اعتصامٌ في بيروت اعتراضاً على عودة الحريري لرئاسة الحكومة اللبنانية

21 أكتوبر 2020
الحريري المرشح الأبرز لرئاسة الوزراء بعد نحو عام على إسقاط حكومته بانتفاضة شعبية (تويتر)
+ الخط -

اعتصمَ عددٌ من الناشطين، يوم الأربعاء، أمام مجلس النواب، اعتراضاً على اتجاه غالبية الكتل النيابية إلى تكليف رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في الاستشارات الملزمة التي تنطلق صباح غدٍ الخميس في قصر بعبدا الجمهوري.

وأطلق المعتصمون شعارات ترفض عودة الحريري، بعد أن أسقطت انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 حكومته، مؤكدين أنّه "واحدٌ من الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى الانهيار الشامل، وقتلت شعبها، في انفجار مرفأ بيروت، الذي يتحمّل مسؤوليته كل من تعاقب على الحكم، والجهات المعنية، منذ دخول نيترات الأمونيوم إلى العنبر رقم 12 حتى تاريخ الرابع من أغسطس/ آب الماضي".

واتّجه المعتصمون الى بيت الوسط، حيث مقرّ الحريري، تأكيداً على رفضهم التام عودته على رأس حكومة، يفترض أن تكون مؤلفة من اختصاصيين مستقلّين من أصحاب الكفاءة والنزاهة، قادرين على إنقاذ لبنان اقتصادياً ومعيشياً، واستعادة ثقة  المجتمع الدولي التي فقدتها المنظومة السياسية الممسكة بمفاصل البلاد منذ سنين طويلة، عملاً بمنطق المحاصصة، والاستيلاء على حقوق المواطنين، وآخر فصول ذلك، التعاون مع المصارف اللبنانية، التي تحتجز الودائع، وتستمرّ في فرض قيود مشدّدة على السحوبات، مقابل تفلّت السوق السوداء، التي باتت المتحكّم الأكبر بالشعب، ومعيشته، بلا حسيب أو رقيب.

تراشق أنصار الحريري والمعتصمين

واعترضت مجموعة من مناصري الحريري التظاهرة، مطلقة هتافات مؤيدة لعودة رئيس "التيار المستقبل"، الأمر الذي أحدث توتراً كبيراً في المكان، تخلله رمي حجارة بين المتظاهرين، سارعت القوى الأمنية إلى احتوائه، وأقامت حاجزاً بشرياً للفصل بين الطرفين.

وأقدم مناصرون تابعون لـ"تيار المستقبل" على إحراق "قبضة الثورة"، في ساحة الشهداء في بيروت، سريعاً ردَّ التيار في بيان تبرّأ فيه من علاقته بإحراق المجسم، وقال، "تعمد بعض الجهات إلى القيام بتحركات استفزازية عشية الاستشارات النيابية غداً الخميس، عبر عراضات تهدف إلى تعكير الأجواء المرافقة لهذا الاستحقاق الدستوري، ومحاولة استدراج الشارع المقابل إلى ردود فعل مضادة لا تحمد عقباها".

ويأتي هذا الاعتصام استكمالاً لتحرّكات عدّة، سجّلت في الأيام القليلة الماضية، آخرها يوم أمس الثلاثاء، إذ نظمت مسيرة نسائية باتجاه عين التينة مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري، للمطالبة برحيله وتنحّيه، في إطار تغيير المنظومة الفاسدة التي تتمسّك بالحكم منذ عشرات السنين.

 

وقبيل بدء التحرّكات، سجّل امتعاض كبير في صفوف اللبنانيين من كلمة الرئيس ميشال عون ظهر اليوم، التي رأوا فيها اعترافاً بالعجز والفشل، وعدم القدرة على حكم البلاد، وعبّروا عن غضبهم من رسالة يفترض بها أن تحمل الحلول والخطط والأجوبة في ظلّ انهيار الدولة، وإذ بها تكون عبارة عن جملة أسئلة وعلامات استفهام من رئيس جمهورية، لديه تيار سياسي يملك أكبر تكتل نيابي، وحصد حقائب وزارية عدّة وازنة، وخصوصاً وزارة الطاقة والمياه التي طاولها عون اليوم في اتهاماته وأسئلته عن ملفات العجز والفساد.

وسأل عون في رسالته إلى اللبنانيين: "ما هي الحال الاجتماعيّة لشعبنا في ظلّ غياب منظومة الحماية الاجتماعيّة الشاملة، المعروفة بضمان الشيخوخة، والتي وضعت اقتراح قانون بشأنها، إبّان عودتي من الإبعاد، لم يجد بعد طريقه إلى الإقرار؟ أين التقديمات الطبيّة والعلاجيّة والاستشفائيّة الشاملة لشعبنا، وقد ضاقت به الأحوال بفعل إهمال وضع أيّ سياسة اجتماعيّة ناجعة تقيه غدر الزمن؟ أين نحن من رفع الدعم على موادنا الحيويّة التي نستورد معظمها ولا نضبط استفادة شعبنا من دون سواه منها؟ أين الاقتصاد بعد أن أكل ريعه مدخرات اللبنانيين وجنى عمرهم، في حين أننا كنا ننادي وما زلنا بالاقتصاد المنتج؟ أين الخطة الاقتصادية ومن أفشل تطبيقها؟ أين برنامج الاستثمار العام (CIP) ومن أبقاه حبراً على ورق؟ أين الخطط الإنمائيّة  القطاعيّة التي وضعها مؤتمر CEDRE ومن تقاعس عن تنفيذها؟ أين خطة الكهرباء التي تنام في الأدراج منذ سنة 2010 ولم يحدد لها أيّ اعتماد أو إطار تنفيذي بالرغم من إصرارنا عليها كي لا يظلّ اللبنانيون أسرى العتمة وكلفة المصادر المتعددة للطاقة المحرزة؟ أين خطة السدود من تجميع ثروة لبنان الطبيعيّة، المياه، التي تنبع من جوف أرضنا وتذهب سدى من أنهرنا إلى بحرنا؟".

وعمّمت دوائر القصر الجمهوري، اليوم، جدول مواعيد الاستشارات الملزمة للكتل النيابية التي تنطلق صباح الغد حتى ساعات بعد الظهر، يتقدّمها رئيس الوزراء السابق النائب نجيب ميقاتي، فرئيس الوزراء السابق النائب سعد الحريري، ورئيس الحكومة السابق تمام سلام، يليهم نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، فالكتل تباعاً، لتسمية مرشحها لرئاسة الحكومة، في ظلّ تقدّم أسهم الحريري، الذي حتى الساعة حُسِمَ موضوع تكليفه، رغم عدم تسميته من قبل أكبر تكتلين مسيحيين، هما "تكتل الجمهورية القوية" (يمثل حزب القوات اللبنانية في البرلمان برئاسة سمير جعجع)، و"تكتل لبنان القوي"، برئاسة النائب جبران باسيل.