اتهام بايدن بسياسة الكيل بمكيالين بِشأن العلاقة مع "الدول غير الديمقراطية"

08 يونيو 2022
بايدن يتأهب لزيارة السعودية (Getty)
+ الخط -

يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعلن نفسه بطل الدفاع عن الديمقراطيات، اتهامات بالكيل بمكيالين، وحتى بالنفاق، بسبب مواقفه الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة. 

واستبعد بايدن زعماء اليسار المتطرف في كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا من "قمة الأميركيتين" في لوس أنجليس هذا الأسبوع، في قرار وصف بأنه "دفاع من جانب الولايات المتحدة عن الديمقراطية"، فيما يتأهب لزيارة السعودية، وربما حتى لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار: "نعتقد أنه يجب عدم دعوة طغاة (...) لذلك لسنا آسفين على ذلك. سيبقى الرئيس ملتزما مبدأه".

وجاء تصميم بايدن على عدم دعوة الرؤساء الثلاثة إلى القمة، على حساب خلاف مع الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الشريك الرئيسي الذي لم يحضر اجتماع لوس أنجليس احتجاجا، لكن يصبح هناك مقدار أكبر من المرونة عندما يتعلق الأمر بالجانب الآخر من العالم، إذ يستعد بايدن لزيارة السعودية ولقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

واتهمت الاستخبارات الأميركية محمد بن سلمان في العام 2018 بتدبير قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي كان مقيما في الولايات المتحدة، وكاتبا في صحيفة "واشنطن بوست"، وهو ما تنفيه السعودية بشدة، ونفاه ولي العهد السعودي بنفسه أكثر من مرة. وقال بايدن وقتها عندما كان مرشحا رئاسيا إن عملية الاغتيال جعلت السعودية "منبوذة"، لكنّه الآن مستعد للقاء بن سلمان. 

لماذا؟ لأن ذلك سيكون مفيدا للولايات المتحدة، كما قالت جان-بيار، وأضافت "إذا قرر (بايدن) أن من مصلحة الولايات المتحدة التعاون مع زعيم أجنبي، ومن شأن هذا التعاون أن يحقق نتائج، فعندئذ سيقوم بذلك"، وأشارت إلى أن السعودية "شريك استراتيجي للولايات المتحدة منذ قرابة ثمانين عاما".

في معسكرنا

وتثير الرسائل المتناقضة جدلا، خصوصا حول حجة بايدن المتكررة والعاطفية بأن رئاسته تمثل "منعطفا" في "صراع كبير بين ديمقراطيات العالم ومجموعة متنامية من الأنظمة الاستبدادية التي لا تعرف الرحمة"، لكن في الحقيقة لا يوجد شيء جديد.

في 1939، نقل عن الرئيس فرانكلين روزفلت قولٌ لم يؤكد إن دكتاتور نيكاراغوا أناستازيو سوموزا "قد يكون ابن سافلة، لكنه من معسكرنا".

وهناك روايات أخرى تنسب العبارة إلى رؤساء أميركيين مختلفين وطغاة مختلفين. ورغم ذلك، فإن النقطة واضحة: كان البيت الأبيض دائما قادرا على كبت الآراء السلبية من أجل التعامل مع شركاء سيّئين. وكان دعم الولايات المتحدة لقادة اليمين عبر أميركا اللاتينية خلال الحرب الباردة ضد النفوذ السوفييتي معروفا.

وفي آسيا، حاربت الولايات المتحدة الأنظمة الشيوعية لفترة طويلة، لكن المرونة كانت حاضرة عندما كان ذلك مناسبا. في قمة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، الشهر الماضي، تجاهل بايدن بورما، فيما دعا قادة دول بعيدة عن الديمقراطية، مثل كمبوديا وفيتنام، ثم كان هناك دونالد ترامب، سلف بايدن.

وهاجم هذا الرئيس الجمهوري الصين، لكنه أصبح صديقا لفلاديمير بوتين. تودّد ترامب أيضا إلى مجموعة حكام غير منتخبين.

وخلال قمة في العام 2019، قال ترامب أثناء انتظاره ظهور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "أين ديكتاتوري المفضل؟".

وقال أستاذ السياسة في جامعة جونز هوبكنز روبرت غاتمان إن التناقض الثابت يعود إلى نوع من المصلحة الذاتية "الأنانية".

وفي مواجهة خطر تكبد الديمقراطيين خسائر فادحة في انتخابات نصف الولاية في نوفمبر/تشرين الثاني، يسعى بايدن إلى خفض أسعار الوقود المحلية المرتفعة، وهو ما قاده إلى السعودية.

ومع وجود مجتمعات أميركية لاتينية مستقرة في الولايات المتحدة تعارض الشيوعية بشدة، فإن بايدن ليس لديه مجال للمناورة عندما يتعلق الأمر بدول مثل كوبا. وأوضح غاتمان: "كل ما عليكم التفكير فيه هو فلوريدا في 2024، وهم يحتاجون إلى أصواتهم".

وقال غاتمان إن الولايات المتحدة تحاول تاريخيا دعم الديمقراطية، وهي معركة أبرزتها حرب أوكرانيا مع روسيا بشكل كبير، لكن مع استثناءات، وتابع "نتحدث عن المثل العليا، لكننا أكثر براغماتية عندما يتعلق الأمر بالواقع".

وختم "النتيجة هي أننا نحتاج إلى النفط وندعم الذين يملكون النفط. بالنسبة إلى الموارد الطبيعية التي نحتاج إليها، فإننا نطوع مُثلنا العليا، وفي حملة انتخابية يكون الرئيس خارجا عن كل القواعد".

(فرانس برس)

المساهمون