اغتيال هنية وشكر قد يزيد مطامع نتنياهو وإن كان الثمن حرباً أوسع

31 يوليو 2024
نتنياهو يتحدث بإحدى الفعاليات في تل أبيب، 18 يونيو 2024 (شاؤول غولان/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصعيد إسرائيلي واغتيالات نوعية:** نفذت إسرائيل اغتيالات مستهدفة لقيادات حماس وحزب الله، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لتعزيز موقف نتنياهو، مما قد يستدعي ردود فعل قوية من حزب الله وإيران.

- **تحذيرات من حرب إقليمية:** المحللون يحذرون من أن اغتيال هنية في إيران قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع، مما يعقد الاتصالات المتعلقة بصفقة بين إسرائيل وحماس.

- **استعدادات إسرائيلية لحرب متعددة الجبهات:** إسرائيل تستعد لحرب واسعة النطاق، متوقعة هجمات من لبنان واليمن وإيران والعراق وسوريا، وتعتبر اغتيالاتها الأخيرة إعادة تشكيل لصورتها العسكرية.

تعي إسرائيل جيداً أن ضربتي بيروت وطهران تقتضيان الرد عليهما

هآرتس: إيران ستجد صعوبة في احتواء اغتيال هنية على أراضيها

عمليتا بيروت وطهران تساهمان بإعادة تشكيل صورة إسرائيل كقوة عسكرية

من المشكوك فيه أن يكتفي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية واستهداف القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر، في غضون ساعات، وكذا من سبقهم من قيادات، لأجل وقف الحرب على جبهتي لبنان وغزة، في إطار تفاهمات وصفقة، في وقت تعي فيه إسرائيل جيداً أن توجيه ضربتين من هذا النوع، يقتضي حتماً الرد عليهما، ولا يمكن مرورهما مرور الكرام، لكنها تراهن على حجم الرد، وهو ما تجلى بتصريحات عدة مسؤولين إسرائيليين قالوا إن الكرة في ملعب حزب الله وإيران.

وليس استهداف هنية مفاجئاً، ذلك أن إسرائيل أعلنت مراراً خلال الحرب الحالية نيتها اغتيال قيادات في حركة حماس وحزب الله، إلا أن اغتياله في طهران هو المفاجأة الأكبر. ورغم ما قد يوصف إسرائيلياً بأنه "إنجازات"، إلا أن ذلك لا يعني أن نتنياهو سيجد فيها فرصة للترويج على أنها مدخله إلى صفقة جديدة مع حركة حماس، التي طالما أفشلها وتشدد بشأنها وغيّر شروطاً فيها وأضاف أخرى من أجل عدم إنجازها. وقد تفتح هذه "الإنجازات" شهية نتنياهو على مزيد من العمليات النوعية وعمليات الاغتيال المنسقة مع الولايات المتحدة، يضاف إلى ذلك عودته من واشنطن أخيراً بمزيد من الدعم على الأرجح، فضلاً عن التصريحات الأميركية الصريحة بدعم إسرائيل وحمايتها، مدركاً أنه لن يكون وحده إن اتّسعت رقعة الحرب فعلاً، ما قد يزيد مطامعه.

وصرّح مسؤولون إسرائيليون، من بينهم وزير الأمن يوآف غالانت اليوم، أن إسرائيل غير معنيّة بحرب واسعة، معقباً على عملية اغتيال القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر، في بيروت أمس، قائلاً إن "التنفيذ كان مركزاً وعالي الجودة ومحدوداً". وأضاف خلال جولة ميدانية التقى فيها جنوداً: "لا نريد حرباً، لكننا نستعد لكل الاحتمالات. وسنقوم بعملنا على المستويات كافة". مع هذا فإن إسرائيل تستدعي الحرب بأفعالها، وإن كان لدى الأطراف الأخرى حساباتها أيضاً لعدم الدخول في حرب كاملة.

تحذيرات من حرب إقليمية بعد اغتيال هنية

ويرى المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، أن إيران ستجد صعوبة في احتواء اغتيال هنية على أراضيها، محذراً من احتمال انزلاق المنطقة لحرب أوسع. وأوضح أنه على الرغم من عدم تبني إسرائيل رسمياً حتى الآن عملية اغتيال إسماعيل هنية "فمن الصعب التصديق أن هذه مصادفة"، حين يجري الحديث أيضاً عن اغتيال فؤاد شكر في بيروت. وأضاف أن الحديث عن "مقتل أرفع شخصيتين في حركة حماس وحزب الله، منذ بداية الحرب وحتى اليوم"، معتبراً أن هاتين العمليتين "تدلّان على مستوى مرتفع جداً من التخطيط والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة والقدرة على التنفيذ"، وأن الرسالة موجهة للمنظمتين وإيران أيضاً.

وأضاف: "قد نكون أمام تصعيد آخر في الحرب قد يصل حتى إلى احتمال مواجهة إقليمية أوسع"، فيما "ستجد إيران صعوبة في عدم الرد على عملية وقعت على أراضيها. وبالمقابل، فإن إيران وحزب الله حاولا حتى الآن إبقاء الحرب مع إسرائيل تحت خط الحرب الشاملة". واعتبر أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، "يجدان نفسيهما وحيدين تقريباً في القيادة بعد اغتيال عدد كبير من القادة رفيعي المستوى، جزء منهم خلال الحرب الحالية". ويعتقد هارئيل أن اغتيال هنية سيؤثر في الاتصالات المتعلّقة بالتوصّل إلى صفقة بين إسرائيل وحركة حماس"، التي هي أصلاً "عالقة منذ عدة أسابيع إلى حد كبير على خلفية تشدد إسرائيل في مواقفها".

