استقالات في هيئات "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" بسبب الانتخابات

09 مارس 2021
لم يخرج عدد من الاستقالات إلى العلن بعد (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

فجّر ملف الانتخابات التشريعية المرتقبة في مايو/ أيار المقبل والتحضير لها سلسلة استقالات بصفوف الهيئات التنظيمية في "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، لم يخرج عدد منها إلى العلن بعد.

فبعد أيام من نشر مسؤول التثقيف والإعلام في الجبهة بالضفة الغربية ومسؤول "مركز المسار للأبحاث" نهاد أبو غوش، على حسابه على "فيسبوك"، إعلان مغادرته الهيئات القيادية للجبهة، علم "العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، بعدد آخر من الاستقالات من تلك الهيئات أو حتى من الجبهة، على رأسها استقالة عضو اللجنة المركزية للجبهة الأسير المحرر عصمت منصور، إضافة إلى آخرين.

وبحسب مصادر متطابقة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ منصور، وهو أسير سابق قضى 20 عاماً في سجون الاحتلال وأفرج عنه عام 2013 ضمن استحقاق الإفراج عن الأسرى القدامى ما قبل اتفاق أوسلو، قدّم كتاب الاستقالة من الجبهة الديمقراطية وكافة هيئاتها أو الهيئات التمثيلية التي يمثلها فيها إلى الأمين العام للجبهة نايف حواتمة والمكتب السياسي واللجنة المركزية بتاريخ 4 مارس/ آذار الجاري، على ضوء "ملف اختيار قائمة الجبهة لانتخابات التشريعي في إقليم الضفة الغربية، وعدم التسامح مع الرأي النقدي".

ورغم أنّ أسباب الانسحابات أو الاستقالات لم تقتصر على الانتخابات، إلا أنّ هذا الملف هو "القشة التي قصمت ظهر البعير"، حسب المصادر، ففي تصويت داخل قيادة الجبهة لاختيار من يقود القائمة الانتخابية أو يمثلها في أي تحالفات مع القوى الديمقراطية واليسارية في حال نجاحه، حصل منصور على 10 أصوات مقابل 8 أصوات لمن تلاه، و3 أصوات لشخصية ثالثة، وهو ما لم تقبل به القيادة.

واتهمت المصادر من داخل الجبهة مَن سمّتها بـ"القيادة المتنفذة"، بأنها "أرادت مرشحاً بمعيار الولاء لا الكفاءة".

ورغم رفض كل المنسحبين أو المستقيلين التصريح لـ"العربي الجديد"، من باب عدم الإساءة للجبهة وحفاظاً عليها من أي انعكاسات، خصوصاً في مرحلة الانتخابات القادمة، إلا أنّ "العربي الجديد" علم أنّ منصور لن يقبل بأقل من فتح تحقيق، واتخاذ قرار بإعادة تصويب كل القرارات بكل الحالة المتعلقة بقيادة الجبهة، وليس فقط في موضوع الانتخابات الذي أقصاه.

وتضاف إلى استقالة منصور، بحسب المصادر، استقالة أحمد الصفدي من الهيئات التنظيمية، وهو من مدينة القدس المحتلة، دون الرد على استقالته حتى اللحظة، إضافة إلى إعلان حلمي حمدان، في 6 مارس/ آذار الجاري، على حسابه على "فيسبوك"، استقالته النهائية من الجبهة، بعد أن كان قد قدم في العام 2019 استقالته من لجان المعلمين الديمقراطيين التابعة للجبهة، "دون الرد عليها في حينه"، حسب المصادر.

وبالنسبة للمستقيلين، تبدو الأزمة أعمق وأقدم من مجرد اختيار القائمة الانتخابية، فالمعلومات تشير إلى خلاف حصل بين القيادي نهاد أبو غوش وقيادة الجبهة في الضفة، بعد رفضه موقفها السياسي المرحب بإخراج السودان من قائمة الإرهاب الأميركية وتشكيل جلسة محاسبة له، توقفت لاحقاً، وبسبب خلاف آخر حول الموقف من التمويل الأوروبي المشروط لمؤسسات المجتمع المدني، فضلاً عما يراه المستقيلون والمنسحبون احتكاراً للسلطات التنظيمية والإدارية والمالية.

