احتجاجات في ذي قار جنوبي العراق: مطالب خدمية ومخاوف من استثمارها سياسياً

17 يونيو 2022
ذي قار كانت إحدى المدن التي شهدت تظاهرات عفوية خلال احتجاجات 2019 العراقية (Getty)
+ الخط -

لليوم الثالث على التوالي، تشهد مدينة الناصرية، العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار جنوبي العراق، تبعد 350 كيلومتراً عن بغداد، تظاهرات واحتجاجات يشارك فيها المئات من المواطنين، غالبيتهم من الشباب ومن شرائح مختلفة تطالب بفرص عمل ووظائف.

التظاهرات تخللتها صور عديدة للتعبير عن الاحتجاج، من بينها قطع عدد من الطرق والجسور الرئيسة بالإطارات المشتعلة وإغلاق دوائر حكومية، وسط انتشار أمني واسع، حرص على عدم الاحتكاك مع المتظاهرين لمنع تأزّم المشهد في المدينة، في ظل تفاقم مشكلات الكهرباء وشح المياه وارتفاع البطالة.

المحافظة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة؛ تعتبر إحدى أهم القواعد الانتخابية التي تتنافس عليها القوى السياسية العربية الشيعية، لكن في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اكتسح التيار الصدري مقاعد المحافظة على حساب خصومه الآخرين، وأبرزهم حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح"، الذي يضم عدة كتل أبرزها "بدر"، بزعامة هادي العامري، وكتلة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي.

وفيما يرفع المحتجون مطالب خدمية، وأبرزها توفير فرص العمل لأبناء المحافظة وتقديم معونات للأسر الفقيرة وتوفير الكهرباء ومعالجة شح المياه؛ يذهب مراقبون إلى إمكانية أن يكون هنالك استثمار سياسي لهذه الاحتجاجات في حال استمرت مدة أطول.

الخبير بالشأن السياسي العراقي فاضل الفتلاوي يقول، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يخفى على أحد وجود مطالب واحتياجات محقة لشريحة الشباب، وما تشهده محافظة ذي قار منذ أيام من تظاهرات واحتجاجات مطلبية لتوفير فرص عمل، وبعضها اعتراضاً على عدم شمول شرائح من المتعاقدين بقانون الأمن الغذائي الذي أقره البرلمان مطلع الشهر الحالي، مثل مطالب خدمية وواجبات على الحكومة؛ لكن لا يمكن أن نبعد فكرة وجود مخاوف من أن هناك من سيحاول استثمار هذه الاحتجاجات لصالحه سياسياً، في ظروف أزمة خانقة كهذه التي يمر بها العراق اليوم".

ويؤكد الفتلاوي أن "هنالك من يريد الضغط على التيار الصدري من خلال محافظ ذي قار محمد هادي، المحسوب على التيار الصدري، لتحميله مسؤولية ما يحصل في المحافظة ذات الثقل الكبير في الجنوب العراقي، وقد يدخل على خط هذه الاحتجاجات لتغذيتها".

ويتابع: "هنالك من يريد أن يضغط محلياً داخل المحافظة أيضاً، قبل وصول أموال صندوق إعمار الناصرية المخصصة لها هذا العام، وهنالك من يريد أن يحصل على مكاسب سياسية داخلية أيضاً".

وأوضح أن "التظاهرات بدأت بإغلاق المحتجين مقار ومكاتب شركات نفطية ومحطات لتوليد الكهرباء، وصولاً إلى إغلاق الدوائر، لكن حين تابعنا التطورات، لم نجد فيها أياً من الذين كانوا يقودون الاحتجاجات في الشارع خلال التظاهرات العفوية التي انطلقت في الربع الأخير من عام 2019".

محمد الشمري، وهو عضو بارز في حزب "البيت الوطني"، إحدى القوى المدنية الجديدة التي نتجت عن حراك الاحتجاجات الشعبية في العراق، يقول، لـ"العربي الجديد"، إنهم يدعمون هذه الاحتجاجات المطالبة بالحقوق، إلا أنه يؤكد أنهم ليسوا "منظمين لهذه التظاهرات في الناصرية".

وأكد أن "الحكومة ومجلس النواب معنيان بحل هذه المشكلات وتنفيذ المطالب، ونقول لشبابنا أيضاً هنالك من يعمل على استغلال احتجاجاتكم، احذروهم ونحن لكم داعمون".

عضو البرلمان العراقي النائب حيدر الشمخي تحدث لـ"العربي الجديد" عما تشهده ذي قار منذ أيام قائلاً إنها "تظاهرات واضحة المطالب، ومن أهمها الوظائف وفرص العمل والخدمات".

وحذر من أنه "قبل أن ينفجر الشارع ويصبح الحل مستحيلاً، على مجلس النواب والحكومة الحالية معالجة الأمر من خلال إصدار تشريعات وقرارات سريعة، تضمن الحقوق لهؤلاء، كما حصل في قانون الأمن الغذائي لشريحة المحاضرين الذين تمت معالجة مشكلتهم، هنالك احتقان في الشارع وفشل سياسي، واستمرار ذلك سيقود البلاد إلى نقطة مخيفة".

المساهمون