من المتوقع أن تتواصل الاتصالات اليوم السبت بين ممثلي النظام السوري وممثلي الأهالي في محافظة درعا، جنوبي البلاد، بهدف التوصل إلى اتفاق لـ"تسوية الوضع" في المحافظة التي شهدت خلال اليومين الماضيين تطورات متسارعة، بدأت مع محاولة قوات النظام اقتحام منطقة درعا البلد، ليعقب ذلك "انتفاضة" واسعة من جانب الأهالي والمسلحين المحليين في أرجاء المحافظة.
وأعلنت روسيا توصل نظام الأسد وممثلي أهالي درعا، لاتفاق لوقف إطلاق النار في المحافظة اعتباراً من أمس الجمعة، وذلك في أعقاب تصعيد عنيف للنظام أودى بحياة 18 شخصاً. وقال نائب رئيس ما يسمى "المركز الروسي للمصالحة في سورية" اللواء البحري فاديم كوليت، في بيان نقلته قناة "روسيا اليوم": "بفضل جهود القوات المسلحة السورية تم تحقيق استقرار الوضع، واعتباراً من 30 يوليو/تموز أُعلن عن وقف إطلاق النار"، والاتفاق مع من أسماهم قادة الجماعات المسلحة على تسوية الوضع في درعا. ولم يذكر المسؤول الروسي أي تفاصيل عن طبيعة هذا الاتفاق أو شروطه، بينما لم يصدر أي تعليق من نظام الأسد.
من جانبه، نقل "تجمع أحرار حوران" المحلي عن مصدر مطلع قوله: "توصلت لجان حوران المركزية واللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى اتفاق، يحمل بوادر حل مبدئي". وأضاف التجمع أن أبناء درعا أطلقوا أمس بوساطة وجهاء من البلدات ومن اللواء الثامن، سراح عناصر النظام الذين تم أسرهم الخميس شرقي درعا، مع إبقاء أسر العشرات في ريف المحافظة الغربي.
من جهته، ذكر أبو علي المحاميد أحد وجهاء درعا البلد في تسجيل صوتي على وسائل التواصل الاجتماعي: "قلنا لهم كل اتفاق مضى انتهى أمره، اليوم سال الدم في حوران ونحن نريد اتفاقاً جديداً. وبعد أن تهدأ الأمور وينسحب الجيش إلى مواقعه القديمة ويوقف الهجوم، يمكن أن نشكل لجنة للتفاوض على كل مناطق حوران، وتسليم السلاح لدينا هو خط أحمر".
في غضون ذلك، دفع النظام السوري بتعزيزات عسكرية تضم دبابات وراجمات صواريخ من الكسوة بريف دمشق إلى مدينتي درعا وازرع. وقال الناشط أبو محمد الحوراني لـ"العربي الجديد" إن تعزيزات كبيرة من الفرقتين الأولى والعاشرة، تضم دبابات وراجمات صواريخ، انطلقت من منطقة الكسوة فجر اليوم السبت ووصلت إلى مدينة ازرع، في حين اتجه قسم منها نحو مدينة درعا.
وأضاف أن النظام يحاول كما يبدو تجميع قواته في مناطق محددة، حيث سحب قسماً من قواته ليلاً من الريفين الشرقي والغربي وكامل قواته من بلدة المليحة الشرقية إلى اللواء 52 قرب الحراك ومعبر نصيب الحدودي. كما سحب النظام ليلا آليات عسكرية ودبابات من منطقة الري، ومجمع السالم بريف درعا الغربي، إلى حي الضاحية بمدينة درعا.
من جهتها، ذكرت شبكة "فرات بوست" التي تتابع تطورات مناطق شرقي سورية، أن الفرقة الرابعة التابعة للنظام سحبت نقاطها العسكرية المتمركزة على طريق دير الزور-البوكمال بريف دير الزور الشرقي باتجاه محافظة درعا، وأبقت على نقطة واحدة بالقرب من بلدة البلعوم.
وميدانياً، تشهد درعا هدوءاً حذراً باستثناء اشتباكات متقطعة على عدة محاور في درعا البلد، في حين ذكر موقع "تجمع أحرار حوران" أن فتى يبلغ 16 عاماً قتل وأصيب رجل نتيجة استهدافهما صباح اليوم السبت برصاص عناصر النظام على طريق نامر-خربة غزالة، شرق درعا، أثناء محاولتهما الذهاب إلى الفرن الآلي في بلدة خربة غزالة لشراء الخبز.
وبالتزامن مع هذه التطورات، تتواصل حركة نزوح آلاف المدنيين من مناطق درعا البلد والسد والمخيم في مدينة درعا، بحثاً عن أماكن أكثر أمناً، وهرباً من هجمات قوات النظام على مناطقهم، حيث نزح معظمهم إلى أحياء درعا المحطة، وسط صعوبة التنقل بين المناطق وإطباق قوات النظام حصارها على البلدات والقرى.
وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن عدد النازحين بلغ أكثر من 10 آلاف شخص تمكنوا من عبور حاجز السرايا العسكري الواصل بين جزئي المدينة.
من جهة أخرى، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن إقدام قوات النظام والمجموعات التابعة لها على اختطاف مجموعة من العائلات، جلّهم من النساء والأطفال، خلال تقدمهم على محاور شرق مدينة درعا. وحسب الناشطين، فإن تلك القوات تحتجز العائلات في أحد الأقبية على طريق غرز-درعا. كما أشار هؤلاء إلى أن قوات النظام شنّت خلال اليومين الماضيين أيضاً حملة اعتقالات في حلب شمالي البلاد، طاولت نحو 36 شخصاً من درعا، غالبيتهم من طلاب الجامعة، إضافة لبعض النازحين من درعا في أحياء مختلفة من حلب.
وأسفرت المواجهات بين أهالي درعا وقوات النظام خلال اليومين الماضيين عن مقتل عدد من قوات النظام وأسر أكثر من 80 بعد السيطرة على حواجزهم ونقاطهم العسكرية المنتشرة في مختلف أنحاء المحافظة، ويبدو أن سلطات النظام تحاول احتجاز بعض المدنيين من أبناء المحافظة للمقايضة عليهم مقابل إطلاق سراح عناصرها.
من جهتها، دعت "الجبهة الوطنية الديمقراطية" (جود) المعارضة الموجودة داخل سورية، الجهات الأممية إلى التدخل لفض الاشتباكات في درعا، التزاماً بالقرارات الدولية التي تحافظ على تحقيق السلم والأمن الدوليين.
وقالت "جود"، في بيان لها، إن نظام الأسد "نكث بوعوده بفك الحصار وفتح ممر آمن لإدخال المساعدات، وحرّك قطعات عسكرية لمحاصرة درعا لإلزام الأهالي بالقوة لتسليم المطلوبين أمنياً".
وطلبت "جود" في بيانها من "الجانب الروسي راعي الاتفاق الأخير، ضبط الأمور بين الأطراف حتى لا تنزلق إلى المجهول، وممارسة دوره بحماية السلم الأهلي".
وتضم "جود" أحزاباً وقوى معارضة من الداخل والخارج، ومقرها في دمشق.