كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة في بغداد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، عن اجتماع مرتقب مساء اليوم لتحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى الحليفة لإيران، لبحث إصرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على حل البرلمان والذهاب لإجراء انتخابات مبكرة.
ووسط توقعات بصدور بيان ختامي عقب الاجتماع، أكد أعضاء بارزون في التيار الصدري أن التصعيد الاحتجاجي المرتقب للتيار قد يشمل الاحتجاج أمام القصر الجمهوري، حيث مقر الرئيس العراقي برهم صالح، ولن يقتصر على مبنى ومحيط البرلمان فقط.
وجاء التصعيد الصدري، بعد أيام من إعلان زعيم ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي، رفضه حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، إلا بعد عودة البرلمان إلى الانعقاد بشكل طبيعي، ويمثل موقف المالكي تصعيداً جديداً إزاء مواقف الصدر.
وكشف قيادي بارز في التيار الصدري لـ"العربي الجديد"، عما وصفه بـ"توجيهات" قال إنها "ستصدر قريباً" من قيادة التيار لتصعيد موجة الاحتجاجات الشعبية داخل المنطقة الخضراء، وهناك نية لتوسيع اعتصام الصدريين في المنطقة الخضراء وصولاً إلى القصر الجمهوري.
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التصعيد من قبل التيار الصدري، جاء بعد وصول معلومات تؤكد أن قوى الإطار التنسيقي تسعى للمماطلة والرهان على الوقت لتمييع مطلب حل البرلمان والاتفاق على موعد للانتخابات المبكرة".
وأضاف أن "اعتصام التيار الصدري لن يتراجع، بل سيكون هناك تصعيد في الاحتجاج داخل المنطقة الخضراء، وهناك توجيهات وقرارات ستصدر قريباً بهذا الخصوص، ولا تراجع إلا من خلال حل البرلمان نفسه وتحديد موعد ثابت للانتخابات، بمدة لا تتجاوز السنة الواحدة".
في نفس السياق، قال مصدر أمني مسؤول في بغداد لـ "العربي الجديد"، إن "توجيها صدر من قيادة الفرقة الخاصة المكلفة بحماية المنطقة الخضراء بتشديد الإجراءات الأمنية داخل المنطقة ونشر قوات إضافية قرب المقرات الحكومية والبعثات الدبلوماسية، مع توافد المئات من أنصار التيار الصدري إلى المنطقة خلال الساعات الماضية".
وبيّن المصدر أن "هناك خشية من تصعيد أنصار التيار الصدري احتجاجاتهم داخل المنطقة الخضراء وشمول مناطق جديدة داخل الخضراء بالاعتصام المفتوح، ولهذا تم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة تحسباً لأي طارئ قد يحصل مع التصعيد الصدري المرتقب".
وبلغت حدّة التصعيد بين طرفي الصراع في العراق، "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، ذروتها يوم الاثنين الماضي، خلال تظاهرات شعبية من قبل الطرفين في بغداد، رافقتها إجراءات واستنفار أمني غير مسبوق، خشية وقوع صدامات بين أنصار الجانبين، قبل طلب "الإطار التنسيقي" من أنصاره الانسحاب، على الرغم من نصبهم خياماً واسعة أمام المدخل المؤدي للمنطقة الخضراء.
من جهته، قال القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي لـ"العربي الجديد"، إن "قادة الإطار سيعقدون اجتماعا مهما، اليوم الخميس، لاتخاذ قرارات مهمة بشأن المرحلة المقبلة، خصوصا فيما يتعلق بحل البرلمان والذهاب نحو الانتخابات المبكرة، وتشكيل الحكومة الجديدة".
وبين الهلالي أنه "بعد انتهاء اجتماع قادة الإطار التنسيقي سيصدر بيان يوضح موقف وتوجه الإطار للمرحلة المقبلة، خصوصاً أن موقف الإطار مازال ثابتا، برفض حل البرلمان قبل إجراء حوار يشمل كل الأطراف السياسية وتشكيل حكومة جديدة تكون هي المكلفة بمهام إجراء العملية الانتخابية".
وأضاف أن "أي تصعيد جديد من قبل التيار الصدري لن يحل الأزمة السياسية، بل ربما يعمق هذه الأزمة ويزيد من حدة الخلاف والصراع السياسي في العراق، ولهذا على التيار الصدري اختيار الحوار بدل التصعيد لحل الأزمة وفق تفاهمات ترضي كل الأطراف السياسية، وفق الاتفاق لا وفق فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة والتهديد".
في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "تصعيد الاحتجاج الشعبي من قبل التيار الصدري خلال الفترة المقبلة أمر متوقع جداً وهو وارد، خصوصاً مع عدم الاستجابة لمطالبه، بل رفضها المعلن والصريح من قبل بعض قادة الإطار التنسيقي، وعلى رأسهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قبل أيام".
وبين الشريفي أن "التيار الصدري لا يملك حالياً أي ورقة لتنفيذ مطالبه بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة جديدة، إلا من خلال الضغط الشعبي من خلال أنصاره، خصوصاً أنه أصبح خارج البرلمان، ولهذا سيبقى يضغط من خلال الشارع ويصعد من احتجاجاته لإجبار الإطار وباقي الأطراف السياسية على حل البرلمان قريباً".
وأضاف المحلل السياسي أن "التيار الصدري ربما يذهب إلى خطوة (العصيان المدني) وهذا العصيان ربما يشمل محافظات مختلفة وليس العاصمة العراقية بغداد، فالتيار يدرك جيداً ان تراجعه عن مطالبه الحالية يعني تمكن الإطار التنسيقي من فرض سيطرته وهيمنته على الدولة العراقية خلال السنوات المقبلة، وهذا ما قد يُفقد الصدريين الكثير من المناصب التنفيذية".
وتدخل الأزمة السياسية العراقية التي أعقبت تنظيم الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، شهرها العاشر على التوالي، من دون أي بوادر تلوح في الأفق بحل قريب خلال الفترة الحالية، بعد تعليق مجلس النواب عمله إثر سيطرة المئات من أتباع التيار الصدري على مبنى البرلمان، الواقع داخل المنطقة الخضراء، في العاصمة بغداد، والاعتصام فيه.
وعلى الرغم من الوساطات وجهود تقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة الأساسيين، وهما التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والفائز الأول في الانتخابات، وقوى "الإطار التنسيقي"، الطرف الحليف والمدعوم من قبل طهران، فإن أي بوادر للحل لا تتوفر حتى الآن في الأفق.