استمع إلى الملخص
- **نجاح الأسلوب في تحرير المعتقلين:** أثبتت عمليات الاحتجاز نجاحها في تحرير المعتقلين، حيث أُجبر النظام على إطلاق سراح العديد منهم تحت الضغط.
- **تأكيد على انهيار النظام:** يعكس الأسلوب المتبع من الفصائل المسلحة انهيار هيبة النظام وضعف أجهزته الأمنية والعسكرية، مما يعكس تراجع قدرته على السيطرة.
لجأت مجموعات محلية مسلحة في محافظتي درعا والسويداء السوريتين، إلى تكرار عمليات احتجاز ضباط وعناصر من قوات النظام السوري ومهاجمة حواجز لهم ومحاصرة مقرات أمنية، من أجل الدفع لتحرير المعتقلين لدى النظام السوري في تأكيد على تراجع قبضته الأمنية في مناطق واسعة، جنوبي سورية. وفي أحدث عملية احتجاز، ذكرت شبكات إعلامية محلية أمس الخميس، أن مجموعة محلية احتجزت ضابطاً وثلاثة من صف الضباط وشرطياً في مدينة السويداء، وذلك رداً على اعتقال سلمان الشاعر، أول من أمس الأربعاء، أثناء محاولته الدخول إلى لبنان للبحث عن عمل، واستمرار اعتقال بهاء الشاعر منذ مطلع شهر مايو/أيار الماضي. وطالبت المجموعة بإطلاق سراح الشابين من سجون الأجهزة الأمنية التي سبق لها الرضوخ لمطالب الأهالي في السويداء، التي لجأ أهلها لهذا الأسلوب مرات عدة في العام الحالي.
تحرير المعتقلين لدى النظام السوري
وسبق أن احتجزت فصائل محلية الشهر الماضي ثلاثة ضباط وعنصراً من قوات النظام، عقب اختفاء الشيخ رائد المتني قرب بيته في مدينة السويداء. وأُطلق سراح المتني قبل مرور 24 ساعة على اختطافه من قبل أحد الأجهزة الأمنية في المحافظة التي بدأت حراكاً مناهضاً للنظام منذ نحو عام. كما أجبرت فصائل محلية في السويداء النظام في إبريل/ نيسان الماضي على إطلاق سراح طالب جامعي من المحافظة يدرس في جامعة تشرين في اللاذقية، بعد احتجاز ضباط من قوات النظام بينهم ضابط برتبة عقيد وهو رئيس فرع الهجرة والجوازات في السويداء. وغرب السويداء، لم تجد مجموعات محلية مسلحة في محافظة درعا أمامها من وسيلة للضغط لإطلاق سراح المعتقلين لدى النظام السوري إلا بالتصعيد العسكري، ومهاجمة حواجز عسكرية والتهديد باحتجاز عناصر وضباط رهائن.
واضطر النظام أمس الأول الأربعاء، إلى إطلاق سراح امرأة من ريف درعا هي هديل الداغر، اعتقلها في مبنى الهجرة والجوازات في العاصمة دمشق، بعد محاصرة مسلحين محليين في بلدة أنخل المركز الثقافي بالبلدة، مقر قوات فرع جهاز "أمن الدولة"، مهددين باقتحامه في حال لم يفرج عن المرأة. كما هاجم مسلحون حاجزا عسكريا في بلدة جاسم للضغط على النظام لإطلاق سراح المرأة التي اعتقلها النظام لأسباب مجهولة. كما شهدت بلدة كناكر في ريف دمشق الجنوبي الغربي، مطلع الشهر الحالي، توتراً كبيراً بعد احتجاز مسلحين محليين عدداً من عناصر النظام كانوا على حاجز أمني، على خلفية اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري أحد أبناء البلدة في العاصمة دمشق. وقصفت قوات النظام البلدة بالمدفعية ما أدى إلى مقتل عدة أشخاص واصابة آخرين، للضغط على الأهالي لإطلاق سراح العناصر المحتجزين. وإثر وساطة من وجهاء المنطقة جرت تسوية مع قوات النظام قضت بإنهاء التصعيد في البلدة وانسحاب حشود القوات من محيطها، وإطلاق سراح يوسف الزامل، مقابل إخلاء المجموعات المحلية سبيل خمسة عناصر أمنيين احتجزتهم.
