أعلنت هيئة النزاهة العراقية، أعلى سلطة قضائية معنية بشؤون تتبع قضايا الفساد، اليوم الأربعاء، صدور أمر استقدام بحقّ وزير العدل الحالي، خالد شواني، ومسؤول آخر في الوزارة، متهمة إياهما باستغلال الوظيفة بشأن ملف إطعام السجناء.
وكانت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي قد كشفت، الشهر الفائت، وجود فساد بتعاقدات إطعام السجناء التي تبرمها وزارة العدل مع عدد من الشركات، مؤكدة سعيها لفتح الملف ومتابعته، فيما أكدت الحكومة أنها شكلت لجنة خاصة للمتابعة.
واليوم الأربعاء، ذكرت دائرة التحقيقات بالهيئة، في بيان، أن "قرار الاستقدام صدر عن محكمة الكرخ الثانية المختصة بالنظر في قضايا النزاهة"، مؤكدة أن "القرار صدر بحق وزير العدل الحالي ومدير التصاريح الأمنيَّة في الوزارة، لدورهما في تعطيل تنفيذ قرار قاضي تحقيق المحكمة في القضية الخاصَّة بملف إطعام السجناء والموقوفين، والامتناع عن تزويد فريق هيئة النزاهة بالمستندات المطلوبة".
وأشارت إلى أن "المحكمة المذكورة أصدرت أمر الاستقدام، استناداً إلى أحكام قانون العقوبات العراقي لسنة 1969".
والفساد في الملف لا يُعَدّ جديداً، إذ سبق أن أثير الملف في السنوات السابقة، بسبب رداءة الطعام المقدم إلى السجناء وعدم كفايته، وهو ما يخالف نص التعاقدات مع الشركات، إلا أنه لم تُحاسَب أي شركة. وتحولت قضية عقود إطعام سجناء العراق إلى تجارة بعدما سيطرت عليها جهات سياسية وحزبية حصرت تلك العقود بمقاولين تابعين لها، لتتسلّم ملف تجهيز السجون بالمواد الغذائية، وتتعاقد على صفقات أغذية منتهية الصلاحية.
وكانت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية قد طالبت في وقت سابق، وزير العدل خالد شواني، بتفاصيل كاملة عن الشركات المتعاقدة مع الوزارة وطبيعة الطعام المقدم إلى السجناء، ودفع الحديث عن الفساد بالملف، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى توجيه إنذار نهائي لمتعهد الطعام الخاص بدار تأهيل الأحداث، مع فرض عقوبة مالية بحقه.
وتتعاقد وزارة العدل مع عدد من الشركات الأهلية، التي تتولى تجهيز السجون بالطعام، لكن تلك الشركات لا تفي بالاشتراطات المتفق عليها قانوناً، إذ تنص المادة الـ 12 /2 ب، من قانون إصلاح النزلاء والمودعين رقم 14 لسنة 2018، على أنه يشترط في طعام النزيل والمودع أن يكون صحياً وكافياً ومناسباً لديانة النزيل أو المودع ومعتقده، مع توفير الفواكه واللحم، والاهتمام بالجانب الصحي.
وكان رئيس هيئة النزاهة العراقية، حيدر حنون، قد أقر أمس الثلاثاء، بصعوبة مهمة مكافحة وتقصي ملفات الفساد في العراق، معتبراً أنها أعقد من عمليات مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى تنظيم "داعش".
وتختص "الهيئة العليا لمكافحة الفساد" بتسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها، وفقاً للبيان الحكومي العراقي.
وتواجه الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 مشاكل حقيقية في مواجهة آفة الفساد المستشري بمفاصل الدولة بعد الغزو الأميركي للبلاد، الذي تشير التقديرات إلى تكبيد البلاد أكثر من 450 مليار دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وانعكس ذلك سلباً على مجمل الخدمات والبنى التحتية للمواطنين.