ولم يتسن لـ"العربي الجديد" الحصول على تعقيب وردّ من قيادات في الجبهة الديمقراطية، مفضلين عدم الحديث حول قضية داخلية، لكن تفاعلات القضية وصلت إلى تداول كوادر الديمقراطية نصوص كتب الاستقالات تلك.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وكان نهاد أبو غوش قد نشر، على حسابه على "فيسبوك"، في 6 مارس/ آذار الجاري، الآتي: "أعلن الآن أنني وصلت إلى نهاية هذا المشوار، ولأسباب تراكمية كثيرة لا يتسع المجال لحصرها وتعدادها، لم أعد عضواً في أي هيئة قيادية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ما زلت منتمياً للمدرسة الفكرية والسياسية والنضالية التي اقتنعت بها في ريعان شبابي، مدرسة عمر القاسم وخالد نزال، ولكنني سوف أتحرر من أي إطار يقيّد حريتي في التفكير، أو يحجر رأيي، أو يملي عليّ قناعاتي، ويصوّر لي رغبة فرد ما، كائناً من كان، على أنها توجهات التنظيم، من الآن فصاعداً ما أقوله وأكتبه يمثلني وحدي، ولا شيء يمثلني إلا ما ينسجم مع قناعاتي. أريد أن أغادر الهيئات، لا الطريق، بكل سلام وهدوء ومودة، على قاعدة الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، لن أقدم استقالة لأحد".

فيما نشر حلمي حمدان نصاً قال فيه: "رفيقاتي ورفاقي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أعلن لكم وللجميع استقالتي من الجبهة، استقالة نهائية لأسباب كثيرة، سأبقى وفيًا لشهدائنا وجرحانا وأسرانا ومعاناتنا وللفكر الحر الذي تربينا عليه. للعلم: لم أطلب الترشح للتشريعي ولم أفكر فيها أصلاً ولا أنوي ذلك، ولن أنضم لأي حزب آخر".

ويعتبر ذلك تأكيداً على الاستقالة التي قدمها حمدان في عام 2019، بناء على "تداعيات مؤتمر اتحاد المعلمين وانتخابات الأمانة العامة، إضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بسياسة قيادة الإقليم، والشخصنة"، حسب ما ورد في كتاب تأكيد الاستقالة الذي علم به "العربي الجديد"، والذي احتوى على ملاحظات على اختيار قائمة الحزب لانتخابات المجلس التشريعي.

وتظل الاستقالات طريقة احتجاجية على كل ما ذكرته المصادر، إضافة إلى الاحتجاج على ما سمته بـ"النزيف المستمر للكادر وخصوصاً الكادر القيادي"، فقبل عام استقال الباحث الدكتور ماهر عامر من الهيئات التنظيمية مع بقائه في الجبهة، وقبل ذلك قدمت استقالات من قبل شخصيات عديدة كعمر عساف.

وتعود الملاحظات للاستقالات السابقة أيضاً، إلى أسباب عديدة، منها سياسية، فيما ترى شخصيات متنحية فضلت عدم الإدلاء بتصريحات صحافية، تراجعاً في مدى التأثير داخل أروقة منظمة التحرير الفلسطينية التي أعادت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي دون الرجوع لهيئات المنظمة، رغم أن قرار قطعها اتخذ من أعلى الهيئات في المجلسين الوطني والمركزي.

وفي إطار تفاعل الأزمة، دعا الأسير المحرر المبعد إلى غزة مصطفى مسلماني، في منشور له، إلى إقامة محكمة حزبية "لا يكون القاضي والجلاد واحد"، حسب تعبيره، معتبراً أن اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي يأتي "بعد فشل جميع الجهود التي بذلت للوصول للحوار التنظيمي الداخلي الجدي والمسؤول".

المساهمون