اتفاق سنجار العراقية ينهي عامه الثاني بلا تنفيذ

11 أكتوبر 2022
نازحون أيزيديون في مدينة زاخو في كردستان (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

عام ثانِ يمضي على اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار الواقعة على بعد 115 كيلومتراً غربي الموصل، مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، من دون أن تتمكن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من تنفيذ أي من بنود الاتفاق، الذي يرتكز على إخراج مسلحي حزب العمال الكردستاني والجماعات المحلية المسلحة المرتبطة بهذا الحزب، وإعادة أهل المدينة من العراقيين الأيزيديين والعرب والمسيحيين والأكراد إليها.

وبينما تعيش المدينة التي تشهد نفوذاً للجماعات المسلحة، أوضاعاً غير مستقرة نسبياً، تحاول الجهات والقوى الكردية تنفيذ الاتفاق، من خلال فرض إدراجه على البرنامج الحكومي للحكومة التي يُنتظر تشكيلها.

إلى جانب مسلحي حزب العمال الكردستاني، ينشط في سنجار أيضاً عناصر مليشيات مسلحة تتبع فصائل حليفة لطهران

سيطرة الجماعات المسلحة على سنجار

وأبرمت الحكومة العراقية في بغداد والسلطة المحلية في إقليم كردستان، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

ويهدف الاتفاق أساساً إلى إخراج الجماعات المسلحة من البلدة، تمهيداً لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو 80 في المائة منهم يرفضون الرجوع، بسبب توتر الأوضاع في المدينة وسيطرة تلك الجماعات عليها.

وإلى جانب مسلحي حزب العمال الكردستاني، ينشط في المدينة أيضاً عناصر مليشيات مسلحة تتبع فصائل حليفة لطهران، مثل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".

في السياق، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، ماجد شنكالي، في بيان أول من أمس الأحد، إنه "في الذكرى الثانية للاتفاق، لم تستطع الحكومة المحلية حتى الآن من العودة إلى ممارسة عملها داخل البلدة، وما تزال الجماعات المسلحة تتواجد في قضاء سنجار، خلافاً لبنود الاتفاق، وما زالت غالبية العائلات النازحة غير قادرة على العودة بسلام إلى مناطقها".

واعتبر  شنكالي ذلك "تلكؤاً واضحاً من الحكومة الاتحادية، وبضغط معروف المصدر لإبقاء البلدة أسيرة لتلك الجماعات المنفلتة ومن يدعمها داخلياً"، مشيراً إلى أن "استمرار هذا الوضع لا يمكن القبول به".

وشدد على أن "تضمين الاتفاق في البرنامج الحكومي للحكومة المقبلة، شرط أساسي واجب التنفيذ خلال مدة قصيرة ومعلومة، وهي خطوة ينبغي التركيز عليها لمنح الثقة لها بعيداً عن التسويف والوعود غير المجدية".

شنكالي: تضمين الاتفاق في البرنامج الحكومي للحكومة المقبلة، شرط أساسي واجب التنفيذ

اعتبارات تمنع تطبيق اتفاق سنجار

من جهته، قال عضو المجلس المحلي في مدينة سنجار كريم شمو، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" من مدينة أربيل، إن "وضع سنجار لا يشي بوجود أي أمل قريب في تخلّصها من سطوة الجماعات المسلحة". ويهدد مسلحو حزب العمال الأعضاء المنتخبين بمجلس مدينة سنجار، وقد قاد الحزب حراكاً لتشكيل مجلس جديد من المحسوبين عليه أو المؤيدين لوجوده.

وأضاف شمو أن "اتفاق تطبيع الأوضاع في المدينة يخضع في جانب منه لاعتبارات إقليمية، وتحديداً تلك المتعلقة بإيران التي تدخلت عبر مليشيات عراقية مرتبطة بها، لتعزيز سطوة مسلحي العمال".

واعتبر شمو أن "وجود الجيش العراقي حالياً في المدينة، يمكن اعتباره لحفظ ماء وجه الحكومة لا أكثر، لأن انتشاره محدود، وهناك مناطق لا يمكنه الدخول إليها، بسبب رفض حزب العمال ومليشيا وحدات حماية سنجار". وأكد أن "الجيش العراقي قادر على فرض سيطرته وطرد تلك المليشيات، لكنّ أسبابا سياسية تعيق ذلك".

