استحقاق انتخابي صعب في انتظار "حماس"

18 مارس 2021
فشلت الحركة في تحسين الأوضاع المعيشية في القطاع (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

تستفيد حركة "حماس"، وهي مقبلة على استحقاق انتخابي فلسطيني، من ضعف منافسيها والانقسام الحاد في حركة "فتح" وضعف قوى اليسار وتراجعها شعبياً وغياب الأفق أمام قوائم المستقلين الكثيرة التي تتجهز لخوض غمار تجربة انتخابية جديدة بعد 15 عاماً من آخر انتخابات فلسطينية.
وحدد مرسوم رئاسي يومي 22 مايو/ أيار و31 يوليو/ تموز المقبلين موعداً للانتخابات التشريعية والرئاسية، فيما ستُجرى انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير في 31 أغسطس/ آب من العام الحالي، على الرغم من توقعات كثيرة بإلغاء الانتخابات أو تأجيلها على الأقل في ظل استمرار انقسام "فتح" وخشية دول إقليمية، وخصوصاً مصر والأردن، من مفاجآت غير سارة لهما.

تتوقع "حماس" أنّ تكون الانتخابات المقبلة "مريحة" لها قياساً مع منافسيها في ظل قوتها التنظيمية

وعلى الرغم من توقعات "حماس" أنّ تكون الانتخابات المقبلة "مريحة" لها قياساً مع منافسيها في ظل قوتها التنظيمية وصعوبة خروج أي قوائم أو شخصيات منها خارج الإطار التنظيمي الرسمي، إلا أنّ الواقع يبدو مختلفاً في ظل تحديات كثيرة ودخول عوامل مختلفة على المسار الانتخابي، واستمرار تأثير العاملين الإسرائيلي والإقليمي على مجرى العملية الانتخابية المقبلة، وحتى ما قبلها.
ولن يكون من السهل على الحركة التي سيطرت بالقوة على قطاع غزة منذ العام 2007 الحصول على أصوات الناخبين في القطاع الذين انتخبوها سابقاً من خارج دائرتها الحزبية، في ظل عدم قدرتها على تحسين ظروفهم المعيشية والاقتصادية على الرغم من محاولاتها الكثيرة.
وحتى حاضنتها الشعبية القوية في غزة، بدأ يتسرب إليها الكثير من اليأس في ظل عدم قدرة الحركة على تحريك الأوضاع وتوفير مزيد من المال المستحق عليها لموظفي حكومتها وعناصرها، ويبدو ذلك جلياً في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد زادت أخيراً التعليقات على هذا الأمر من قبل الموظفين المحسوبين على الحركة.

ويعيش القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني فلسطيني، في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة، جعلت من معدلات البطالة الأكثر ارتفاعاً قياساً مع الضفة الغربية، وأدت الظروف الاقتصادية الصعبة واستمرار الحصار الإسرائيلي وغياب الأفق لحل الإشكاليات القائمة إلى ضعف عام في شعبية الحركة.

وقد يُحدِث التصويت الانتخابي لـ"حماس" في الضفة الغربية والتي تسيطر عليها حركة "فتح" مفاجأة، وتشير كثير من التقديرات إلى أنّ حالة الحنق والغضب ضد السلطة وممارساتها وضعفها والانقسام الداخلي في "فتح" تشكل عوامل كثيرة ستساعد "حماس" في الضفة والقدس المحتلتين.
غير أنّ هذه التوقعات قد تصطدم برؤية ما جرى في غزة من حصار وتضييق وحروب وانعكاساتها على الواقع المعيشي الذي سيستخدمه منافسو "حماس" ضدها، وقد بدأ هذا الاستخدام مبكراً وقبل الدعاية الانتخابية، إضافة إلى العامل الإسرائيلي الذي لن يسمح للحركة بمزيد من التمدد في مؤسسات السلطة الفلسطينية الرسمية في الضفة، وهو الذي يلاحق تمددها الشعبي والجماهيري عبر الاعتقالات والاستدعاءات والتهديدات والملاحقات.

تجد الحركة صعوبة بالغة في اختيار مرشحين لها من الضفة الغربية، في ظل التضييق الإسرائيلي

وتجد الحركة الإسلامية صعوبة بالغة في اختيار مرشحين لها من الضفة الغربية، في ظل التدخل الإسرائيلي العلني في المسار الانتخابي من خلال الاعتقالات والاستدعاءات والتهديدات التي تطاول ناشطين وقياديين بارزين في "حماس" يجري تحذيرهم من الانضمام إلى قائمة الحركة الانتخابية، وهي تدرس حالياً سبل الخروج من هذا المأزق، قبيل أيام من بدء تقديم القوائم الرسمية الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية.
ويُعتقد أنّ "حماس" ستواصل رفضها الدخول بمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وستبقى على موقفها الحالي من دعم مرشح آخر، تفضل أن يكون توافقياً، لتسهيل مهمة حكومة "الوحدة الوطنية" المتوقع أن تتشكل بعد الانتخابات التشريعية، والمناط بها حل الاشكاليات التي لم يجرِ التطرق إليها قبل الاتفاق على الذهاب للانتخابات.

وتبرز قضايا موظفي حكومة غزة غير المعترف بهم من قبل السلطة الفلسطينية، وحقوقهم المالية الكبيرة جداً غير المدفوعة لهم من قبل الحكومة التي تديرها "حماس"، والموظفين المفصولين والحريات العامة، كملفات تنتظر تشكيل الحكومة التي جرى الاتفاق على أنّ تكون حكومة جامعة وتستهل عملها بخطة وطنية لحل ما أفرزه الانقسام في أعوامه الخمسة عشر.
وسيكون الاستحقاق الانتخابي المقبل، إذا جرى، صعباً على حركة "حماس"، التي كان فوزها اللافت في الانتخابات التشريعية في العام 2006 نتيجة لحالة السخط العامة على سياسات السلطة وحركة "فتح" ومعاقبة من الشعب الفلسطيني لها على فشل مسار التسوية والخيارات التي وقع الفلسطينيون ضحيتها رسمياً وشعبياً والأوضاع الاقتصادية والفساد الذي استشرى في مؤسساتها، وإن كان البعض يرى أن "حماس" كررت جزءاً من هذه السياسات والممارسات وإنّ كان على نحو أقل حدة وانتشاراً منذ تسلمها الحكم منفردة في غزة.

وإلى جانب ذلك، فإنّ القمع الذي مارسته أجهزة الأمن الحكومية المحسوبة على "حماس" في بعض الأوقات ضد معارضيها في غزة، وضد المطالبين بحقوقهم، كما جرى مع حراكي "بدنا نعيش" و"بدنا كهرباء" الشعبيين، قد ينقلب عليها. غير أن "حماس" تراهن على توظيف ورقة المقاومة وتعاظم قوتها في ظل حكمها في القطاع، وإنجازاتها في ملف الأسرى تحديداً للحصول على مزيد من أصوات الناخبين من خارج دائرتها الحزبية.

المساهمون