أظهر استطلاع رأي أجري في تركيا بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ونشرته جريدة "حرييت" اليوم الجمعة، أن الغالبية الساحقة من الأتراك يبدون عدم ثقتهم بحلف شمال الأطلسي "الناتو" في مساعدة تركيا بحالة حصول اعتداء عليها.
وبينت الصحيفة أن الاستطلاع أجرته شركة "آريدا سرفي" للأبحاث، وشملت العينة أكثر من ألفي شخص في الفترة الواقعة بين 26-28 شباط/فبراير الماضي.
وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن 90.8% من المستطلعة آراؤهم وجدوا أن حلف "الناتو" لن يتدخل لمساعدة تركيا في الدفاع عن نفسها في حال حصول أي هجوم على البلاد، وهو ما يظهر تراجع الثقة بالحلف من قبل الشعب التركي.
كما رأى 82.6% من المستطلعة آراؤهم أن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لعبتا دورا خاطئا في الحرب الروسية في أوكرانيا، وأن "أميركا وأوروبا حرضتا أوكرانيا بداية وتخلتا عنها لاحقا".
وعن ردة فعل أميركا وأوروبا حيال الحرب الروسية في أوكرانيا، وجد 60% أن موقفهما لم يكن كافيا أبدا وبعيدا، فيما وجد 20.8% أن الموقف لم يكن كافيا، ووجد 14.5% أن الموقف ليس غير كافٍ وليس كافياً.
كما أعرب 68.8% من المستطلعة آراؤهم عن عدم مشروعية الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا، فيما وجد 31.2% أن روسيا لديها "الحقوق المشروعة" في شن الحرب.
وعن الموقف التركي من الحرب والجهود التي تبذلها دبلوماسيا، قال 57.8% من المشاركين في الاستطلاع إن الجهود التركية ناجحة، في حين وجد 42.2% أن الجهود التركية غير ناجحة.
وتطرق الاستطلاع لانعكاسات الحرب على الداخل التركي، إذ وجه سؤالا للمشاركين في الاستطلاع عن الشخصية السياسية القادرة على قيادة البلاد في حال تعرض تركيا لهجوم مماثل لما حصل في أوكرانيا، حيث وجد 47% أن الرئيس رجب طيب أردوغان هو القادر على قيادة البلاد، وتبعه عمدة أنقرة منصور ياواش بنسبة 13.8%، فيما حل الزعيم الكردي المعتقل صلاح الدين دميرطاش رئيس "حزب الشعوب الديمقراطي" بحصوله على 10.2%، ويليه عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي حصل على ما نسبته 8.4%، أما زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو فحصل على 7.8%.
وبينت نتائج الاستطلاع ارتفاع شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث حصل أردوغان على ما نسبته 48.5%، فيما حصل منصور ياواش على 21%، وحل دميرطاش ثالثا بنسبة 11.2%، وجاء رابعا زعيم المعارضة كلجدار أوغلو بنسبة 8.6%، وحصل إمام أوغلو على نسبة 4.4% فقط.
وتقود تركيا جهودا دبلوماسية لإيقاف الغزو الروسي لأوكرانيا، وعرضت أفكارًا لوقف إطلاق النار، انطلاقا من موقف واضح للرئيس أردوغان بأن "تركيا لن تتخلى لا عن روسيا ولا عن أوكرانيا"، ولن تنضم إلى قافلة الدول التي فرضت عقوبات على موسكو.
وجمعت تركيا وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف، وأوكرانيا ديمترو كوليبا، في مدينة أنطاليا على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي، في لقاء ثلاثي مع وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في العاشر من الشهر الجاري، ورغم عدم الخروج بنتيجة إيجابية، إلا أن تركيا تواصل الجهود واللقاءات مع الطرفين على أرفع مستوى.
وكانت استطلاعات الرأي السابقة قد أظهرت تدني نسب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والرئيس أردوغان، حيث وصلت في آخر استطلاع إلى قرابة 40% فقط بفضل الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع الأسعار في البلاد، ولكن يبدو أن تأثيرات الحرب رفعت شعبيته مجددا.
وتعتبر الانتخابات المقبلة في تركيا في 2023 انتخابات مهمة لمستقبل الرئيس أردوغان (68 عاما) وحزبه، إذ ستكون الفرصة الأخيرة له دستوريا لتولي الحكم، في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية واستطلاعات رأي تظهر تراجع شعبيته وشعبية حزبه.
في المقابل، تطالب المعارضة بإجراء الانتخابات مبكرا محاولة الاستفادة من ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار وعدم قدرة ضبط سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، ما ينعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
ورغم أن المعارضة عملت على وضع رؤية واحدة عبر 6 أحزاب لتشكيل تكتل بمواجهة الرئيس أردوغان، إلا أنها حتى الآن لم تستطع اختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية، كما لا تمتلك الأغلبية البرلمانية من أجل الذهاب إلى الانتخابات المبكرة.
ولا تستطيع المعارضة بالوضع الحالي في البرلمان الذهاب إلى الانتخابات المبكرة لافتقادها الأغلبية الكافية، حيث تتطلب موافقة 360 نائبا في البرلمان على الأقل من أصل 583 نائبا حاليا (دستوريا يجب أن يكون عدد نواب البرلمان 600، ولكن وفاة أعضاء واستقالة آخرين خفض العدد).
وتمتلك المعارضة أقل من 250 نائبا في البرلمان بالوقت الحالي، لذا فإن الطريقة الأخرى للذهاب إلى انتخابات مبكرة تكون عبر دعوة الرئيس أردوغان لإجرائها.