أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، اليوم الأحد، استقالته من منصبه، على وقع أزمة سياسية وأمنية في البلاد تفجرت بانقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
وأتت استقالة حمدوك في ظل استمرار الاحتجاجات الرافضة للانقلاب العسكري والمطالبة بعودة الحكم المدني، والتي يقابلها الأمن السوداني بعنف أدى إلى مقتل ثلاثة متظاهرين في إطار "مليونية 2 يناير/كانون الثاني".
وأوضح رئيس الوزراء السوداني المستقيل، في خطاب وجهه للشعب السوداني عبر التلفزيون الحكومي، وتابعه السودانيون بعد أيام من الترقب والانتظار، أن السودان "يمر الآن بمنعطف خطير يهدد بقاءه كلياً، في ظل حالة من الشتات والصراعات السياسية بين مكونات المرحلة الانتقالية"، مشيرا إلى أنه "بذل جهوداً عديدة لحدوث التوافق المنشود والضروري في الإيفاء بما وعدنا به المواطن من أمن وسلام وعدالة وحقن للدماء، لكن ذلك لم يحدث".
وأضاف حمدوك أنه "وخلال الأيام الماضية التقى بكل مكونات الفترة الانتقالية، سياسية، وعسكرية، وشركاء السلام، للشرح والإحاطة ووضع المسؤولية أمامهم".
وشكر حمدوك السودانيين على منحه شرف رئاسة مجلس الوزراء "في ظرف دقيق ومفعم بالآمال"، مشيراً إلى أنه حاول بقدر استطاعته تجنيب البلاد خطر الانزلاق نحو الكارثة.
أتت استقالة حمدوك على وقع استمرار الاحتجاجات الرافضة للانقلاب العسكري، والتي يقابلها الأمن السوداني بعنف أدى إلى مقتل ثلاثة متظاهرين في إطار "مليونية 2 يناير/كانون الثاني"
ولفت إلى أنه قرر "رد الأمانة للشعب"، وأعلن تقديم استقالته من منصب رئيس الوزراء، مفسحاً المجال لـ"شخص آخر من بنات وأبناء الشعب لاستكمال قيادة البلاد والعبور به خلال ما تبقى من عمر الانتقال نحو الدولة الديمقراطية الناهضة"، معرباً عن أمله بأن "يوفق كل من يأتي بعدي للم شمل السودانيين".
وفي وقت سابق، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن محاولات محلية ودولية مستمرة منذ أيام لإثناء حمدوك عن الاستقالة، مشيرة إلى أن أي تعامل عنيف مع تظاهرات الأحد "قد يعجل باستقالة حمدوك، الذي يرفض بشدة العنف تجاه المتظاهرين السلميين"، وفق قولها.
وعين عبد الله حمدوك، وهو موظف سابق في الأمم المتحدة، في منصبه في أغسطس/آب 2019 بعد 5 أشهر من سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، لكن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أقاله من المنصب في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقب انقلاب للبرهان ضد السلطة الانتقالية، ثم دخل معه في اتفاق سياسي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني تحت ضغط دولي وإقليمي، عاد بموجب ذلك الاتفاق إلى منصبه دون حكومته.
ولم يجد الاتفاق القبول من الشارع السوداني والقوى السياسية التي عدته شرعنة للانقلاب العسكري، وخيانة للثورة ولتحالف الحرية والتغيير التي رشحته بداية للمنصب.
وقال حمدوك، في خطاب استقالته الأحد، إن الأزمة الكبرى في البلاد هي "أزمة سياسية في المقام الأول، لكنها تتمحور وتتحور تدريجياً لتشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفي طريقها لتصبح أزمة شاملة"، وإنه قرر مخاطبة الشعب "لأنه السلطة العليا بعد الله، ثم الضمير الحي، ولأن الشعب صاحب الأمانة الوطنية والثورية".
وأضاف أن "الكلمة المفتاحية نحو حل الأزمة الحالية المستمرة منذ أكثر من 6 عقود هي الحوار والجلوس إلى مائدة مستديرة، تمثل فيها كل فعاليات المجتمع السوداني، للتوافق على ميثاق وطني ورسم خارطة طريق لإكمال التحول الديمقراطي المدني لخلاص الوطن على هدى الوثيقة الدستورية".
وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قد تحدث، قبل أيام، عن نيته الاستقالة من منصبه، مع تصاعد الرفض الشعبي والسياسي لاتفاقه مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي عُدَّ شرعنة للانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضافة إلى عجز حمدوك عن تشكيل الحكومة الجديدة نتيجة لعدم التوافق السياسي.