استهداف القياديين في "قسد": ذئاب "داعش" أم تصفيات داخلية؟

02 نوفمبر 2020
هناك تياران داخل قوات سورية الديمقراطية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

ازدادت في الآونة الأخيرة العمليات التي تستهدف قياديين في "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على جل المنطقة التي باتت تُعرف بـ"شرقي الفرات"، بشمال شرق سورية، والتي لم تشهد استقراراً أمنياً، ولا سيما في ريف دير الزور الشرقي، وريف الحسكة الجنوبي. ويُعتقد أنّ هناك خلايا نشطة أو "ذئاباً منفردة" تابعة لتنظيم "داعش" تقف وراء هذه العمليات، في حين لم يستبعد مصدر أمني وجود تناحر بين تيارين داخل هذه القوات يؤدي إلى عمليات تصفية.

ولقي مساء أول من أمس السبت القيادي في "قسد" المعروف بـ "هافال رياض" مصرعه على يد ملثمين مجهولين بالقرب من سوق الغنم في بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي. ووفق موقع "جسر" المعارض، فإنّ القتيل كان قائد ألوية عدة وتخضع له قرى وبلدات مختلفة، واسمه إدريس أبو رياض، وهو سوري كردي ينحدر من محافظة الحسكة.


لقي القيادي في "قسد" هافال رياض مصرعه على يد ملثمين مجهولين

من جهته، نجا قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لـ"قسد"، أحمد الخبيل، من محاولة اغتيال السبت في حي النشوة في مدينة الحسكة، مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم في أقصى الشمال الشرقي من سورية، وتسيطر "قسد" على جلها. وبحسب مصادر محلية، فإنّ عبوة ناسفة انفجرت مساء السبت، في سيارة الخبيل أثناء توقفها، ما أدى لإصابة السائق وتضرّر هيكل السيارة العسكرية بشكل كبير.

ووجهت أصابع الاتهام على الفور إلى خلايا نشطة تابعة لتنظيم "داعش" بالوقوف وراء العمليتين وعمليات الاغتيال التي تستهدف قياديين وعناصر في "قسد"، ووجهاء وشيوخ عشائر عربية في منطقة شرقي نهر الفرات. ولكن مصادر أمنية أشارت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّ "التنظيم قد لا يملك القدرة الكافية على القيام بعمليات اغتيال في مناطق مثل مدينة الحسكة"، موضحةً أنّ "هذه المدينة لا يزال للنظام السوري وجود أمني وعسكري فيها، وربما هو من يقف وراء محاولة اغتيال الخبيل".

وأشارت المصادر إلى إمكانية وجود تصفيات داخلية ضمن "قوات سورية الديمقراطية" لأسباب تتعلق بالتبعية للمحاور الموجودة داخل هذه القوات التي يهيمن عليها الأكراد خصوصاً لجهتي القيادة والتوجيه. وأوضحت أنّ هناك تيارين داخل هذه القوات؛ الأول ما يسمّى بـ"تيار قنديل" والذي تربطه علاقات مع النظام السوري وإيران، ويضم قياديين وعناصر انحدروا من جبال قنديل مقر حزب "العمال الكردستاني" على الحدود العراقية التركية إلى سورية، مع سيطرة الوحدات الكردية على مناطق في شرقي الفرات وغربه بالتواطؤ مع النظام في نهاية عام 2012، ومن ثم باتت لهم الكلمة الأولى في هذه الوحدات التي تعدّ النواة الرئيسية الصلبة لقوات "قسد" التي تشكلت في نهاية عام 2015. أما التيار الثاني، فهو "التيار الوطني السوري" والذي يتبع للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الداعم الرئيس لـ"قسد". وأشارت المصادر إلى أنّ التيار الأول "لديه إرث في تصفية معارضيه. وبالتالي، ربما حوادث ومحاولات الاغتيال يقف وراءها طرف غير تنظيم داعش".

وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها قياديون في "قسد" لعمليات اغتيال نجح بعضها وفشل آخر. ونجت أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي القيادية في "وحدات حماية المرأة"، والمتحدثة الرسمية باسم "مجلس دير الزور العسكري"، ليلوى العبد الله، من محاولة اغتيال، في حين أصيب سائقها بجروح. وتعرضت العبد الله لمحاولات اغتيال عدة في ريف دير الشرقي، إبان حملة عسكرية ضدّ خلايا لتنظيم "داعش" في المنطقة، بتنسيق مع قوات التحالف الدولي. كذلك، اغتيل في سبتمبر الماضي مسؤول المخابرات العسكرية التابعة لـ"قسد" في منطقة الشدادي، في ريف الحسكة الجنوبي، دلي حمو، في هجوم شنّه مجهولون على سيارته في المنطقة. وفي الشهر ذاته، نجا القيادي في "قوات سورية الديمقراطية" فرهاد كوباني، ومرافقوه من محاولة اغتيال قرب حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي. وكان قد قُتل قائد فوج البوكمال في "قسد" شعبان المعاط، في أغسطس/ آب الماضي، في استهداف نفذه مجهولون بمنطقة حصية عنتر على أطراف بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي.


تيار قنديل داخل "قسد" لديه إرث في تصفية معارضيه

وفي يونيو/ حزيران الماضي، تعرّض المتحدث باسم "مجلس منبج العسكري" التابع لـ "قسد"، شرفان درويش، لمحاولة اغتيال بريف حلب الشرقي، بانفجار عبوة ناسفة زُرعت على الطريق بين مدينة منبج وسد تشرين بريف حلب الشمالي الشرقي.

وحول الأطراف التي من الممكن أن تكون وراء استهداف القياديين في "قسد"، أشار الباحث السياسي المقرب من "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية، إبراهيم مسلم، إلى أنّ "هناك 3 جهات توجه الأصابع الاتهام إليها"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد": "تركيا متهمة كونها تعتبر قوات سورية الديمقراطية عدوتها في المنطقة، وعناصر ضمن الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي، ومجموعات محسوبة على النظام السوري". واستبعد مسلم وجود تصفيات داخلية داخل "قوات سورية الديمقراطية"، قائلاً: "لو كان الأمر كذلك لما استطاع قياديون الهروب من مناطق سيطرة قسد، والعقيد طلال سلو أبرز مثال على ذلك".

وكان المتحدث السابق باسم "قوات سورية الديمقراطية" العقيد طلال سلو، وهو سوري من أصل تركماني، قد هرب باتجاه الأراضي التركية أواخر عام 2017 بعد عامين من وجوده في هذه القوات التي تضم فصائل كردية وعربية وتركمانية وسريانية.  وتسيطر "قسد" على جلّ منطقة شرقي نهر الفرات الغنية بالثروات والتي تضم كامل محافظة الحسكة والقسم الأكبر من محافظة الرقة وجانباً من ريف حلب الشمالي الشرقي، إضافة إلى ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات.

ولا تقتصر عمليات الاغتيال على قياديين في "قسد"، بل تطاول شيوخ عشائر ووجهاء محليين، لا سيما في ريف دير الزور الشرقي الذي يشهد اضطرابات. وقُتل منتصف العام الحالي أحد أبرز شيوخ قبيلة العكيدات، وهو مطشر حمود الهفل، مع أحد أقاربه، جراء تعرض سيارة كان يستقلها في بلدة الحوايج بريف دير الزور الشرقي لإطلاق نار من جانب مجموعة مسلحة، فيما أصيب في الهجوم الشيخ إبراهيم خليل عبود الهفل، شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، والذي كان المستهدف الرئيسي.

المساهمون