لا يزال ابتزاز الفلسطينيين الراغبين في مغادرة قطاع غزة، سواء للعلاج أو لغيره، مستمراً، عبر إجبارهم على دفع مبالغ مالية باهظة لشركة تابعة لأحد رجال الأعمال المقربين من النظام المصري. ويغادر بشكل يومي مئات الفلسطينيين عبر معبر رفح البري، من خلال التسجيل عبر شركة تابعة لرجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني، في مقابل بدل مادي بالدولار، في استغلال لحاجة الفلسطينيين المضطرين لمغادرة قطاع غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية الهمجية.
ووفقاً لشهادات مسافرين فلسطينيين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن "السلطات المصرية في معبر رفح البري زادت خلال الأيام القليلة الماضية رسوم المعبر، فعلى سبيل المثال ارتفع رسم العبور من 305 جنيهات (نحو 10 دولارات) لكل مسافر مهما بلغ عمره، إلى 525 جنيهاً (نحو 17 دولاراً) لكل مسافر سواء كان خارجاً من غزة أو عائداً إليها".
كما أن سلطات المعبر "تبيع المسافرين الفلسطينيين تذكرة الدخول بـ35 دولاراً، رغم أن التذكرة مكتوب عليها سعر 25 دولاراً فقط، وهو السعر الموحد لتذاكر دخول مصر في كافة المعابر والموانئ والمطارات".
وأضاف المسافرون أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن "العاملين في شركة العرجاني المتخصصين في مجال مساعدة المسافرين في المعبر، عادوا إلى جباية رسوم على كل مسافر تقدر بـ580 جنيهاً (18.7 دولاراً) مقابل وضع الأمتعة على عربة صغيرة لعدة دقائق".
ابتزاز الفلسطينيين على معبر رفح
في السياق، قال الناشط السياسي الفلسطيني، رامي شعث، إن "ما يجري على المعبر ابتزاز ورشى، وليس رسوم سفر"، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما يجري هو قيام شركة (هلا) التابعة لإبراهيم العرجاني، بجباية هذه المبالغ المالية بالدولار لصالح إدخال المواطنين، وكذلك إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، بإجبار المؤسسات الدولية على دفع الأموال لصالح شركة العرجاني".
وقال شعث: في "تقديري الشخصي إن قيمة المبلغ الذي قام العرجاني بجبايته من معبر رفح، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تقارب 150 مليون دولار، كحد أدنى، وذلك إذا وضعنا في الاعتبار أن 250 شخصاً يعبرون يومياً، من غزة إلى مصر، ويدفع كل فرد فيهم 5 آلاف دولار تقريباً، وهو ما مجموعه 1.25 مليون دولار يومياً، وذلك بالإضافة إلى حصوله على نحو 5 آلاف دولار على سيارة المساعدات الواحدة، تحديداً تلك التابعة للمؤسسات الدولية والإقليمية".
رامي شعث: ما يجري على المعبر ابتزاز ورشى، وليس رسوم سفر
وأضاف شعث أنه "حتى هذه اللحظة تستمر عمليات الرشى وابتزاز المواطنين الفلسطينيين المضطرين لمغادرة قطاع غزة، من خلال اصطفاف العشرات منهم على أبواب شركة (هلا) لدفع هذه الرشوة أمام أعين الأمن وأمام أعين الدولة المصرية، وفي ذلك إهانة للشعب المصري وإهانة للدولة أن تقوم شركة بهذا الأمر، من خلال ابتزاز المواطنين لدفع هذه المبالغ المالية مقابل دخولهم إلى مصر".
وأوضح أنه "رغم الفضائح التي نشرتها وسائل الإعلام عن هذه القضية خلال الفترة الماضية إلا أن العرجاني وجماعته مستمرون في ذلك".
أما نائب رئيس مركز "الأهرام للدراسات الاستراتيجية"، عمرو هاشم ربيع، فوصف في حديث لـ"العربي الجديد"، "ما يحصل على معبر رفح بأنه نوع من النصب والاحتيال، ولا يقال فيه إلا أنه مأساة حقيقية، وقلة ضمير ونخوة ورجولة، وذلك ناتج من غياب الرقابة"، مضيفاً أن "قرب هذا الشخص (العرجاني) من المسؤولين في الدولة المصرية، هذا في حال كان صحيحاً، وعدم وجود رقابة مالية وسياسية، ينتج الفساد".
عابرون و"ضيوف مميزون"
من جهته، قال مصدر مصري في معبر رفح البري، لـ"العربي الجديد"، إن "أكثر من 500 فلسطيني يغادرون قطاع غزة بشكل يومي، ما بين جريح ومريض وأصحاب الجوازات الأجنبية والإقامات في الخارج، بالإضافة إلى أن الكشف اليومي لشركة (هلا) التابعة للعرجاني، يقدّر عدد المغادرين بـ250 مسافراً، أي ما يعادل نصف المسافرين عبر المعبر بشكل يومي".
مصدر بمعبر رفح: يضطر 7500 مسافر عبر شركة العرجاني لدفع 33 مليون دولار شهرياً
وأشار المصدر إلى أن "هؤلاء المسافرين، يلقون معاملة مغايرة للتي يلقاها المسافرون الفلسطينيون العاديون، من خلال استقبالهم في صالة الضيوف المميزين داخل المعبر، وتسهيل سفرهم على الطريق، وإيصالهم إلى أماكن إقامتهم في القاهرة".
وأضاف أن "كل مسافر فلسطيني يغادر عبر شركة (هلا) يضطر لدفع مبلغ 5 آلاف دولار، فيما يدفع أيضاً للطفل الواحد أقل من 12 عاماً، مبلغ 2500 دولار. وبالتالي فإن عدد المغادرين عبر الشركة على مدار الشهر، يبلغ 7500 مسافر يضطرون إلى دفع مبلغ يتجاوز 33 مليون دولار".
وبحسب أحد العاملين في مجال السياحة والسفر بمصر، فإنه "رغم دفع هذه المبالغ المالية بالدولار وإجبار الفلسطينيين على دفعها، تظل أزمة الدولار حادّة في مصر"، مضيفاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الأولوية باتت لسفر من يدفع لصالح هذه الشركة من خلال التسجيل المعلن في فرعها في شارع مكرم عبيد في مدينة نصر، شرقي القاهرة، حيث يصطف الفلسطينيون من أقارب الذين ما يزالون في قطاع غزة، لدفع هذه المبالغ المالية داخل الشركة من أجل مغادرة القطاع، بالإضافة إلى دفع مبلغ مالي آخر، كرشوة للعاملين في المكتب، من أجل إدراج أسمائهم في أقرب وقت وإدخالهم إلى مصر".
وأشار المصدر إلى أنه "بالإضافة إلى اضطرار الفلسطينيين الذين يريدون مغادرة القطاع لدفع هذه المبالغ المالية، فإن الشركة أيضاً تسهل سفر المصريين العالقين في قطاع غزة، في ظل تراجع وضعف الإجراءات المصرية الرسمية في إجلاء الرعايا المصريين من قطاع غزة، وذلك بمقابل مادي يقدر بأكثر من ألف دولار لكل مواطن مصري يريد الخروج من قطاع غزة والعودة إلى مصر".
وأكد أن "شركة العرجاني تقوم بتحصيل مبالغ من المواطنين الفلسطينيين الذين أنهوا علاجهم في مصر، ويريدون العودة إلى قطاع غزة، من أجل إيصالهم إلى المعبر وتسجيل دخولهم إلى قطاع غزة".