إسرائيل مستعدة للحرب

من جانبه، اعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي، أن "إسرائيل أوضحت أنها مستعدة لحرب واسعة، وعلى الإيرانيين الآن اتخاذ قرارهم". وذكر أن "عمليتي بيروت وطهران، تشكّلان تحدياً مباشراً لإيران واستراتيجية الوكلاء التي تتبعها، فيما تدفع إسرائيل القيادة الإيرانية نحو اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت وجهتها إلى حرب مباشرة وعلى نطاق كامل مع إسرائيل، أو أنها ستختار تهدئة الوضع تدريجياً". كذلك تقول إسرائيل لإيران ووكلائها من خلالهما وفقاً لبن يشاي: "إن لم تتوقفوا، فإن إسرائيل لن تتردد في التوجه إلى حرب شاملة ليس مع حزب الله وحماس والحوثيين فقط، ولكن مع إيران أيضاً".

ويعني هذا بحسب الكاتب أن على الإسرائيليين أيضاً الاستعداد لحرب متعددة الجبهات، وأن الجبهة الداخلية ستكون معرضة لهجمات صاروخية من جميع الأنواع، إلى جانب المسيّرات الهجومية، التي ستُطلَق من لبنان واليمن وبالأساس من إيران والعراق وسورية، فيما قد ينتقل الحوثيون إلى سورية أو ينضمون إلى حزب الله في لبنان في محاولة لاختراق الحدود في الشمال.

مغامرة إسرائيلية

وقال الكاتب إنه قبل اتخاذ القرار بشأن عمليتي بيروت وطهران، فإن نتنياهو وغالانت، وكذلك رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، ورئيسي جهازي الموساد والشاباك، ديفيد برنيع ورونين بار، أدركوا جيداً أن هاتين العمليتين، تشكّلان المستوى الأخير تقريباً لاحتمال تدهور الأمور إلى حرب إقليمية، وفهموا عملياً أن الحديث عن مقامرة، ذلك أن عدم رغبة إيران بحرب إقليمية والتورط مع الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، ليس مؤكداً. 

رادع الاختراق الاستخباراتي

من جانبه، علّق محلل الشؤون العربية والشرق أوسطية في القناة 12 العبرية إيهود يعاري، أن عملية الاغتيال في بيروت وطهران تدفعان قادة إيران وحزب الله إلى التمعّن في حجم الخطوات الانتقامية التي سيختارانها، "من منطلق الإدراك الحالي الذي لم يكن لديهم من قبل، بشأن قوة الاختراق الاستخباراتي لإسرائيل، وحجم الجهوزية للتجرؤ على شنّ هجمات على عاصمتي (محور المقاومة) الواحدة تلو الأخرى، ومع هذا ليس بالضرورة أن يكون الرد سريعاً".

أخبار
التحديثات الحية

وأشار إلى أن العمليتين  تساهمان في إعادة تشكيل صورة إسرائيل باعتبارها قوةً عسكريةً في المنطقة، بعد استنزافها في الأشهر العشرة الأخيرة إلى حد كبير. ويعتقد يعاري أن ما حديث لن يؤثر في احتمالات التوصّل إلى صفقة بين إسرائيل وحركة حماس، التي لديها أسباب جيدة للقبول بصفقة تفضي إلى وقف لإطلاق النار بشروطها، وهذه الشروط لن تتغير بغياب هنية، مضيفاً أن احتمالات الصفقة كانت ضئيلة حتى قبل عمليتي الاغتيال.

الاغتيالات لم تضعف حماس سابقاً وازدادت قوة

أما الصحافي والكاتب في صحيفة معاريف، بن كسبيت، فقد أثنى على عمليتي الاغتيال وعلى "الذراع (الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والاستخباراتية) الطويلة ومتعددة الاستخدامات القادرة على العمل في أي مكان على وجه الأرض دون اكتشافها". وبعد هذا، أعرب عن أمله بأن لا يعتقد نتنياهو أن اغتيال هنية سيسمح له بمواصلة عرقلة وإفشال الصفقة من أجل استعادة المحتجزين الإسرائيليين، مضيفاً: "لست من أولئك الأشخاص الذين يعتقدون أن السنوار سيخرج الآن ويقتل المختطفين أو ينكّل بهم. ليس لدى السنوار كنز بديل. المشكلة هي نتنياهو".

وتابع: "الاغتيالات مهما كانت رائعة، لن تغيّر الحرب نفسها. لقد تم القضاء على قادة حماس بالجملة وعلى مدى أجيال، في حين أن المنظمة تنمو وتزداد قوة. في الوقت الحالي، وصلت حماس إلى أسوأ وضع في تاريخها، وتقترب من الانهيار، ونصف منسحقة. مع هنية أو من دونه، من السابق لأوانه أن ننعاها".

المساهمون