رشيد حوراني: الأسلوب الذي اتبعته الفصائل المسلحة يؤكد انهيار هذا النظام
وكانت البلدة نفسها قد شهدت الشهر الماضي توتراً واسعاً عقب اعتقال الأجهزة الأمنية امرأتين وطفلين من أبناء البلدة من داخل مركز طبي في حي برزة في العاصمة دمشق. ومنح أهالي المنطقة الأجهزة الأمنية مهلة للإفراج عن المعتقلين وهددوا بالهجوم على حواجز عسكرية والتصعيد في حال لم يفرج عنهم. وفي المعطيات، أن أسلوب احتجاز عناصر وضباط تابعين للنظام من قبل مجموعات محلية نجح في الكثير من الحالات في إطلاق سراح المعتقلين لدى النظام السوري خصوصاً في محافظتي درعا والسويداء، حيث لا سيطرة كاملة لقوات النظام عليهما، مع انتشار مجموعات مسلحة مناهضة لها.
ورعت روسيا في منتصف عام 2018 اتفاقات تسوية بين فصائل المعارضة والنظام السوري لإنهاء حالة الحرب في محافظتي درعا والقنيطرة، إلا أن الأوضاع الأمنية لم تستقر، خصوصاً في درعا التي لا تزال تشهد عمليات اغتيال واسعة النطاق، إضافة إلى التوتر الذي يسود المحافظة بسبب استغلال النظام هذه الاتفاقيات للفتك بالمدنيين. وباشرت السويداء حراكاً مناهضاً للنظام منذ أغسطس/آب 2023، أدى إلى تقليص سلطته إلى الحدود الدنيا، ولم يعد قادراً على التعامل أمنياً مع سكان المحافظة ذات الخصوصية المذهبية التي تمنعه من التعامل بعنف وتوحش مع الحراك الشعبي ضده كما فعل في مناطق سورية أخرى خلال سنوات الثورة التي بدأت في عام 2011.
أيمن أبو محمود: مهاجمة حواجز النظام ومحاصرتها وسيلة ناجعة ورادعة
وسيلة ناجعة
ورأى أيمن أبو محمود، المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" (مؤسسة إعلامية مستقلة، تعمل على تغطية إخبارية للأوضاع في مناطق جنوب سورية) أن "مهاجمة الحواجز التابعة للنظام ومحاصرة مقرات الأجهزة الأمنية وسيلة ناجعة ورادعة". وتابع في حديث مع "العربي الجديد": "بالفعل دفعت هذه الإجراءات إلى الإفراج عن المعتقلين لدى النظام السوري من سجونه". وتوقع أبو محمود أن تلجأ بلدات محافظة درعا إلى هذا الأسلوب الرادع "في كل مرة تقدم فيها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام على اعتقال مواطنين من أبناء المحافظة سواء داخلها أو خارجها"، مضيفاً: منذ عام 2018 لجأت الفصائل المحلية إلى هذا الأسلوب واحتجزت ضباطاً وعناصر من قوات النظام أكثر من مرة لدفعه إلى إطلاق سراح معتقلين لدى أجهزته الأمنية.
من جهته، رأى الباحث العسكري في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأسلوب الذي اتبعته الفصائل المسلحة المناهضة للنظام في السويداء من اختطاف ضباطه وعناصر جيشه، عند كل محاولة من هذا النظام لزرع الفتنة أو اعتقال أشخاص من قبل الأجهزة الأمنية، يؤكد انهيار هذا النظام وزوال هيبته كسلطة قائمة". وتابع: "لهذا الانهيار مظاهر متعددة منها ضعف الأجهزة الأمنية والعسكرية، وسعيها للنيل من أفراد المجتمع بالتربص والخلسة". كما رأى أن هذا الأسلوب "حقق نتائج مهمة في محافظة السويداء لهذا انتقل إلى الأهالي في مدينة درعا، التي يعاني فيها النظام من ضعف وعدم قدرة على الاستمرار".