الأردن: العدوان على غزّة يفاقم أزمة الحكومة والمعارضة

03 اغسطس 2014
تظاهرة نصرة لغزّة في عمان (شادي النسور/الأناضول/Getty)
+ الخط -
استنفدت الحكومة الأردنية، منذ انطلاق العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، معجم الإدانات والشجب والتنديد والتعبير عن الغضب، من دون أن ينعكس ذلك على علاقاتها الدبلوماسية مع نظيرتها الإسرائيلية، المستندة إلى معاهدة السلام الموقّعة بين الجانبين عام 1994.

وضربت الحكومة الأردنية، في تمسكها بعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، عرض الحائط بالغضب الشعبي المُطالب بقطع العلاقات، إذ دعا الأردنيون مراراً لإلغاء معاهدة السلام، وصدحت حناجر المتظاهرين تضامناً مع غزة بوصفها بـ"معاهدة الاستسلام" و"العار"، فيما يضعها المعارضون في خانة العمالة والتآمر على القضية الفلسطينية، وحتى على الدولة الأردنية.

وقالت مصادر رسمية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة لم تضع في حساباتها أن يطول أمد العدوان على غزة، وتوقعت نهاية سريعة له، نتيجة للتدخل الدولي، تنجّيها من حرج الغضب الداخلي بشأن علاقتها مع إسرائيل".

لكن توقعات الحكومة خابت، إذ وجدت نفسها وجهاً لوجه مع حالة الغضب الشعبي الأردني حيال العدوان الإسرائيلي، التي تطورت لتصبح غضباً على موقف حكومة بلادهم الذي اعتبروه متخاذلاً.

وزاد في غضب المتظاهرين التحصينات الأمنية التي حالت دون وصولهم إلى مقر السفارة الإسرائيلية في عمّان، كما أغضبهم الدفاع الأردني عن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار التي نبذتها المقاومة الفلسطينية.

وارتفعت أجواء التوتر في الساحة الأردنية مع اعتقال الأجهزة الأمنية لمشاركين في التظاهرات التضامنية وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة بتهم تتعلق بالإرهاب، بعد اشتباكات مع قوات الدرك، واعتقال آخرين بتهم توزيع منشورات تدعو للمشاركة في الفعاليات التضامنية مع غزة.

وتوّج الغضب الأردني على الحكومة، بعدما تابع المعارضون مواقف دول في أميركا اللاتينية، ومنها الموقف الأخير لبوليفيا التي أدرجت إسرائيل على قائمتها للدول الإرهابية، احتجاجاً على عدوان غزة، إذ أصبحت هتافات الشارع الأدرني تتردد على مسامع الحكومة مطالبة باتخاذ مواقف مشابهة.

وعجزت الحكومة عن مواجهة الهتافات الشعبية المنددة بموقفها، والتي طالت رأس النظام، ولجأت إلى الصمت بعد سلسلة الإدانات والشجب والتنديد.

وأصبح أكثر ما يُخجل المسؤول الأردني، أن يتلقى اتصالاً من صحافي يسأله عن العلاقات الدبلوماسية بين حكومة بلاده وإسرائيل، كلما سرت شائعة تتحدث عن موقف أردني مرتقب، الأمر الذي يدفع المسؤول إلى الطلب بأخذ فرصة للرد، ليصبح بعدها الاتصال متعذراً.

وأمام حالة الغضب الشعبي، كانت الإجابة الرسمية المتوفرة عبر رسالة نصية أرسلتها الناطقة باسم وزارة الخارجية، صباح الرافعي، تقول إن "أي مداولات بخصوص التمثيل الدبلوماسي بين الأردن وإسرائيل يتم الإعلان عنها بحسب مقتضى الحال وبحسب ما تراه الجهات المعنية".

وبينما لا تلوح في الأفق بوادر حكومية لتلبية المطالب الشعبية، يعدد الغاضبون ألف سبب يُلزم الحكومة بالاستجابة لمطالبهم، في حين تتمسك الحكومة بسبب وحيد تدافع من خلاله عن علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وهو استغلال تلك العلاقات لمواصلة جهودها لإغاثة قطاع غزة.

وقد أسفرت تلك الجهود عن نقل ما يقرب من 25 جريحاً نتيجة للعدوان لعلاجهم في الأردن عبر التنسيق مع إسرائيل، ودخول معدات طبية لتعزيز عمل المستشفى العسكري الميداني الأردني في القطاع، بتوجيهات مباشرة من الملك عبد الله الثاني.

ومن المرجح أن يتحوّل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، إلى أزمة سياسية أردنية داخلية، تضع الحكومة في مواجهة مع المعارضة الحزبية والشعبية والعشائرية، يكون عنوانها العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. مواجهة ستكون لها آثارها على الحياة السياسية الأردنية المتوترة أصلاً.

المساهمون