"الأداة السرية" التي سحرت إسرائيل حتى أعمتها عن طوفان الأقصى

19 سبتمبر 2024
دبابة إسرائيلية تسير على طول الحدود مع قطاع غزة، 7 أغسطس 2024 (أمير ليفي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **مشروع تجسسي ضخم:** كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مشروع تجسسي إسرائيلي سري يُعرف بـ"الأداة السرية"، يهدف إلى كشف أسرار حركة حماس، وكلف مليارات، لكنه فشل في توقع عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023.

- **إهمال المصادر الأخرى:** الاعتماد الكبير على "الأداة السرية" أدى إلى إهمال مصادر استخباراتية أخرى مثل العملاء البشريين والمراقبة البصرية، مما جعل الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد بعدم حدوث شيء في غزة دون علمهم.

- **فشل تحذيري:** "الأداة السرية" لم تقدم تحذيراً ملموساً بشأن هجوم السابع من أكتوبر، مما أدى إلى خسائر كبيرة. الشاباك حاول بناء نموذج تحذيري يعتمد على أجهزة استشعار وشرائح هاتف، لكنه لم يكن كافياً.

"الأداة السرية": مشروع تجسسي هدفه الوصول إلى أسرار حماس الخفية

مشاريع عملياتية وتكنولوجية معقدة ومكلفة للاستخبارات الإسرائيلية

الأداة "سحرت" مجتمع الاستخبارات ودفعته إلى إهمال المصادر الأخرى

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن قيام الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة بالعمل على مشروع تجسسي هدفه الوصول إلى أسرار حركة حماس الخفية وسمته الصحيفة بـ"الأداة السرية"، مشيرة إلى أنه رغم ذلك فشل في توقع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتنشر الصحيفة تحقيقاً حول المشروع غداً الجمعة لكنها استعرضت اليوم بعض ما ورد فيه، موضحة أنه لا يمكن نشر الأسماء الرمزية الحقيقية للمشاريع التي تشكّل "الأداة السرية"، وقالت إن الأداة هي في الواقع مجموعة من المشاريع العملياتية والتكنولوجية المعقدّة بحوزة الاستخبارات الإسرائيلية، والتي كلّفت مليارات. وهذا المشروع الضخم برمّته له هدف واحد هو الوصول إلى أسرار حركة حماس الخفية، في إشارة من الصحيفة إلى أقدس أسرار حماس وأهمها.

وذكرت الصحيفة أن ضابطاً كبيراً، لم تسمّه، في أحد أنظمة جمع المعلومات في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، عرّف الأمر، أي الأداة، على النحو التالي: "إنه تقريباً مثل أن نعرف مكان وجود المفكّرة الشخصية لأعدائنا، حيث يكتبون أكثر أسرارهم خفاءً. ونحن يمكننا الوصول إلى هذه المفكّرات سراً، وننظر إلى ما هو مكتوب هناك ونتمتّع به".

ووصف التحقيق ذلك بأنه إنجاز ضخم وقدّم معلومات استخباراتية ممتازة لسنوات، ولكن هنا أيضاً بدأ الخلل الاستراتيجي الذي أدى إلى إخفاق السابع من أكتوبر. لقد كانت "الأداة السرية" مذهلة للغاية، حتى أنها "مسببة للإدمان بكل معنى الكلمة" لدرجة أنه، على الأقل بشأن غزة، دفع مجتمع الاستخبارات إلى إهمال المصادر الأخرى، على حد تعبير مسؤول كبير سابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" تقاعد في السنوات الأخيرة.

كانت المعلومات الاستخباراتية التي قدّمتها "الأداة السرية" جيدة جداً وواضحة، وفق الصحيفة، إلى درجة أن مكانة المصادر الأخرى، مثل العملاء البشريين في غزة أو الاستخبارات التي تعتمد على المشاهدة البصرية (مثل تلك التي تقدمها المُراقبات على سبيل المثال)، قد تراجعت بشكل كبير. وقال الضابط الكبير في شعبة الاستخبارات: "إن سحر القدرة على أن تَرى دون أن تتم رؤيتك باستخدام الأداة السرية، هو في بعض الأحيان أمر رائع ومجنون لا يقل عن أن تتحول إلى داندين (شخصية بسلسلة قصص أطفال إسرائيلية تشرب مادة فتصبح خفية، بحيث تَرى ولا تُرى)".

