شهدت جلسة الكابينت الإسرائيلي التي عُقدت لبحث موضوع ما يُسمى "اليوم التالي" للحرب في قطاع غزة، ليل الخميس الجمعة، خلافات كبيرة بين المجتمعين سادتها أجواء صاخبة أدّت إلى انفجارها وفضّها بعد نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة من انعقادها.
وشهدت جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية نقاشات حادة بين رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي من جهة، والوزراء إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريش، وميري ريغيف، ودافيد أمسالم، الذين شنّوا هجوماً شديداً على هليفي، على خلفية قراره تشكيل فريق للتحقيق بجوانب متعلقة بالحرب والتعامل معها، بما في ذلك الإخفاق في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، يوم تنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، من قبل حركة حماس، وكذلك التحضير للمناورة البرية والقتال داخل قطاع غزة.
في المقابل، سارع وزير الأمن يوآف غالانت ووزراء "هماحانيه همملختي" (المعسكر الرسمي) بزعامة الوزير بني غانتس للدفاع عنه.
ووقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في نهاية المواجهة، وقال: "علينا أن نوقف الجلسة، سنواصل مرة أخرى".
وتوقفت جلسة الكابينت الإسرائيلي دون مناقشة "اليوم التالي" للحرب على غزة، كما كان مخططاً لها، عقب السجالات الحادة والاتهامات المتبادلة التي طغت عليها.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن وزراء شاركوا في جلسة الكابينت لم تسمّهم، قولهم إن "الجلسة كانت مثل السيرك"، وإن "نتنياهو استمتع بالهجوم، بل وأعطى ملاحظة لرئيس هيئة الأركان بأن عليه الإصغاء إلى انتقادات الوزراء".
تفاصيل ما جرى في جلسة الكابينت
بدأت المواجهة عندما سألت الوزيرة ريغيف عما نشر في وسائل الإعلام عن تشكيل لجنة التحقيق في الأداء في 7 أكتوبر، ليردّ عليها رئيس الأركان بأن "التحقيقات لم تبدأ"، فيما قال بن غفير رداً على ذلك إن "السؤال هو هل تم تعيين فريق للتحقيق؟"، ورد عليه رئيس الأركان أيضاً: "لم نبدأ التحقيق بعد".
وانضم الوزير سموتريش إلى النقاش وقال لرئيس الأركان: "أنت لا تنكر". وأضافت ريغيف: "أنت لا ترد على سؤالي وأريد أن يكون الأمر واضحاً. لدينا عدد ليس بالقليل من الأسئلة حول سلوك الجيش، ولكننا نستمر في القول لأنفسنا: هذا ليس الوقت المناسب فنحن في حرب، وأنتم في هذا الوقت تبدأون التحقيق؟".
وتساءل الوزير ديفيد أمسالم أيضاً بالقول "رئيس الأركان: لماذا تحتاجون إلى التحقيق الآن؟ لكي ينشغل عناصر الجيش بالدفاع عن أنفسهم بدلاً من الانشغال بتحقيق النصر؟".
ورداً على ذلك، دافعت الوزيرة يفعات شاشا بيطون من "هماحنيه همملختي" عن رئيس الأركان، قائلة للوزير أمسالم: "الرجل قال لك مرة، ثم مرة أخرى، وخمس مرات، لماذا تهاجمه؟".
كذلك دافع الوزير غالانت عن رئيس الأركان، مشيراً إلى أنه (أي هليفي) "يريد الرد على الهجوم الذي يطاوله".
ورد بن غفير "ليست كل الانتقادات هي هجوم. مسموح لنا طرح الأسئلة على رئيس الأركان. نحن الوزراء، وهذه هي مهمتنا".
وقرر رئيس الأركان في هذه المرحلة أن يوضح فيما يتعلق بادعاءات الوزراء بأن "هذا فحص مهني من طرفنا، ولا يتعلق بالسياسات، ولكن حول كيف تصرّف الجيش الإسرائيلي؟".
وأضاف: "يبدو الأمر كما لو أنني لن أعطيكم جدول أعمالي ليوم غد. إذا كنت بحاجة إلى تحقيق مهني، فلست بحاجة للحصول على إذن".
وقال الوزير غالانت، خلال جلسة الكابينت، إنه لم يعلم بشأن التحقيق، لكنه يدعم رئيس هيئة الأركان بشكل كامل، مضيفاً أن من مسؤوليته فحص ما حدث، كما قال موجهاً كلامه للوزراء "إن كانوا يجرون تحقيقاً (أي في الجيش) فهذا ليس شأنكم".
وقالت ريغيف إنها تحاول أن تكون "حذرة وعدم توجيه الانتقادات، ولكن هذا لا يعقل. إذا كان الجيش يقوم بتحقيقات، فنحن أيضاً نريد القيام بذلك في المستوى السياسي".
واعتبر سموتريتش بأن الخطأ الذي وقع على مر السنوات الماضية يكمن في أن المستوى العسكري الإسرائيلي هو من وضع السياسات على المستوى السياسي بدل أن يكون الأمر معكوساً، مضيفاً "من اليوم فصاعداً المستوى السياسي هو من يحدد السياسات".
وردت بيطون بسخرية: "فقط الجيش كان هنا في السنة الأخيرة. أنتم الحكومة لم تكونوا هنا".
تركيبة فريق التحقيق
كذلك هاجم الوزيران بن غفير وسموتريتش تركيبة فريق التحقيق الذي يضم رئيس هيئة الأركان السابق شاؤول موفاز، الذي شغل أيضاً منصب وزير الأمن في فترة فك الارتباط. واعتبر الوزيران أنه لا يمكن إجراء تحقيق من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة أشخاص كانوا جزءاً من خطة فك الارتباط.
ووجه غانتس بدوره انتقادات إلى بن غفير، ودافع عن قيام رئيس هيئة الأركان بتشكيل لجنة تحقيق "الأمر الذي يمكن أن يخدم الحرب على قطاع غزة والوصول إلى استنتاجات يحتاجها الجيش في هذه المرحلة".
وقال رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي:"يحدث هنا شيء يتوجب على الجيش الإسرائيلي استخلاص العبر منه. إذا حدث شيء غداً على جبهة أخرى، فنحن نريد أن نفهم ما الذي تسبب بالفشل في التسلسل القيادي. وهذا تحقيق عملياتي له إسقاطات على القتال في الشمال".