أكد قيادي في حركة "النهضة" التونسية، اليوم السبت، لـ"العربي الجديد"، صحة الوثيقة التي تتحدث عن استقالة عدد كبير من قيادات "النهضة" يتجاوز المائة، وذلك عقب انتهاء اجتماع لمجلس شورى الحركة، فجر اليوم السبت.
وأكد النائب والقيادي في "النهضة" سمير ديلو لـ"العربي الجديد" صحة ما ورد بخصوص استقالة القيادات والنواب، قائلاً إن "القرار جاء بعد مشاورات كثيرة ومحاولات للإصلاح، لكن جميعها باءت بالفشل، ولم تبق هناك أي فرصة للإصلاح من داخل الحركة".
وتابع ديلو قائلاً إن "هذا القرار مرتبط كذلك بخيارات رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي رفض الإصلاح، وقد لاحظنا أخيراً كيف أقدم على تطهير المكتب التنفيذي الجديد من الإصلاحيين".
وأوضح أن "حركة النهضة وصلت إلى حالة من العزلة بعد 25 يوليو/ تموز"، مشيراً إلى أن "القيادة الحالية لم تُبقِ صديقاً للتواصل معه وللتنسيق معه". ورجّح ديلو وجود استقالات أخرى في الطريق.
وعزا القيادي بالحركة، محمد بن سالم، أسباب الاستقالة إلى "اليأس من الإصلاح من الداخل.. نحن الآن ومنذ قرابة 8 سنوات، ومنذ المؤتمر العاشر للحزب ونحن نحاول الإصلاح من الداخل ولكن للأسف نعتبر أن ما وصلته البلاد والحركة هو أكبر دليل على فشلنا في هذا الإصلاح".
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" "اخترنا على الأقل أن نتحرر من هذا الانتماء حتى نساهم في الدفاع عن الديمقراطية في البلاد.. لأنه بعد 25 يوليو/ تموز، والحركة قد ساهمت بقسط في هذه الأزمة ولم تكن الوحيدة المسؤولة، ولكن كان المفروض أن من أوصل البلاد وساهم في ذلك وأوصل الحركة إلى هذا المستوى من اللا شعبية أن يتراجعوا وأن يفوضوا المسؤوليات لقيادات وشخصيات تحظى بالمقبولية المجتمعية حتى يقوموا بتحالفات للدفاع عن الديمقراطية".
وتابع بن سالم "للأسف لقد فشلنا في هذا أيضا والجماعة مازالت متمسكة بالقيادة رغم ما وصلته البلاد فلم يبق هناك خيار إلا أن نتحرر من القيود ونساهم في الدفاع عن الديمقراطية والحرية".
وبين بن سالم أنه "من غير المستبعد تماما الذهاب نحو تكوين حزب أو هيكل سياسي جديد، ولكن نرغب في الفصل بين الاستقالة وتكوين حزب وهو أمر وارد". وأردف "أردنا أن نضع الأسس لكن الوضع التي تعيشه البلاد لا يسمح بأن نضيع وقتا للاتفاق حول الأفكار بما يجعل من غير ممكن تأجيل الاستقالة"، مضيفا "فضلنا الفصل بين مساري الانفصال عن الحزب ومسار التكوين"، بحسب تعبيره.
وكتبت النائبة جميلة الكسيكسي على صفحتها بموقع "فيسبوك": "يؤلمني أن أُعلم الرأي العام أن مشواري مع حركة النهضة توقف"، مضيفة: "قبلة على جبين مناضلي ومناضلات الحزب، أحس بالخجل منهم، ولهم مني كل الاعتذار، ولكن سنوات من الدفع داخلياً نحو قيادة أفضل للحركة والبلاد لم تثمر للأسف. مواجهة الانقلاب ضمن الحراك الوطني أوجب الواجبات الآن".
وشملت الاستقالة الجماعية قيادات كبرى وجهوية ومحلية في حركة "النهضة"، من بينها وزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي، وديلو، ووزير الفلاحة الأسبق محمد بن سالم، وعدد من أعضاء مجلس النواب، على غرار جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي، وعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، على غرار آمال عزوز، وعدد من أعضاء المجلس الشورى الوطني ومجالس الشورى الجهوية والمكاتب الجهوية والمحلية.
وبرر هؤلاء أسباب الاستقالة بـ"الفشل في إصلاح الحزب من الداخل والإقرار بتحمّل القيادة الحالية المسؤولية الكاملة في ما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية"، محملين النهضة "قدراً هاماً من المسؤولية في ما انتهى إليه الوضع العام بالبلاد من تردٍّ فسح المجال للانقلاب على الدستور وعلى المؤسسات المنبثقة منه".
ويمثل هذا التطور منعطفاً كبيراً داخل حركة "النهضة" التي تعاني من خلافات كبيرة في صفوفها وسط مطالب بتغيير في القيادة منذ أشهر.
ويأتي ذلك بعد أيام على تعليق الرئيس التونسي، قيس سعيّد، العمل جزئياً بالدستور، ما أثار رفضاً واسعاً وغضباً لدى عدد من الفاعلين السياسيين الذين تحدثوا عن تشكل ملامح مشروع سعيّد السياسي.
وكانت الرئاسة التونسية قد أعلنت الأربعاء الماضي أن سعيّد قرر تولي إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة تُنظَّم بأمر رئاسي، ومواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكل المنح والامتيازات المسندة إلى رئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه.