ارتياح أممي لمفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل رغم صراع الخطوط

19 نوفمبر 2020
من لقاء الرئيس اللبناني وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب (تويتر)
+ الخط -

أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال استيفانو دل كول بأن ترسيم الحدود البحرية يتم على أساس الخط الذي ينطلق برّاً من نقطة رأس الناقورة استناداً إلى المبدأ العام المعروف بالخط الوسطي من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية الفلسطينية المحتلة.

وأعرب عون عن أمله في أن تثمر المفاوضات الجارية فيسترجع لبنان جميع حقوقه بالاستناد إلى القوانين الدولية، مؤكداً في المقابل، على ضرورة تصحيح "الخط الأزرق" ليصبح مطابقاً للحدود البرية المعترف بها دولياً.

واحتدم النقاش في الجلستين الأخيرتين بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي، حيث بدأت معركة الخطوط التي عمّقت الخلافات، ووضعت مصير المفاوضات في دائرة المجهول، وسط حديث يُثار عن أن لبنان يحاول الاستفادة من عامل خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وانتقال الإدارة الأميركية إلى جو بايدن الأقلّ تشدداً من سلفه، علماً أنّ مصدراً متابعاً للمفاوضات نفى، في حديث لـ"العربي الجديد"، هذه المعلومات، واكتفى بالتأكيد أنّ الوسيط الأميركي سواء مع ترامب أو بايدن هو حتماً منحاز إلى العدو الإسرائيلي، والولايات المتحدة تضع مصلحة إسرائيل فوق كلّ اعتبار.

ويقول الباحث في قضايا المياه والحدود الدكتور عصام خليفة، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك موقفين يتصارعان، الأول لبناني ويرتكز على الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي للبحار، وينطلق الخطّ من رأس الناقورة، في حين أن وفد العدو الإسرائيلي يحاول "التشاطر" و"التذاكي"، من خلال تغيير نقطة الانطلاق البحرية من رأس الناقورة شمالاً، على بعد ثلاثين متراً بهدف كسب مساحات في البحر.

ويضيف خليفة: "لبنان قدّم خطوته البحرية، وطالب بحقوقه جنوب المنطقة، بينما العدو الإسرائيلي كان يتوقع أن يرتكز النقاش على 860 كم2 وما يسمّيه خطّ هوف. مع لحظ صخرة تخليت، التي تعتبرها إسرائيل جزيرة بينما هي صخرة ليست مسكونة وغير قابلة للسكن ولا تنطبق عليها المادة 121 من اتفاقية البحار الصادرة عام 1982".

ورسم خط "هوف" السفير الأميركي السابق فريدريك هوف، الذي كان يؤدي دور الوسيط الأميركي بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي عام 2012، وكان يقضي باقتسام مساحة 860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها.

وبموجب ذلك، يتراجع الطرف الإسرائيلي بما يقارب الستين في المائة، فتحوز تل أبيب على 360 كيلومتراً مربعاً من أصل 860، بينما يحصل لبنان على ما يفوق 500 كيلومتر مربع، وكان ذلك قد رُفض من الجانب اللبناني لمطالبته بكامل المساحة التي تعدّ ضمن حدوده وحقوقه المغتصبة.

وبشأن مطالبة الرئيس عون بتصحيح الخط الأزرق، يرى خليفة أنّ "إسرائيل تنطلق من الخط الأزرق الذي لا نعتبره بمثابة خط حدود دولية، وهناك مشكلة حقيقية في ذلك، فما مصير مزارع شبعا التي تؤكد كلّ الوثائق التاريخية لبنانيتها، تماماً كتلال كفرشوبا، وقرية الغجر، والنخيلة؟!".

وكان العميد الركن المتقاعد أنطون مراد قد قال لـ"العربي الجديد"، إن "العدو الإسرائيلي قام باختلاق خطّيْن جديدَيْن، أحدهما بزاوية 310 درجات، ما يمنحه مساحة إضافية شمالاً، ويكبّر الهامش بين الخطّين اللبناني والإسرائيلي، بحيث تصبح مساحة التفاوض حوالى 5000 كيلومتر مربع، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المفاوضات أكثر صعوبة"، معتبراً أننا اليوم أمام "حرب خطوط، منها خط النقطة 23، خط النقطة 1، خط فريديرك هوف، والخط الإسرائيلي الجديد".

وبدأت المفاوضات التقنية وغير المباشرة، كما يصرّ الوفد اللبناني على حصرها بهذا التعريف، في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستكملت في جلستين متتاليتين في 28 و29 أكتوبر، اعتبرتهما مصادر قيادة الجيش اللبناني جولتين منفصلتين، في حين عقدت الجولة الرابعة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، على أن تعقد جولة خامسة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل، برعاية واستضافة الأمم المتحدة داخل مقرّها في الناقورة، جنوبي لبنان، وبوساطة أميركية عبر السفير جون ديروشر، علماً أن هناك حديثاً عن إمكانية تأجيلها نظراً لعدم إحراز أي تقدّم في المفاوضات التي تسيطر عليها الخلافات رغم الأجواء الإيجابية التي يحاول البيان المشترك الصادر عن الأمم المتحدة والحكومة الأميركية إضفاءها بعد كل جولة.

وفيما قدر الرئيس عون جهود "اليونيفيل" في استضافة اجتماعات الآلية الثلاثية التي تجري في رأس الناقورة، عرض لملاحظات لبنان على التقرير الذي قدمه قبل يومين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، مشدداً على أهمية تعزيز التنسيق بين الجيش اللبناني و"اليونيفيل" بما يؤمن حسن تنفيذ المهام المطلوبة من القوتين اللبنانية والدولية.

من جهته، قدّم الجنرال دل كول عرضاً للوضع الراهن في منطقة عمليات "اليونيفيل" إضافة إلى ما قامت به القوات الدولية في بيروت للمساعدة على تنظيف مرفأ بيروت، مشدداً على التعاون القائم بين "اليونيفيل" والجيش اللبناني، مسجلاً ارتياحاً للمفاوضات الجارية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وعلى وقع المفاوضات، تستمرّ الخروقات الإسرائيلية اليومية للمياه الإقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة والأجواء اللبنانية في غالبية المناطق، وتتابع قيادة الجيش موضوع الخروقات بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

دلالات