ارتفاع خطر سقوط جزء من صوامع القمح في مرفأ بيروت وإيعاز بعدم الاقتراب منها

22 يوليو 2022
يصرّ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت على تدعيم مبنى الأهراءات لا هدمه (حسين بيضون)
+ الخط -

تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وضع الأهراءات (صوامع القمح) في مرفأ بيروت في ضوء التصدّعات المستمرّة والحرائق المُتكرِّرة التي تحصل فيها، وآخرها، أمس الخميس، حيث سُجّل الحريق الأشدّ، قبيل أيام من الذكرى الثانية لانفجار المرفأ في 4 أغسطس/آب 2020، ما أحيا جراحاً لم تندمِل بعد، بل تتَّسع رقعتها في ظلّ الإهمال المُستمرّ من جانب المسؤولين وعرقلتهم التحقيقات وتقاعسهم عن إحقاق العدالة.

وقال بيان صادر عن مكتب ميقاتي، اليوم الجمعة، إن "تقارير متقاطعة أعدتها وزارات الداخلية والاقتصاد والأشغال العامة والبيئة، من خلال أجهزة الرصد، أفادت بارتفاع خطر سقوط أجزاء من الجهة الشمالية للأهراءات".

تبعاً لذلك، أوعز رئيس حكومة تصريف الأعمال للأجهزة المعنية بـ"المراقبة الدائمة للأهراءات، وعدم اقتراب أي من العاملين أو عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفاء من المكان، حفاظاً على سلامتهم ولعدم تعريض حياتهم لأي خطر".

وبحسب البيان، فقد أفاد الوزراء المعنيّون بأن "الحبوب الموجودة عند الجهة الشرقية من الأهراءات، والتي لم تُعالَج لخطورة الوصول اليها، تُقدَّر بـ3000 طن، منها 800 طن بدأت بالاحتراق الذاتي أخيراً نتيجة العوامل المناخية، حيث تصل حرارة الحبوب إلى أكثر من 95 درجة مئوية نتيجة التخمّر، علماً أن الانبعاثات الناتجة عن هذا التخمُّر لا تشكل أي خطر على الصحة العامة".

ويُقدِّر الخبراء أن النيران ستُخمَد فور انتهاء الكمية، ويحذِّرون من استعمال المياه لإخمادها، ما يُفاقم الوضع ويزيد من عمليات التخمّر والاحتراق.

كما أفاد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في تقريره بأن الحريق الذي اندلع أمس نتج عن امتداد النيران إلى الكابلات الكهربائية الموجودة على أطراف الأهراءات، وقد سارع عناصر الدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت لإخمادها فوراً، معرّضين حياتهم للخطر.

ماذا يقول مدير عام الأهراءات؟

ويقول مدير عام الأهراءات أسعد حداد لـ"العربي الجديد"، إن "وتيرة ميلان الجانب الشمالي من الأهراءات تتسارع، وخطر سقوط أجزاء منها بدأ يرتفع، من هنا طُلِب إخلاء محيط المكان في حال الانهيار، وقد شُكّلت لجنة بهذا الخصوص لتصدر توصياتها، وتعلم المواطنين بما يحصل وكل إجراء سيُتخذ حفاظاً على سلامتهم وحتى يكونوا محميّين".

ويلفت حداد إلى أن "الجهة الشمالية قد تسقط بأي لحظة، وهذا ما نتحدث به منذ زمنٍ، وعاد اليوم بوتيرة أكبر من بوابة الحرائق التي اندلعت"، مشيراً إلى أن "هناك حبوباً يجب معرفة كيفية التعامل معها، وهي التي تسبب الحرائق وربما أضرارا أخرى، ويستحيل الوصول اليها لإزالتها"، موضحاً أنه من هنا يجب القيام بكل الدراسات الممكنة قبل القيام بأي خطوة، أو عند حصول أي تطور سواء بانهيار الجزء الشمالي أو أي قسم آخر، ومن المهم أيضاً إبقاء الرأي العام وأهالي ضحايا انفجار المرفأ على اطلاع بما يحدث، والأسباب التي يتم الركون إليها عند القيام بأي تدبير.

أهالي الضحايا: لن نسمح بهدم الأهراءات

من جهته، يقول وليم نون، شقيق جو، الضحية بانفجار مرفأ بيروت، لـ"العربي الجديد": "إننا نرفض هدم الأهراءات، ونحن مع تدعيمها، ولكن واضح أن المسؤولين مصرّون على هدمها وإعادة إعمار المرفأ، من ضمنهم وزير الأشغال (محسوب على حزب الله)، ونحن لن نسمح بذلك، وساعة يتخذ قرار الهدم سننزل ضدهم، وستكون المواجهة في المرفأ".

