احتفالات في بريطانيا بذكرى استقلال أوكرانيا.. وجونسون يزور كييف ويعلن حزمة مساعدات جديدة
شهدت شوارع المملكة المتحدة، اليوم الأربعاء، بعض المظاهر الاحتفالية بمناسبة الذكرى الـ31 لإعلان استقلال أوكرانيا. الأعلام الصفراء والزرقاء ترفرف على الكثير من المباني الحكومية والمدارس والجامعات، وتزنّر أزهار عبّاد الشمس مقرّ إقامة رئيس الوزراء في "داونينغ ستريت".
تتزامن ذكرى الاستقلال مع مرور ستة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وتهجير تسعة ملايين نسمة ونزوح ثمانية ملايين آخرين. بريطانيا وحدها استقبلت خلال الأشهر الستة الماضية أكثر من 115 ألف لاجئ، بمعدّل أربعة آلاف لاجئ أسبوعياً، بحسب وزير اللاجئين ريتشارد هارينغتون الذي طالب وزارة المالية بمضاعفة المبلغ الشهري الذي خصّصته للعائلات البريطانية المضيفة (350 جنيهاً إسترلينياً)، إذ وجد مسح أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية، بتكليف من هارينغتون، أن أغلبية الأسر المضيفة، بموجب خطة "بيوت من أجل أوكرانيا"، أعلنت عن عجزها تجديد إقامة الأوكرانيين في بيوتها لستة أشهر إضافية بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة ومدفوعات الرهن العقاري.
حذّرت المجالس المحلية من خطر التشرّد الذي قد تواجهه آلاف الأسر الأوكرانية اعتباراً من الشهر المقبل.
في هذه الأثناء، توجّه رئيس الحكومة المستقيل بوريس جونسون إلى كييف في زيارة هي الثالثة له منذ بدء الغزو الروسي، والأولى منذ تنحّيه من منصبه، والتقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
تأتي زيارة جونسون، بحسب بيان صحافي لـ"داونينغ ستريت"، لتأكيد "دعم المملكة المتحدة الثابت وطويل الأمد لأوكرانيا"، التي تحتفل بمرور 31 عاماً على الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي.
ويذهب البيان إلى أن جونسون أعلن خلال زيارته عن حزمة دعم أساسية جديدة تبلغ 54 مليون جنيه إسترليني، في وقت تستعد فيه المملكة المتحدة أيضاً لمنح أوكرانيا مركبات البحث عن الألغام للمساعدة في اكتشاف الألغام الروسية في المياه قبالة سواحلها. إلا أن البيان لم يذكر أي حزمة جديدة لمساعدة الأوكرانيين اللاجئين على أراضيه، والمعرّضين بحسب المجالس المحلية لخطر التشرّد بعد أن ضاق الحال بمعظم الأسر البريطانية المضيفة.
جاء إعلان جونسون عن حزمة المساعدات الجديدة في الوقت الذي تعجز فيه الكثير من الأسر البريطانية عن سدّ حاجتها اليومية من الغذاء والمواد الأساسية، ويمرّ فيه القطاع الصحي بأسوأ أزمة له على الإطلاق، بعد أن بلغ التضخّم مستويات غير مسبوقة.
كذلك تأتي الزيارة بالتزامن مع تقرير نشرته "ذا تلغراف" حول مساعٍ دبلوماسية بريطانية تجرى في العديد من العواصم الأوروبية لتحذير الجانب الأوروبي من مغبّة التراجع عن المساعدات العسكرية والاستجابة الإنسانية. وكان شهر يوليو/ تموز الذي تسبّب في جفاف مساحات شاسعة من أوروبا، بما فيها المملكة المتحدة، هو الشهر الأول منذ بدء الغزو الذي تشهد فيه كييف قحطاً في المساعدات أيضاً، فلم تقدم ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا تعهدات جديدة بشأن الدعم العسكري.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على المحادثات مع العواصم الأوروبية قوله إن المبعوثين البريطانيين تلقّوا توجيهات بالقول بأن "تكلفة السماح لبوتين بالفوز في أوكرانيا أكبر من تكلفة الفواتير المتصاعدة".
وعلى الرغم من المساعدات غير المسبوقة التي قدّمها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لأوكرانيا، فإن المخاوف تتصاعد من أن يفقد الاتحاد الأوروبي تحديداً الإرادة والقدرة على الاستمرار في الدعم. وقال مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لـ"فرانس برس"، إن "بوتين يتفرّج على ضجر الأوروبيين وعجز مواطنيهم عن تحمل عواقب دعم أوكرانيا".
وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتضخم هو "تكلفة الحرية"، إلا أن هذه التكلفة لا تبدو عادلة بالنسبة للرأي العام الأوروبي أو البريطاني حتى. فلم تكد شرائح واسعة من المجتمعات تتعافى من تداعيات جائحة كوفيد-19، حتى بدأ الغزو الروسي، مما جعل الضائقة الاقتصادية تتحول إلى وضع طبيعي جديد سيصعب على الناخبين التأقلم معه.
ومثلما قدّم جونسون اليوم حزمة مساعدات جديدة، تعهد المستشار الألماني أولاف شولتز بتقديم أسلحة إضافية بقيمة 500 مليون يورو لأوكرانيا، من المقرر تسليمها في عام 2023. وبالتوازي مع شحنة الأسلحة الجديدة، أعلنت الحكومة الألمانية أنها ستعتمد هذا الشتاء في تدفئة الأماكن العامة على 19 درجة مئوية فقط، في حين كانت تبلغ درجة الدفء في السنوات السابقة 22 درجة مئوية.
من شأن أزمة الشتاء المقبل إذاً أن تقلب رأي الشارع ضدّ المزيد من المساعدات لأوكرانيا، وربما ضدّ اللاجئين أنفسهم.