خفضت الحكومة الجزائرية مستوى استقبال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درمانان لدى وصوله الليلة الماضية إلى مطار الجزائر العاصمة، إذ كان في استقباله رئيس ديوان وزير الداخلية عياش هواري.
وتجاهلت وسائل الإعلام الجزائرية بشكل غير مسبوق زيارة المسؤول الفرنسي، بخلاف الضجة التي ترافق عادة زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر، ويبدو أن الأمر موجه ومتعمد، ولم تنشر وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية سوى خبر مقتضب عن وصوله، كما لم تنشر أية معلومات عن تفاصيل الزيارة وأجندتها.
وكانت تغريدة نشرها وزير الداخلية الفرنسي على حسابه بموقع تويتر مصدر المعلومة الوحيد عن مضمون محادثات أجراها مع وزير الداخلية الجزائري، كمال بلجود، كشف فيها عن أنهما تبادلا "خلال اللقاء سبل زيادة التعاون الوثيق بين البلدين، لاسيما بخصوص مسألة الهجرة ومكافحة الإرهاب”.
وبخلاف تونس التي عقد فيها وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أمس مؤتمرا صحافيا، اكتفت السلطات الجزائرية بتصريح الوزير الفرنسي للإذاعة والتلفزيون الجزائري الرسمي عقب محادثاته مع وزير الداخلية الجزائري.
وقال الوزير درامامان إن "رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون متمسك جدا بالعلاقة القائمة بين الجزائر وفرنسا وبين دولتينا وشعبينا، وقد جئت لأؤكد لوزير الداخلية الجزائري التعاون التام لفرنسا بخصوص كافة المسائل التي تخصنا معا، لا سيما في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب ومسألة الهجرة غير الشرعية التي تواجهها الجزائر، والتي يتعين علينا التصدي لها، لأننا نواجه تنقلات الأشخاص على جميع ربوع هذا الفضاء الذي نتقاسمه".
ويُعتقد أن التجاهل الإعلامي والسياسي، الذي رافق زيارة وزير الداخلية الفرنسي، يعود إلى تطورات ذات صلة بالحملة الفرنسية الأخيرة على الإسلام، خاصة أن الجالية الجزائرية في فرنسا معنية بهذه الحملة التي دانتها هيئات رسمية وسياسية جزائرية، لكن السبب الأكثر أهمية هو الصفقة الفرنسية مع الإرهابيين في مالي، والتي تم الإفراج بموجبها عن 206 إرهابيين وحصول تنظيم "أنصار الدين" الإرهابي على عشرة ملايين يورو.
والأسبوع الماضي، أبدت الجزائر انزعاجاً رسمياً إزاء هذه الصفقة، عقب توقيف الأمن الجزائري لإرهابي جزائري يدعى مصطفى درار، أُفرج عنه في هذه الصفقة، واتهمت الجزائر باريس بعرقلة جهود مكافحة الإرهاب، ووصفت دفعها لفدية "بالتصرفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية، التي تجرّم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، ما يوفر للتنظيم الإرهابي إمكانيات مالية لتجهيز وتسليح نفسه وتهديد المصالح الجزائرية".
وأبلغت مصادر مسؤولة "العربي الجديد" أن وزير الداخلية الفرنسي قدم لنظيره الجزائري توضيحات بشأن السياسات التي تعتزم حكومة بلاده انتهاجها إزاء المساجد والخطاب الديني لمحاربة ما تعتبره خطاباً متشدداً من مجموعات إسلامية في فرنسا، خاصة أن الجزائر تشرف على مسجد باريس، ومسألة الأئمة الجزائريين في فرنسا.
وتعتزم باريس وقف قدوم أئمة من الجزائر، إضافة إلى تسليم قوائم لمتشددين جزائريين يقيمون على الأراضي الفرنسية، وعشرات من المهاجرين غير الشرعيين الذين تنوي السلطات الفرنسية ترحيلهم من البلاد.