اعتداءات "داعش" المتصاعدة في العراق: اتهامات لحكومة الكاظمي بالتقصير

11 نوفمبر 2020
عاود تنظيم "داعش" تصعيده وزيادة هجماته في مدن عراقية عدة (علي مكرك غريب/الأناضول)
+ الخط -

عاود تنظيم "داعش" تصعيده وزيادة هجماته في مدن عراقية عدة، مستهدفاً القوات الأمنية النظامية والرديفة لها من الحشود العشائرية المسلَّحة في أطراف بغداد ومناطق شمال وغربي البلاد، عبر عمليات التسلل والمباغتة، مستغلاً الفراغات الأمنية التي تتركها القوات المحلية والاضطراب السياسي الذي يؤثر على القرارات الأمنية، وفق مراقبين.

وعلى الرغم من مواصلة القوات العراقية عمليات الملاحقة المستمرة لعناصر "داعش" في المدن المحرَّرة، إلا أن التنظيم بات يسعى إلى إثبات وجوده في العاصمة بغداد، ولا سيما بعد عملية الرضوانية، الأحد الماضي، التي أسفرت عن مقتل وجرح 10 عناصر من قوات الأمن، والتي أثارت مخاوف مراقبين ومسؤولين من احتمال بدء تنظيم "داعش" بصفحة جديدة من عملياته، بالتزامن مع تراجع أدوار قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، التي انسحبت أعداد كبيرة منها، في وقت تواصل القوى السياسية العراقية المطالبة بخروج ما تبقى من هذه القوات، ولا سيما أنه تزامن مع اختطاف 4 أشخاص من عشيرة "البو عيسى" من مدينة الرطبة بالأنبار، ومع موجة اغتيالات في ديالى وجنوب غرب كركوك وصلاح الدين بدت عمليات انتقامية من عناصر القبائل والزعماء المحليين الذين ساعدوا القوات العراقية في طرد التنظيم قبل نحو 3 سنوات.

وفي السياق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كاطع الركابي، إن "السلطات الأمنية في العراق بحاجة إلى تجديد خططها العسكرية في التعامل مع الجماعات التي تعمل دون تنسيق مركزي، وهي الحالة التي يعمل بها ما تبقى من عناصر تنظيم "داعش"، حيث تواجه القوات الأمنية جماعات منفلتة، تقدم على عمليات مباغتة بعد رصد بعض الأخطاء الأمنية والفراغات في المناطق الزراعية والنائية".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "المناطق المحررة هي الأكثر تضرراً من عمليات "داعش"، ولكن التنظيم يجتهد في سبيل استهداف بغداد لإثارة الرعب في نفوس العراقيين، وعملية الرضوانية الأخيرة ليست أكثر من هجمة إعلامية أكثر من كونها مسلحة، ولكنها كشفت عن الإخفاق الأمني الكبير في العاصمة العراقية".

يقول مراقبون إن "داعش" يستغلّ الفراغات الأمنية التي تتركها القوات المحلية والاضطراب السياسي الذي يؤثر على القرارات الأمنية

من جهته، أشار المسؤول المحلي في بغداد سعد المطلبي إلى أن "الروتين والبيروقراطية في التعامل الأمني في العراق واعتماد الأساليب القديمة في تأمين المناطق، من خلال نقاط التفتيش على الشوارع والسيطرات، تؤدي دائماً إلى خلق حالة من الفراغ الأمني، وليس لها فائدة غير تعطيل المواطنين والاعتقال على الشبهة، كما أنها تخلق فجوة بين العنصر الأمني وقادته العسكريين، كما أن أساليب تأمين المدن المعمول بها حالياً في العراق، تقتل الحسّ الأمني لدى عناصر القوات الأمنية". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الحالية مشغولة بصراعاتها مع الأحزاب ومصالحها، وترتيب الأجواء قبيل الانتخابات التشريعية المقبلة، ولذلك تحوّل الملف الأمني إلى مؤخرة الاهتمامات الحكومية".

أما قيادي "الحشد العشائري" في محافظة الأنبار، طارق العسل، فقد بيّن أن "الهجمات التي ينفذها تنظيم "داعش" تساهم في ترهيب الأهالي، ولا سيما أنه يعتمد على العمل النوعي في هجماته، من خلال الاختطاف أو النحر وتصويرهم"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول إن "داعش يحاول إثبات وجوده بهذه العمليات "الفردية"، على خلفية الضربات الجوية التي شنّها الجيش العراقي، ومن المعروف أن عناصر التنظيم يظهرون بعد كل ضربة موجعة تصيبهم، كردٍ على استهدافهم، وهو ما يؤكد أن العراق ينظف نفسه تدريجياً من الإرهاب، ولكن هذا التنظيف له ثمن".

إلى ذلك، أكد الخبير الأمني سرمد البياتي، أن "تنظيم "داعش" اعتمد في هجماته الأخيرة على القنابل اليدوية والأسلحة الرشاشة، ومعناه أن التنظيم تراجع مع حيث التسليح وأدوات القتال بشكلٍ كبير عمّا كان عليه، وأن التنظيم لم تعد لديه القدرة على احتلال المدن الكبيرة كما في السنوات الماضية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية عناصر "داعش" الذين يهاجمون المناطق العراقية هم من نفس المناطق بالأصل، وبالتالي فهم أدرى بشعابها، ولذلك يضربون ثم يهربون، ولذلك فإن المدن المحررة بحاجة إلى تدقيق أمني مكثف إضافة إلى جولات للبحث عن العناصر المختبئين في أطراف المدن".

وكان العراق أعلن هزيمة تنظيم "داعش" نهاية العام 2017، بعد معارك دامية لأكثر من ثلاثة أعوام، إلا أن ما تبقى من عناصر "داعش" ما زالت قادرة على شن هجمات على القوات الأمنية في مناطق نائية في شمال البلاد وغربها.

المساهمون