من جانبه، أكد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان الدوبرداني، على أهمية تنفيذ اتفاق سنجار. وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاتفاق الذي أشرف على إبرامه الكاظمي، كان سيعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستور، على المستويين الإداري والأمني، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة فيها، كما أنه يمهد لإعادة إعمار المدينة وعودة أهاليها المنكوبين بالكامل، بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان".

وتتحفظ قوى سياسية منضوية ضمن تحالف "الإطار التنسيقي" القريب من إيران، على بنود الاتفاق، وتعتبره تقوية لأربيل في المدينة المتنازع على إدارتها بين بغداد وإقليم كردستان. علماً أن بعض القوى المتحفظة، ترتبط بها فصائل مسلحة لها نفوذ في سنجار. ويقلل ذلك من فرص إدراج الملف ضمن جدول أعمال الحكومة المقبلة التي يسعى "الإطار" لتشكيلها.

شمو: الجيش العراقي قادر على فرض سيطرته وطرد المليشيات، لكن أسبابا سياسية تعيق ذلك

غياب الاستقرار الأمني في سنجار

يجري ذلك على الرغم من الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تشهدها المدينة، واستمرار الجماعات المسلحة في تنفيذ أجنداتها.

وفي السياق، قال مسؤول في ديوان محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "عدم تطبيق الاتفاق، أثّر على استقرار المدينة، ومنع عودة أهاليها النازحين". وأوضح أنه "على الرغم من وجود الجيش العراقي في سنجار، إلا أن الجماعات المسلحة ما زالت متنفذة، وتقوم بأعمال تخريب مستمرة".

وأشار إلى أن "تلك الجماعات تريد أن تعكس صورة عن المدينة بأنها غير مستقرة، من خلال أعمال العنف والترهيب والصدامات مع الجيش، لأجل إثارة الرعب في نفوس الأهالي ومنع عودة النازحين".

وأكد أن "التداخلات الإقليمية المتمثلة بدعم الجانب الإيراني للجماعات المسلحة الناشطة في المدينة، هي أحد أهم أسباب عدم تنفيذ الاتفاق". وشدد على "ضرورة تطبيق الاتفاق حفاظاً على المدينة وأمنها"، مشيراً إلى أن "على حكومة بغداد الإيفاء بوعودها وتحمّل مسؤولية تنفيذ اتفاق سنجار وإعادة العائلات النازحة إلى المدينة".

وكشف المسؤول نفسه عن زيادة أعداد مسلحي حزب العمال الكردستاني وتشييدهم أنفاقا في جبل سنجار، كمقرات آمنة لهم من الهجمات الجوية التركية، التي تنفذها أنقرة بين وقت وآخر على معاقل الحزب ومقراته في سنجار وضواحيها.

وبحسب أرقام دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، شمالي العراق، والتي تضم مخيماً لنازحي سنجار، فإن أكثر من 360 ألف كردي أيزيدي نزحوا من المدينة في عام 2014، يعيش 331 ألفاً و200 منهم داخل المخيمات وخارجها في المحافظة، فيما هاجر قسم إلى خارج البلاد، وعاد بعض آخر إلى مناطقهم.

بدوره، أوضح مدير دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك، بيرديان بير جعفر، في تصريح لمحطة إخبارية محلية، أخيراً، أن "هناك أكثر من 38 ألف عائلة من المكون الأيزيدي، نزحت من سنجار، تعيش خارج المخيمات"، مشيراً إلى أن "إجمالي عدد الأطفال الذين ولدوا خلال السنوات الثماني الماضية هو 100 ألف طفل".

وتطلق حكومة بغداد وعوداً بتنفيذ "اتفاق سنجار"، إلا أنها تواجه صعوبة في ذلك، بسبب رفض فصائل في "الحشد الشعبي"، وعناصر حزب العمال الانسحاب من المدينة. وتتجنب الحكومة اللجوء إلى سياسة فرض الأمر الواقع، تلافياً للتبعات التي قد تترتب على ذلك، واحتمالية المواجهة مع الجماعات المسلحة.

المساهمون