أكدت الخارجية الإيرانية، اليوم الإثنين، أن مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي "تتقدم في الاتجاه الصحيح"، معلنة أن "الخلافات تقلصت"، مشددة في الآن نفسه على أن الاتفاق المؤقت ليس على أجندة إيران في المفاوضات، إذ تسعى إلى اتفاق مستدام.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، الذي أعلن عن إحراز "تقدم جيد" في الملفات الأربعة، وهي رفع العقوبات والخطوات النووية وآلية التحقق من تنفيذ الالتزامات والضمانات التي تطالب بها طهران.
وأضاف خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن بلاده ترفض "الاتفاق المؤقت أو ما يشبه ذلك" في مفاوضات فيينا، مؤكدا أن "ذلك ليس على جدول أعمال إيران، وما نسعى إليه هو اتفاق مستدام يمكن الاعتماد عليه، ولن نقبل بغير ذلك".
وقال إن "أحد أسباب بطء المفاوضات في فيينا يعود إلى أن الطرف الأميركي ليس مستعدا بشأن بعض مقترحاتنا العملية في مجال التحقق"، مشيرا إلى أن هذه المفاوضات "تنتظر قرارات سياسية أميركية لإحراز المزيد من التقدم".
وربط المتحدث الإيراني التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا في زمن مناسب بـ"إرادة" الطرف الآخر، معلناً أن المباحثات مستمرة "في اتجاه صحيح حول مواضيع محددة ونقاط خلافية واضحة".
إلى ذلك، أكد خطيب زادة أن المفاوضات "خلال الشهر الأخير أحرزت تقدما مستمرا وأصبحنا أقرب من الاتفاق أكثر من أي وقت مضى"، مشيراً إلى أن الجولة الثامثة المنعقدة منذ قرابة شهر "ستستمر ما لم تكن هناك حاجة لعودة الوفود للتشاور وإذا وصلنا إلى نقطة تستدعي اتخاذ قرارات خاصة ستنتهي الجولة الثامنة".
ملف السجناء
وتعليقا على تصريحات كبير المفاوضين النوويين الأميركيين، روبرت مالي، الذي ربط التوصل إلى اتفاق في هذه المفاوضات بإفراج إيران عن أربعة سجناء أميركيين (مزدوجي الجنسية)، قال خطيب زادة إن "إيران لن تقبل أي شروط مسبقة"، داعيا مالي إلى عدم تعقيد المفاوضات بهذه التصريحات "أكثر من التعقيدات الحالية".
وأضاف أن ملف تبادل السجناء "منفصل" عن مفاوضات فيينا، مشيرا إلى اعتقال مواطنين إيرانيين في الولايات المتحدة بتهمة الالتفاف على العقوبات، وقال "منذ البداية أعلنا عن قلقنا بشأن استمرار اعتقال هؤلاء".
إلا أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أكد أن بلاده مستعدة لإبرام صفقة مع واشنطن لتبادل السجناء "إذا التزمت بالاتفاقيات السابقة".
وكانت إيران وكل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تجري مفاوضات لإبرام صفقة تبادل السجناء، بموازاة الجولات الست الأولى من المفاوضات النووية، واقتربت الأطراف من إتمام صفقة لتبادل السجناء، مع الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، لكن الصفقة لم تنجز، وسط اتهامات إيرانية للولايات المتحدة وبريطانيا بربطهما إنجازها بالتوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي.
وكان مالي قد قال، أمس الأحد، إنه من غير المرجح أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق مع إيران لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، ما لم تفرج طهران عن أربعة مواطنين أميركيين، تقول واشنطن إن إيران تحتجزهم رهائن.
وكرر مالي، في مقابلة مع وكالة "رويترز"، الموقف الأميركي "الثابت منذ فترة طويلة" بأن قضية الأشخاص الأربعة المحتجزين في إيران منفصلة عن المفاوضات النووية. لكنه اقترب خطوة من القول إن إطلاق سراحهم شرط مسبق للتوصل إلى اتفاق نووي.
وقال: "إنهما (قضيتان) منفصلتان، ونحن نتابعهما، لكنني أقول إنه من الصعب للغاية بالنسبة لنا أن نتخيل العودة إلى الاتفاق النووي بينما تحتجز إيران أربعة أميركيين أبرياء".
وتأتي تصريحات مالي فيما يُضرب نشطاء إيرانيون وأجانب عن الطعام منذ 5 أيام، أمام مقر المفاوضات في فيينا، للمطالبة بالإفراج عن السجناء في إيران، وخاصة مزدوجي الجنسية.
ويشارك في الإضراب التاجر اللبناني نزار زكا المقيم في الولايات المتحدة، والذي أفرجت عنه إيران عام 2019.
واعتقلت السلطات الإيرانية زكا في سبتمبر/أيلول عام 2015 خلال زيارة لإيران، وحكم عليه في يوليو/تموز 2016 بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة "التجسس" لصالح واشنطن. وقالت طهران حينذاك، إن زكا تربطه "علاقات كثيرة عميقة مع الأوساط العسكرية والاستخبارية الأميركية".
وانطلقت مفاوضات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن خلال إبريل/نيسان الماضي، وعقدت حتى الآن سبع جولات منها، والجولة الثامنة ما زالت مستمرة، وهي أطول الجولات.
وتسعى مجموعة (1+4) الشريكة في الاتفاق النووي، والمكونة من روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي، إلى تقريب وجهات النظر بين الوفدين الإيراني والأميركي خلال مفاوضات فيينا، وذلك في اجتماعات منفصلة مع الوفدين في فندقي "كوبورغ" و"ماريوت".
وتشهد الجولة الثامنة، أخيراً، اجتماعات مضغوطة، على مستوى لجان الخبراء ورؤساء الوفود بغية التوصل إلى اتفاق.
الموقف من تطورات اليمن
وخلال مؤتمره الصحافي، عرج خطيب زادة على أوضاع اليمن، قائلا إن "ما يشهده اليمن راهنا هو تراجيديا وكارثة إنسانية"، معلنا عن استعداد إيران للمساعدة في حل الأزمة اليمنية.
وهاجم خطيب زادة التحالف السعودي الإماراتي، قائلا إن "مسلسل القصف على اليمن يحصل بدعم بريطاني وألماني وفرنسي وأميركي".
وأضاف أن إيران "مستعدة للمساعدة في إطلاق حوار يمني يمني، وحل الأزمة عبر الآليات والحلول السياسية والدبلوماسية"، متهما الأطراف الغربية بـ"التدخل" في اليمن، للاستمرار في بيع الأسلحة للسعودية والإمارات.
وفيما أعلنت الولايات المتحدة عن توقيف شحنة عسكرية "إيرانية" متجهة إلى اليمن، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن ذلك "مجرد مزاعم تكررها أميركا كثيرا"، نافيا صحة توقيف شحنة إيرانية.
وأعلنت البحرية الأميركية، أمس الأحد، أنها احتجزت سفينة في خليج عمان تحمل أسمدة تستخدم في صنع متفجرات، مشيرة إلى أن السفينة ضبطت العام الماضي خلال محاولتها تهريب أسلحة إلى اليمن.