديد"، إن النجاح في التغيير يعتمد على النوايا الجادة، معتبراً أن اللجنة تضم خطين متوازيين: "خطاً محافظاً، وخطاً آخر يمكن وصفه بالإصلاحي، كما أن هناك في اللجنة أسماء بغاية الأهمية، فالاختيار جرى على قاعدة التوازن، بين حزبيين، ومسؤولين سابقين ومحامين، وسط ويسار، كما أن هناك أشخاصاً محسوبين على تيارات الإسلاميين، أو لهم مرجعية إسلامية، وهو أمر مهم، وكأن هناك انفتاحاً من الدولة على الإسلاميين". 

وتابع أن الرسالة الموجهة إلى رئيس اللجنة توضح المطلوب بقول الملك: "إن مسؤوليتكم اليوم تتمثل بوضع مشاريع قوانين توافقية تضمن الانتقال المتدرج نحو تحقيق الأهداف المستقبلية كاملة، والتمثيل العادل للمواطنين على امتداد الوطن"، معتبراً أن "التمثيل العادل أمر مهم، وأكثر وضوحاً من الخطابات السابقة". 

لكنه أقر بأن تفويض الرفاعي لرئاسة اللجنة "يعطي شعوراً سلبياً لدى البعض، ويفتح المجال للانتقادات، وكان من الافضل أن تتولى رئاسة اللجنة شخصية أكثر توافقية". 

بدوره، قال عضو اللجنة، الأمين العام للحزب "الديمقراطي الاجتماعي" الأردني، النائب السابق، جميل النمري في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن على رأس المطالبين بالتغيير والإصلاح، ففي الفترة الأخيرة كنا نضغط بقوة لتغيير القوانين الناظمة للحياة السياسية، واليوم الدولة ممثلة برأس السلطة الملك قررت التجاوب مع ذلك والطريقة هي تشكيل لجنة تمثل كافة التيارات السياسية". 

وأضاف: "اللجنة فيها ممثلون عن اليسار والوسط واليمين، ولا يمكن أن يعهد إلى جهة بعينها أو استثناء أي طرف، مضيفاً أن "من يدقق في تركيبة اللجنة، يرى أن هناك من لا يعجبه بعض الأعضاء، لكن بشكل عام  تركيبة اللجنة متوازنة، هناك من الحزب الشيوعي واليسار بشكل عام، والليبراليين والديمقراطين، والمحافظين، ويسار الوسط، والإسلاميين".

وتابع: "الامتحان الآن هو أن تتمكن اللجنة من التوافق على صيغة للإصلاح، وهذا الجهد بتوفر النية والدعم من رأس الدولة يمكن أن ينجز، فنحن لسنا أمام مناورة، ولا يوجد مجال ولا هامش للمناورة، فالدولة أمام خط أخير ولا بد من قفزة إصلاحية لمسار جديد".  

وأوضح: "قدم عرض للأعضاء للمشاركة في اللجنة مع الآخرين، ولا يمكن التشكيك في العملية عندما يقدم لك عرض للمشاركة"، وتابع أن "اللجنة ليست مهمتها فقط تقديم مقترحات بل الإشراف على تطبيق المشروع الإصلاحي"، مضيفاً أن أعضاء اللجنة أغلبهم لديهم الإرادة والتصميم لتحقيق الإصلاح، ورأس الدولة يدعم ذلك". 

الأمينة العامة لحزب "أردن أقوى"، النائبة السابقة في مجلس النواب رلى الفرا، تحدثت بتحفظ عن اللجنة لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى "ضرورة انتظار المخرجات الصادرة عن اللجنة ليتم الحكم عليها بشكل حقيقي". 

ورأت أن اللجنة "تضم عدداً من الشخصيات الجيدة التي يمكن التعويل عليها، لكنها أيضاً تضم شخصيات لا داعي لوجودها أصلاً".  

واعتبرت أن عدد أعضاء اللجنة كبير، وهو أمر معيق للعمل واتخاذ القرارات، فكثرة الزحام تعيق الحركة". 

ووفق الفرا، فإن اللجنة "بحاجة لوضع خطة من أجل العمل، وهي مكلفة بوضع أهم قوانين الإصلاح؛ وهي قانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون البلديات واللامركزية، ووضع خطة أيضاً لتنشيط العمل السياسي". 

وحول الانتقادات الموجهة لرئيس اللجنة، تقول: "ليس مهماً من يتولى رئاسة اللجنة، بل الكفة تميل لصالح من: الإصلاحيين أم المحافظين؟ خاصة إذا كانت القرارات تتخذ بالتصويت، ومن الواضح أن الكثير من أعضاء اللجنة من الفريق المحافظ".  

المساهمون