ولا يستبعد نون أن يكون هناك من يتقصّد إشعال النيران بغض النظر عن العوامل الطبيعية المرتبطة بالتخمّر، "فهم مستعدّون للقيام بأي شيء من أجل هدم الأهراءات".

ويشير نون إلى أنه بالأمس نزل إلى المرفأ ساعة كان الحريق مندلعاً، "وواضح أن هناك من تقصّد إشعال النيران"، مشيراً إلى أنه تم تركيب مدفعين ثابتين موصولين على الشاطئ لإطفاء الحريق عند اندلاعه، وهذا حلٌّ مؤقت، ونحن نتمسك بموقفنا بالتدعيم لا الهدم.

وتستمرّ الحرائق بالاندلاع بشكل متقطع في أهراءات مرفأ بيروت منذ أكثر من أسبوعَين، من دون أن يُسمَح لأحدٍ بالاقتراب من المكان، بمن فيهم عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفاء، وذلك تنفيذاً لكتابٍ رسميٍّ بمنع الاقتراب من محيط الصوامع بذريعةِ أنها آيلة للسقوط، وذلك حفاظاً على السلامة العامة، وأن استعمال المياه يفاقم الوضع أكثر، علماً أن هذه التبريرات قابلتها الكثير من الشكوك والمخاوف، خصوصاً من جانب أهالي ضحايا الانفجار بأن تكون الحرائق مقدّمة لهدم الأهراءات، وهي عملية يعبّر الأهالي عن رفضهم لها، قبل جلاء الحقيقة وإحقاق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ، خصوصاً أنهم يعتبرونها مسرحاً للجريمة.

وفي 14 إبريل/نيسان الماضي، كلّف مجلس الوزراء اللبناني مجلس الإنماء والإعمار بالإشراف على عملية هدم أهراءات مرفأ بيروت (صوامع القمح)، ووزارتي الثقافة والداخلية بإقامة نصب تذكاري تخليداً لذكرى ضحايا الانفجار.

وكان وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية قد أشار في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد"، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أن "الحريق يعود إلى عوامل طبيعية، وطريقة تكديس 8 أمتار من القمح والذرة بصوامع على الجهة الشمالية من المرفأ، الأمر الذي يؤدي إلى اشتعالها، بالإضافة إلى أن المياه لا تطفئ الحريق".

وقال "عند تشكيل الحكومة وتسلمي الوزارة، ورد إلي من المجلس الأعلى للدفاع كتاب رسمي بمنع الاقتراب من محيط الأهراءات حفاظاً على السلامة العامة، وأرسلت إلى إدارة المرفأ، وفق الأصول، أن هناك 150 متراً تُعتبر حزام أمان ممنوع الاقتراب منه نهائياً. أما الحل بحسب الخبراء، فترك القمح ليحترق أو كسر الصومع لسحب القمح، لكن بهذه الحالة نعود للعملية نفسها بأن لا أحد يمكنه الوصول إلى المبنى وأنا لن أعطي موافقة لأي أحد ضمن صلاحياتي بأن يقترب".

وحول هدم الأهراءات، قال حمية إن "الحكومة اتخذت قراراً بالهدم قبل أشهر، ولكن لم يتخذ القرار بعد بالتنفيذ، وكلجنة وزارية، وصل إلينا كتاب من المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت في 8/12/2021، بأنه لا داعي للإبقاء على المبنى لأننا أصبحنا بمرحلة متقدمة من التحقيقات، وتالياً لم يعد المكان هناك مسرحاً للتحقيق، إضافة إلى التقرير الفني من خبراء محليين ودوليين بأن الأهراءات آيلة للسقوط، وقد اتخذت توصيات ضمن اللجنة الوزارية رفعت لمجلس الوزراء بهدمها، وبالتالي إما نأخذ بالقرارات القضائية أو لا نأخذ بها، ونحن قرارنا مستند إلى ركيزتين، القانون والسلامة العامة".

إشارة إلى أن التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت لا تزال متوقفة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي بفعل طلبات الردّ المقدمة من المدعى عليهم، خصوصاً من الوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر (ينتميان إلى حركة أمل بزعامة نبيه بري)، وكذلك نتيجة عرقلة ملف التعيينات القضائية في محاكم التمييز التي تنتظر توقيع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، المحسوب أيضاً على "حركة أمل".

المساهمون