وأضاف الضابط "هذا الشيء سحر مجتمع الاستخبارات بأكمله للأسف. سحرني أنا أيضاً وكذلك سحر القادة السياسيين. لقد افترضنا جميعاً أنه لن يحدث شيء في غزة دون أن نعرف عنه وأن لا نتمكن من التحذير منه"، موضحاً أنه في ظل الاعتماد الكامل على "الأداة السرية" تم إهمال كل المصادر الأخرى "في هذا الوضع، لماذا يجب أن تهتم إذا كان لديك عميل إضافي أو عميل أقل؟ في الواقع، لا يهم ما تقوله جميع المصادر الأخرى معاً. إذا لم تكن المعلومات موجودة في (الأداة السرية)، فهي ليست مثيرة للاهتمام (أي هكذا تم التعامل معها)".

لكن الأداة في لحظة الحقيقة لم تقدّم تحذيراً حقيقياً وملموساً بشأن "هجوم السبت الأسود، في حين كان من الممكن أن يأتي مثل هذا التحذير من مصادر أخرى، لكن هذه المصادر، كما ذكرنا، أصبحت أقل أهمية"، بحسب الصحيفة.

ويوضح إيهود لافي، الذي سبق أن شغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، أنه حتى تجنيد عملاء بمستوى منخفض، كان من الممكن أن يغيّر كل شيء: "لنفترض أن شخصاً ليس عضواً في حماس، ولكنه يتصل ويبلّغ عن حدث غير عادي، على سبيل المثال عن أعضاء من حماس الذين ينظّمون أنفسهم بالدراجات النارية في مكان بالقرب من منزله، أو عن مجموعة أخرى تدخل المسجد فجأة في منتصف الليل للصلاة. عندها من الممكن أن الشاباك لم يكن ليرسل فقط فريق تكيلا (فريق للتدخل السريع واجه عناصر حماس ليلة الهجوم وقُتل منه 10 عناصر)، لأن تكيلا في مواجهة مثل هذا الحدث يشبه تقريباً إرساله أمام الجيش السوري عشية يوم الغفران عام 1973. إرسال تكيلا يعني أنهم لم يفهموا الوضع الذي كانوا فيه على الإطلاق. لقد تصرّف الشاباك وفقاً لما يعرفه، وأرسل الفريق الذي يثق به كثيراً في الخدمة، وهو محق في ذلك، لكن هذا يعني أنه لم يفهم شيئاً".

وليس "الشاباك" وحده من لم يفهم (ما يحدث)، وفق تحقيق الصحيفة العبرية وإنما أيضاً شعبة الاستخبارات العسكرية، وكذلك باقي الجيش والمستوى السياسي، إذ اعتمد جميعهم بالمطلق على "الأداة السرية" فيما ظهر "الثمن الباهظ لهذا العمى" في الدماء في السابع من أكتوبر.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في "الشاباك" قوله إنه "نظراً لصعوبة تشغيل عملاء في غزة والحفاظ على موثوقيتهم وولائهم (لإسرائيل) عن بعد، قام الشاباك ببناء نموذج تحذيري لا يعتمد على العملاء وحدهم، ولكن أيضاً على سلسلة من أجهزة الاستشعار من مصادر أخرى". وأوضح أن "جزءاً آخر من النموذج كان عبارة عن مجموعة من شرائح الهاتف، التي صممناها خصيصاً لهذا الغرض، بالإضافة إلى مؤشرات إضافية". وبحسب المسؤول الكبير، فإن هذا النموذج نجح وأثبت نفسه، "وكان في الواقع المكان الذي جاء منه نوع من التحذير في تلك الليلة".

المساهمون