إيطاليا: سالفيني يواجه حكماً بالسجن 6 سنوات في قضية سفينة اللاجئين

16 سبتمبر 2024
ماتيو سالفيني وجورجيا ميلوني في جلسة لمجلس النواب في روما، 26 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

بعد نحو خمس سنوات على قضية رفض وزير الداخلية السابق في حكومة جوزيبي كونتي ونائب رئيسة الحكومة الحالية في إيطاليا ماتيو سالفيني، رسو سفينة إنقاذ لاجئين، يجد نفسه اليوم أمام خطر الحكم عليه بالسجن ست سنوات. ماتيو سالفيني ليس اسماً عادياً في السياسة الإيطالية الجديدة، حيث صعد نجمه زعيماً لما كان يسمّى "رابطة الشمال"، لتمييز الشمال الغني من جنوب إيطاليا الأفقر، قبل أن يصبح حزب الرابطة في كل الأراضي الإيطالية.

وبصفته وزيراً للداخلية في عام 2019، ترجم الرجل تشدده بانتهاج سياسة "الموانئ المغلقة" برفض وصول سفن الإنقاذ غير الحكومية إلى موانئ البلاد، خصوصاً رفضه إنزال نحو أكثر من 140 من طالبي اللجوء من على متن السفينة الإسبانية غريغوريتي ممن انتشلوا في البحر الأبيض المتوسط في 25 يوليو/تموز من ذلك العام، بعدما انطلقوا من ليبيا في محاولة للوصول إلى أوروبا. وشهد اليوم نفسه غرق 110 مهاجرين قبالة سواحل ليبيا، ما دفع المنظمات الحقوقية والناشطين في عمليات الإنقاذ إلى توجيه نداء من أجل السماح لركاب السفينة بالنزول في موانئ الجنوب الإيطالي. وسُمح فقط لعدد قليل من اللاجئين بالنزول لأسباب طبية.

 وكثيراً ما ناشدت منظمة أوبن آرمز الخيرية، السلطات الإيطالية بضرورة السماح بإخلاء السفينة، بعد أن وصلت الصحة البدنية والنفسية للاجئين على متنها إلى "نقطة أزمة حرجة، وبظروف صحية مزرية، بما في ذلك تفشي الجرب". وفي مرات عدة منذ 2021، أثناء محاكمة سالفيني، وآخرها في يناير/كانون الثاني الماضي، كرر الرجل المناهض للهجرة لتعزيز شعبيته، أنه فهم أن الوضع لم يكن خطراً على متن السفينة. وقالت المدعية العامة مارزيا سابيلا يوم السبت الماضي، وفقاً لتقارير إعلامية إيطالية، إنه "كان يجب توفير ميناء آمن على الفور ومن دون تأخير". وقالت أيضاً إن "رفض القيام بذلك كان انتهاكاً للقواعد، وعدم التوافق مع خطة حكومية"، وإن "خيارات" سالفيني أدت إلى "فوضى".

الفوضى تلك خلقت أزمة جدية وتراشقاً إعلامياً بين سالفيني والدول الأوروبية، بسبب إصراره على أن تتحمّل دول الاتحاد الأوروبي مسؤولية الوافدين، مطلقاً خطاباً شعبوياً ناجحاً في اعتبار أن إيطاليا تُركت وحدها لتحمل مسؤولية طالبي اللجوء القادمين عبر مياه البحر الأبيض المتوسط. وأصر سالفيني على ضرورة إبحار السفينة نحو شواطئ إسبانيا، بينما ظل القائمون على غريغوريتي يؤكدون أن قوانين البحار تقضي بالوصول إلى أقرب الشواطئ، وكانت الإيطالية في تلك الحادثة.

وكانت باليرمو، عاصمة جزيرة صقلية الإيطالية، اتهمت السياسي البارز في 2020 بالاختطاف. وانضم الممثل الأميركي الشهير ريتشارد غيير مع آخرين إلى قائمة الشهود، واستدعي رئيس الحكومة السابق جوزيبي كونتي للإدلاء بشهادته في المحاكمة الجارية. والاتهامات التي يواجهها سالفيني تشمل من بين تهم أخرى، الاختطاف، وتعريض حياة الناس لخطر الغرق. ويعتبر سالفيني أن ما قام به في 2019 هو في سياق واجب كل مواطن يدافع عن وطنه، بعد أن ظل لسنوات يهاجم قضية تدفق اللاجئين/المهاجرين عبر القوارب باعتبارها مسألة مهددة لإيطاليا.

ومع أن مدة منع السفينة من إنزال ركابها من طالبي اللجوء لم تتجاوز ثلاثة أسابيع في صيف 2019، وجرى تقاسمهم لاحقاً بين دول أوروبية، بما فيها إسبانيا، أخذت القضية وقتاً طويلاً، بسبب أن جزءاً كبيراً من المحاكمة التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 ركز على تحديد ما إذا كانت عملية اتخاذ القرار والمسؤولية في القضية تقع على عاتق حكومة كونتي أو سالفيني وحده. والسبت، قال محامي منظمة أوبن آرمز أرتورو ساليرني لوكالة فرانس برس، إن الادعاء العام، مع اقتراب "المحاكمة الطويلة والصعبة" من نهايتها، يطالب بالحكم على وزير الداخلية السابق بالسجن عن دوره في منع نزول ركاب السفينة في جزيرة لامبيدوزا إلا بعد نحو 19 يوماً. ومن بين الاتهامات التي يواجهها سالفيني أيضاً، إلى جانب تهمة الاحتجاز والحرمان من الحرية، استغلال منصبه السياسي لفرض رؤيته وأفكاره بحق المنقذين في البحر الأبيض المتوسط، الذين يصر على تسميتهم بأنهم "مهربو بشر".

ومن المتوقع أن يصدر حكم في القضية خلال الشهر المقبل. ورفض سالفيني في تعليقات له على موقع فيسبوك الحكم عليه بالسجن متسائلاً: "ست سنوات في السجن لمنع الوصول والدفاع عن إيطاليا والإيطاليين؟ إنه جنون. الدفاع عن إيطاليا ليس جريمة". وكتبت حليفته في الحكم وزعيمة الحزب اليميني المتطرف الآخر إخوة إيطاليا، رئيسة الحكومة جيورجيا ميلوني، على موقع إكس مدافعة عنه: "من غير المعقول أن يخاطر وزير في الجمهورية الإيطالية بالسجن لمدة 6 سنوات لقيامه بوظيفته في الدفاع عن حدود الأمة، كما تقتضيه التفويضات التي تلقاها من مواطنيها". ويجد سالفيني دعماً في أوساط الحكومة الحالية. ومن ناحيتها، قدّمت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان، المعروفة أيضاً بسياساتها المناهضة للهجرة، دعمها لسالفيني برسالة دعم مساء السبت، زاعمة أنه كان هدفاً "للمضايقات القضائية التي تهدف إلى إسكاته". سالفيني شكر لوبان متعهداً بأنه لن يستسلم.